الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٣٠ مساءً

"خارطة الطريق اليمنية" ..بيع الوهم

عبدالوهاب العمراني
الخميس ، ٢٣ يونيو ٢٠١٦ الساعة ٠١:٥٤ مساءً
الأمم المتحدة تناقض أدبياتها في جزائية الحالة اليمنية فعلي سبيل المثال إجرأت الفصل السادس من الميثاق عنوانها حل النزاعات بالطرق السلمية بين أطراف النزاع وتسعى الأمم المتحدة للتوفيق بين أطراف النزاع سلميا ، ومن هنا يجعل المراقب في شك وريبة ما جرى ويجري في دهاليز المنظمة الدولي فبينما إحاطة ولد الشيخ توحي ومنذ بدء المفاوضات انها تسير بطرق التسوية السياسية السلمية وفق الفصل السادس من الميثاق وليس وفق الفصل السابع عقوبات ، وغدا جليا بأن الأمم المتحدة تستغل ضبابية المشهد وجهل وتشويش الرأي العام المتأثر بأعلام الإطراف المتصارعة إضافة لحالة اليأس والقنوط التي عمت الشعب اليمني الذي يعاني شظف العيش ويكابد المعيشة ويقلق على مستقبلة على القبول بأي إتفاق ولو كان هشاً ، وهذا الرأي العام يجهل أيضا أبعاد ومخاطر التسوية التي قد تفرض من الأمم المتحدة ، فالدول التي أنهكتها الحروب تبالغ في دور الأمم المتحدة فليس مطلوب منها إنها الانقلاب او شرعنتة او حتى شرعنة العدوان رغم ان تدخل التحالف في اليمن كان بمسوغات قانونية بناء على طلب الحكومة المعترف بها عالميا تماما كالحالة السورية التي استدعت قوة روسية ، ودور المنظمة الدولية محدود وحسب ميثاقها يتلخص في إحلال السلام بالوساطة بين الفرقاء المتنازعين ، وما يردد عن ترتيبات أمنية هو بداهة مصطلح انقلابي بامتياز بدا المبعوث ألأممي الترويج له اليوم
لقد غدا معلوماً بأن السيد ولد الشيخ في المضمون يسير على نهج سلفه جمال بن عمر (وإن بدرجة أقل) والذي كان متفائلاً على طاولة الحوار الذي طال أمده في فندق (الموفمبيك) في الوقت الذي كان الرئيس هادي والمعترف به حينها لدى طرفي الانقلاب كان تحت الإقامة الجبرية .
وكلاهما أي المبعوث الحالي والسابق دأبوا على تسويغ الآمال والتبشير بحل شامل مرتقب ، بعد كل هذا يمكن القول بأن الكرة اليوم في ملعب المنظمة الدولية التي تبيع الوهم ولدى المندوب ألأممي تحديداً
وفي هذا السياق أيضا بأن ما يسمى بالخارطة السياسية هي نسخة مهذبة لاتفاق السلم والشراكة فكلاهما يخرجان من فوهة البندقية أي فرض أمر واقع سواء قبل الحرب بسقوط صنعاء او اليوم بمحاولة شرعنة الانقلاب بناء على مسوغات سلطة المر الواقع بسياسة الاستقوأ والغلبة ، وقد تكون الرؤية ضبابية ولن نتسرع فقط بضعة أيام تنجلي الحقيقة كاملة .
ينبغي على اليمنيون الاستفادة من تجربة الأمم المتحدة في بؤر ساخنة عربية وفي اليمن ايضا فإخفاق السيد ولد الشيخ هي امتداد للفشل الأساسي الذي أسسه سلفه جمال بن عمر فبعد نحو 35 زيارة مكوكية أفضت لانقضاض ميلشيا الحوثي على صنعاء وبالتالي على كل مفاصل الدولة ولا زالت حوثنة الدولة إلى اليوم تتزامن للأسف مع سير المفاوضات منذ شهرين التي ينبغي فيها وقف اطلاق النار والتوقف عن تعزيز وتوسعة جغرافية الأمر الواقع .
