الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٣٦ مساءً

أن تكون سيدا على اليمن .. ولكن بأي ثمن...؟

علي العمراني
الثلاثاء ، ٠٧ يوليو ٢٠١٥ الساعة ١٢:٣٥ مساءً
يحاول الحوثيون هذه الأيام الظهور باعتبارهم وطنيين يمنيين.. وقد يحلو لبعضهم المزايدة بإلقاء التهم وتوزيعها جزافا على غيرهم باعتبارهم غير وطنيين، خصوصا أولئك الذين يقتلهم الحوثيون في مواطنهم ومدنهم وقراهم أو يشردونهم داخل البلاد أو خارجها ..

والحقيقة فالحوثيون مواطنون يمنيون،،لكنهم أبعد ما يكونون للآسف، عن حقيقة الوطنية اليمنية ومقتضياتها ، ولا يشغلهم من أمر الوطنية اليمنية الحقة شيء ذو بال... وليس لهم هَمٌٓ ولا قضية سوى دعاوى الأفضلية والولاية وصراع علي ومعاوية ومظالم الحسين عليه السلام .. وليس هناك في أدبيات الحوثي وإسلافه أكثر أهمية من الأحتفاء بمسائل وبكائيات من هذا القبيل على مدار العام وكل عام منذ أكثر من ألف عام .. وكثير ما يتحدث الحوثيون عن يزيد العصر، وهم يقولون دائما، بأن لكل عصر يزيده، ويزيد كل عصر هو كل من يقول لهم لا .. ويزيد التاريخ اليمني الحافل ، الذي يمقته الإصطفائيون ويتجاهلونه ولا يحتفون به ،هي بلقيس وأروى وسيف بن ذي يزن وأسعد وتبع وذمار علي ، وهم أيضا بنو أمية وبنو العباس وسلاطين بني عثمان..وهم كذلك بنو طاهر وبنو رسول والأيوبيون... وهو إبراهيم الحمدي وحسن العمري وعبد الله السلال وعبد الرحمن الإرياني ... أما يزيد العصر فقد قالوا ذات حين بأنه علي محسن ومن قبل كان علي عبدالله صالح، حليفهم الان ، وهو الان عبدربه منصور وخالد بحاح وسلمان بن عبد العزيز وتميم بن حمد ... وكان يمكن أيضا أن ينضم إلى قائمة اليزيدين عبد الفتاح إسماعيل وسالمين وقحطان الشعبي، فيما لو قدر لهم أن يعيشوا في أيام الحوثيين السود ويقفوا موقف حق في وجه الشتات والقتل والدمار الذي تسبب فيه هؤلاء ضد ابناء اليمن وعدن على وجه الخصوص..

ولم يؤثر عن أدبيات التاريخ والفكر الإمامي عبر حقب الإلف عام الماضية كلها أي إشارة ذات بال تعبر عن ارتباط إو إحترام أو حفاوة أو اعتبار لأهل اليمن وتاريخهم الحافل ورموزهم الكبيرة ، وهم الآن - أي الحوثيون - لا يزالون يملأون الدنيا ضجيجا وصخبا وإحتفالات بكل ما يوحي بأحقية "السيد" وأفضليته وضرورة توليه وهيمنته على من سواه من أهل اليمن، حتى ولو تشرد وتقتل كل أحرار اليمن وتلاشت وتدمرت اليمن عن بكرة أبيها ..

في 2011 وصل غالبية اليمنيين إلى قناعة تامة بأهمية التغيير وإنهاء عهد الرئيس صالح الذي طال كثيرا وتطاول معه الفساد المهول واستفحل فيه الفشل .. وكانت اليمن الأكثر استحقاقا للتغيير في كل بلدان الربيع العربي بشهادة المراقبين الكثر .. وكانت ثورة شباب اليمن هي الأكثر بهاء وصمودا سلميا وعقلانية، وتحدث العالم من جديد عن الحكمة اليمانية وانتصارها وانتهى الأمر إلى وفاق، قابل للتطوير إلى تحالف تاريخي..ولكن..!

وفيما تسبب فشل حكم صالح الطويل في إحباط اليمنيين وتبديد آمالهم المشروعة عبر أكثر من ثلاثة عقود ، فقد تربص الحوثي بطلعاتهم وأحلامهم الجديدة الناجمة عن التغيير والوفاق، واتضح أن لا هَمََ له سوى أن يكون "السيد" .. ولعل البون شاسع بين من يريد أن يكون اليمن سيدا ، ومن يصر على أن يكون وحده السيد على اليمن بأي ثمن..!

وكم أمعن الحوثيون في التذرع بحجج وتبريرات واهية وكاذبة لكل معركة يخوضونها ضد اليمنيين في غفلة من الضمير الجمعي ، وغياب الشعور بالمسؤولية الوطنية والتاريخية لدى المعنيين بالدفاع عن الشعب وحرماته ورموزه ومقدراته .. وقد برر الحوثيون قتالهم لأهل دماج، بأنهم إنما يقاتلون الأجانب الوافدين الغرباء ..أما معركتهم وقتالهم في الخمري وحوث فكان من أجل المرور في الطريق فقط.. ! وقالوا عن معركة عمران إنما يريدون بها تغيير المحافظ وقائد اللواء فقط .. أما حصار صنعاء ومن ثم اجتياحها، فقد كانت بحجج من قبيل تخفيض أسعار المشتقات النفطية وإسقاط الحكومة... وأيضاً ثم أيضا، تنفيذ مخرجات الحوار ...!

أما اجتياحهم لمحافظات الوسط والجنوب والشرق والغرب من بعد، فهو في سبيل ملاحقة وقتال الدواعش ... !

كتبت قبل أكثر من عام هنا ، وقبيل سقوط عمران ، ناقلا ما سمعته عن سفير دولة عظمى، حيث قال : الحوثيون يقدمون كل مرة مبررا جديدا لحروبهم المتعددة .. كيف هذا ...؟! تساءل السفير الذي صارت دولته الان أقرب إلى الحوثيين وهو يبتسم... ! كانت دولته فيما مضى موآزرة لليمنيين حتى وقت التشطير ، لكنها الان تعرقل ما أمكنها حتى في مجلس الأمن .. سبحان مغير الأحوال ..!

الخلاصة : الحوثيين مواطنون يمنيون .. نعم .. لكن نتاج فكرهم ونتائج أعمالهم وآشكال عدوانهم تجعلهم أبعد ما يكون عن الوطنية اليمنية الحقة ومقاصدها وواجباتها ومقتضياتها .. بل لقد أضروا باليمن وأجحفوا بأهلها بما لا سابق له في التاريخ ..
أبعد كل هذه المحن والفتن التي تسبب فيها هؤلاء الأخوة الأشقياء .. يأتي منهم من يتحدث عن اليمن وعن الوطن ..؟
يا لها من جرأة ...!