الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٣٩ مساءً

السُلطة... ورطة الحوثيين الكبرى

علي البخيتي
الاثنين ، ١٦ مايو ٢٠١٦ الساعة ٠٥:٢٧ مساءً
تولي السلطة في الأوقات العادية مسؤولية كبيرة، فكيف في الأوقات الاستثنائية في حياة الأوطان والشعوب، تكون عندها أشبه بالانتحار السياسي لمن يتصدى لها.
يُقدِم الحوثيون على الكثير من الخطوات السياسية دون دراسة لسلبياتها وايجابياتها، فلا وجود لنظام مؤسسي لديهم يناط به اتخاذ القرارات المهمة، وهنا يكمن مقتل الحركة، حيث تتورط في الكثير من الأخطاء الكارثية، التي غالباً ما تبدأ بخطأ عادي أو متوسط، ثم يكبر الخطأ مع مرور الوقت حتى يتحول الى خطر حقيقي يتهدد وجودهم.
***
أهم هذه الأخطاء هو توليهم للسلطة، الذي بدأ بحراك شعبي مطلبي سانده الكثير حتى من خارج الحركة، لأن مطالبه المُعلنة كانت محقة على المستوى النظري، وسرعان ما تطورت الاحتجاجات الى صدامات مع الجناح العقائدي في النظام بقيادة اللواء علي محسن الأحمر ووزراء محسوبين على حزب الإصلاح في حكومة باسندوة، قتل على اثره وجرح عشرات المتظاهرين الحوثيين السلميين في صنعاء، وانتهى باقتحام مسلح للعاصمة صنعاء بهدف مُعلن وهو ضرب هذا الجناح وعلى رأسه علي محسن، وأيدهم فيه الكثير أو صمتوا عنه على الأقل، على اعتبار أن الحوثيين ينتقمون لهم من ذلك الجناح، وكانت دائرة المؤيدين واسعة جداً، وممتدة من شمال اليمن الى جنوبه ووسطه وشرقه وغربه، وفسر الحوثيون ذلك التأييد خطأ، على اعتباره تأييداً لهم ولمشروعهم الفكري الخاص، ولم يدركوا أنه تأييد سياسي ناتج عن اتفاق لحظي في المصلحة.
***
الخطأ في تفسير ذلك التأييد لهم في مطالبهم وتفهم الكثير لمعركتهم مع جناح علي محسن والإصلاح في السلطة في حينه دفع الحوثيون الى ارتكاب خطيئة، تمثلت في اعلانهم الدستوري الذي نصبوا أنفسهم بموجبه حُكاماً لليمن، دون أن يضعوا في بالهم الحسابات السياسية للقوى اليمنية المحلية ولا مصالح ومخاوف القوى الإقليمية أو الدولية، وتعاملوا مع اليمن وكأنها في كوكب لوحدها بإمكانهم أن يفعلوا فيها ما يشاؤون دون اعتراض من أحد طالما امتلكوا القوة الكافية لقمع الأطراف المحلية.
***
تحولت الخطيئة الى كرة ثلج تكبر مع مرور الوقت وتسحق في طريقها كل ما يعترضها، وانتقل الحوثيون من السيطرة على رأس السلطة الى المراكز الأدنى وصولاً الى إدارات عادية في الدولة، وكلما استحوذوا أكثر على الوظيفة العامة زاد خصومهم وزادت التيارات والأحزاب التي تتبرم من انقلابهم بما فيها الأطراف والأحزاب التي صمتت عن أو أيدت انقلابهم، على اعتباره كان موجهاَ ضد خصوم مشتركين.
***
تجاوز الحوثيون بانقلابهم خصومهم، وضربوا حتى حلفائهم، فالكثر من الذين التفوا حولهم وغالبهم من الساعين وراء المصالح وراكبي الموجات أصبحوا هم الموجه الحقيقي لتصرفات الحركة على الأرض، وغابت تماماً الأهداف المعلنة في بداية التحرك، ولم يعد أحد يتذكرها، فقد جر الحراك وبعده الانقلاب البلد الى حرب وعدوان اشتركت فيه دول إقليمية ومن خارج الإقليم، ونسي الجميع في غمرة تلك الأحداث الشعارات المطلبية التي رُفعت في بداية التحرك.
سلطة الحوثيين شكلت ورطة حقيقية ومأزق خطير لهم، يتهدد وجودهم، بعد السخط الشعبي الهائل عليهم، والناتج عن فشلهم الذريع في إدارة البلد، لعدة عوامل، أهمها عجزهم وقلة خبرتهم، وممارساتهم وأخطائهم الجسيمة أثناء توليهم للسلطة، والتي لا مجال هنا لتعدادها، إضافة الى تكالب خصومهم والكثير من الدول المحيطة باليمن عليهم، وأصبحت كذلك ورطة للبلد، فلا يمكن للتيارات السياسية المحلية -بما في ذلك حزب المؤتمر- القبول بها، إضافة الى هواجس دول الإقليم وأهم دول العالم منها، ومع سعي تلك الأطراف لإسقاط تلك السلطة لم يُميزوا بينها من ناحية، وبين الشعب والدولة ومؤسساتها في اليمن من الناحية الأخرى، وما تبقى من دولة ومؤسسات أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الانهيار، واذا ما حصل الانهيار الكبير فإنه لن يقتصر ضرره على اليمن، بل سيكون زلزال سيعصف بالمنطقة برمتها، وعلى رأسها السعودية، الأكثر قرباً والتصاقاً وتداخلاً باليمن.
***
الطريق الوحيد لنجاة حركة أنصار الله/ الحوثيين هو المسارعة بترك السلطة وفق خطوات تضمن بقائهم، وعمل مراجعة لأداء الحركة في المرحلة الماضية، فاستمرارهم في السلطة بات لا يتهدد الحركة لوحدها، بل يتهدد اليمن بأكمله، كوطن واحد، ونسيج اجتماعي متعايش.

من صفحته على الفيس بوك