وغدا الراي العام ايضا يدرك بأن التئام أطراف التفاوض في الكويت بنا على موافقتهما في آخر لقاء اتفاق قبله في سويسرا ببنود معلومة وهي المرجعيات الثلاث ( المبادرة الخليجية والحوار الوطني القرارات الدولية ) ويفترض بأن مشاورات الكويت هي لتنفيذ القرار وليس الالتواء عليه والتدليس لينتهي الأمر بنسف تلك المرجعيات لإعادة اتفاق السلم والشراكة السئ الصيت وها ما يعني فرض أمر واقع دولي يكرس أمر واقع محلي واقع بسياسة الغلبة)
ضبابية الرؤية لمألات مشاورات الكويت بعد نحو شهرين من بيع الوهم .
تأتي إحاطة ولد الشيخ وخارطة الطريق بمثابة بالونة اختبار لجس نبض الأطراف ، ففي الوقت الذي كان رد الحوثيين في الجبهات محاولات التوسع جغرافيا وعدم الاعتراف بالشرعية والإصرار على حكومة شراكة قبل أي اتفاق فقد كان رد الوفد الحكومي من خلال بيان حازم وقوى يحدد موقف الوفد من إحاطة ولد الشيخ بالأمس ويؤكد انه وبسبب عدم التزام الانقلابيين بالمرجعيات فأنه لم يتم الاتفاق على أي شيء حتى الآن وانه لا يمكن الحديث عن أي ترتيبات سياسيه قبل تنفيذ الانسحاب الكامل للمليشيات وتسليمها للأسلحة واستعادة الحكومة الشرعية لمؤسسات أجهزة الدولة
وأن أي شراكة سياسيه في المستقبل يجب ان تكون بين قوى وأحزاب سياسية لاتتبعها مليشيات
تركت إحاطة المندوب الأممي ولد الشيخ أثراً بالغاً وردود أفعال لدى الرأي العام اليمني فعلى سبيل المثال وزير الثقافة السابق خالد الرويشان غرد يومها بالتالي:
في إحاطته لمجلس الأمن توطئةً لخارطة طريق قادمة خلال ساعات يتحدث عن حكومة وحدة وطنية وكأنها الغاية والحل!
وينسى أن كارثة ٢١ سبتمبر ٢٠١٤ حدثت في ظل حكومة وحده وطنية !
يتحدث عن مهام الحكومة وأهمها قانون الانتخابات
تحدث عن احترام القانون والقرارات الدولية ، والدساتير !
لا تنقصنا الدساتير يا بائع الأوهام ، ما ينقصنا هو احترام القانون والقرارات الدولية والاتفاقيات !
ما ينقصنا .. أن أحداً لا يشعر بآلامنا.. حد الموت !
اليمنيون رغم الهرج والمرج والتضليل وحدة الاستقطاب السياسي والطائفي ليسوا اغبيا حتى يُمرر لهم خارطة طريق ملغمة في اكثر من مفصل في مفرداتها فقد استوعبوا اخطاء وكارثة المبادرة الخليجية السيئة الصيت التي منحت حصانة ممن لا يحق له إلى من لا يستحق ، وهذه النتيجة جعلت من المؤتمر الشعبي مسمار جحاء لأعادة تدوير الفساد من خلال الدولة العميقة .
غدا واضحاً بأن مضمون هذه الخارطة تفصح عن توجه لدى القوى الدولية المهيمنة التي يمثلها ولد الشيخ ويعمل لمصلحتها، لتبني حوار ” وطني ” شامل بمشاركة النساء والشباب، ” فإذا كان حوار طال أمده لنحو عام ومن أخطاء هادي آنذاك هو السماح للحوثيين بالانخراط في ذلك الحوار وهم مجرد ميلشيا ، فالحوار قد انجز محطات غدت نظرية ليس إلا تضاف لسلسلة الأدبيات التي أكل الدهر عليها وشرب لأكثر من نصف قرن من الزمن ، فالقوانين والدساتير والمواثيق والعهود غدت مبادئ مفرغة من مضامينها ومجرد قيم افتراضية ليس إلا
تفترض أطروحات ولد الشيخ بأننا لازلنا في مرحلة انتقالية أصلا مع إننا ضحية مراحل فاشلة فمرحلة انتقالية تفرز تالية لها وحرب تلد أخرى وغدا الشعب اليمني حقل تجارب لمراهقي السياسية ولعبة الأمم

* كاتب ودبلوماسي يمني