الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٠٥ مساءً

الحكم المصري بإرهابية حماس: عار غير مسبوق

القدس العربي
الاثنين ، ٠٢ مارس ٢٠١٥ الساعة ٠١:٢٧ مساءً

بإعلان محكمة مصرية حركة المقاومة الإسلامية (حماس) «منظمة إرهابية»، وهي الحركة التي تحكم عملياً قطّاع غزّة، وتعتبر من أهم الفصائل الفلسطينية، تنضم مصر إلى ثلاث دول في العالم فقط (إضافة إلى إسرائيل) في هذا التصنيف.

فالاتحاد الأوروبي الذي صنّف حماس كمنظمة إرهابية عام 2003 تراجع عن ذلك بعد أن قضت محكمة الاتحاد الأوروبي في 17 كانون الأول/ديسمبر عام 2014 بشطب المنظمة المقاومة لإسرائيل من قائمة المنظمات الإرهابية.

مجيء القرار القضائي المصري في الوقت الذي تتوالى فيه اعترافات البرلمانات الأوروبية بفلسطين وتزداد مطالباتها لحكوماتها بالاعتراف بها، يجعله في خطّ معاكس لما يحصل في العالم، هذا لو اعتبرنا مصر دولة أجنبيّة لا تربطها أي روابط مع فلسطين، وأن قضاءها وحكومتها لا يعطيان اعتباراً لعروبة الشعب المصري وإسلامه… دع عنك روابط الجغرافيا أو بديهيات السياسة.

وبذلك يقول القرار عملياً إن ما يربط النظام المصري القائم بالدولة الإرهابية الأقدم في المنطقة (إسرائيل) من وشائج السياسة والأمن أعظم من ارتباطه بوشائج الجغرافيا والعروبة والإسلام (المحكمة المصرية التي أعلنت حماس حركة إرهابية رفضت دعوى مماثلة ضد إسرائيل لأنها «غير مختصة»).

عملياً، يجعل القرار مصر، أكبر الدول العربية، في حلف موضوعيّ مع تل أبيب على الأقلّ، وفي تبعيّة سياسية (إذا احتسبنا موازين القوى القائمة مع إسرائيل وأمريكا) لأجندة هذه الدولة الإقليمية، على الأكثر.

يتزامن هذا القرار مع صدور أحكام بالسجن المؤبد على مرشد جماعة الإخوان المسلمين في مصر محمد بديع ونائبيه خيرت الشاطر ورشاد بيومي وقيادات أخرى، ليؤكد الخطّ الاستئصالي في السياسة المصرية ضد حركة «الإخوان المسلمين» (باعتبار أن «حماس» جزء من هذه الحركة)، داخل مصر وخارجها، كما يبين التراجع المستمر في مصداقية القضاء وتبعيته للسلطة السياسية.

يمكن بسهولة إعادة هذا التدهور في الرؤية الاستراتيجية للحكم المصريّ الى حدث 3 يوليو/تموز، وهو توقيت إزاحة الرئيس المنتخب محمد مرسي، مما أدخل الاجتماع والسياسة المصريين رهينة لاستقطاب داخليّ مدمّر.

سرعان ما وجد هذا الحكم ضالّته في تمويل إقليميّ (أو ربما كان الأمر سابقاً على ذلك)، فزاد على فقدان البوصلة الوطنية نزوعاً مغامراً للتدخّل المتزايد، شاهدنا فصوله تترى في ليبيا، لكنّنا لم نعتقد، ولو في أسوأ كوابيسنا، أن تتحوّل المغامرة العسكرية في مصر وليبيا، إلى فقدان للبوصلة الإسلامية والعربية والإنسانية في فلسطين.

كعادة القرارات السياسية الخاطئة فإن الإصرار على هذا القرار، رغم مجافاته للحقيقة والمنطق، سيحوّله، بالضرورة، إلى عقاب جماعيّ للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وهي المنطقة التي ما فتئت تعاني من التعسفين المديدين، الإسرائيلي والمصري، وهو ما دفع القياديّ في «حماس» صلاح البردويل، إلى القول إن الفلسطينيين أصبحوا «على جاهزية تامة» لاستقبال «عدوان أو استعراض للقوة من قبل بعض السياسيين المصريين».

وهو، لو حصل، سيكون قمّة غير مسبوقة في العار العربي.