الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٠٩ مساءً

ولد الشيخ ليس عضواً في جماعة الحوثيين يا صالح الصماد

علي البخيتي
الأحد ، ١٢ فبراير ٢٠١٧ الساعة ٠٧:٤٩ صباحاً
الشكوى التي تقدم بها الصديق صالح الصماد رئيس المجلس السياسي الأعلى لسلطة الحوثيين والمؤتمر ضد المبعوث الدولي لليمن السيد إسماعيل ولد الشيخ تنم عن قصر نظر فاحش في التعامل مع القضايا السياسية وبالأخص المتعلقة بالأمم المتحدة والمجتمع الدولي، فقد طالبت الرسالة وبشكل واضح بتغيير ولد الشيخ أحمد، وعددت لذلك الكثير من الأسباب، من ضمنها أسباب فيها تجريح شخصي له، عبر اتهامه بضعف خبرته السياسية وقدراته الذاتية وكفاءته المهنية، معللين ذلك بأنه جاء من ساحة العمل الإنساني لا من ساحة العمل السياسي، وكأن مفاوضي الحوثيين جاءوا من ميدان العمل السياسي الدولي، أو أنهم من خريجي جامعة هارفرد أو جامعة ستانفورد أو كامبريدج أو أكسفورد، وأجزم أن أعضاء وفد الحوثيين وممثليهم في المجلس السياسي لم يسمعوا عن تلك الجامعات قط في حياتهم، ولا علاقة لهم بالسياسة الدولية من قريب أو بعيد، لكنهم يشككون في كفاءة ولد الشيخ، ابن الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي، ومنظمات مختلفة لعدة عقود، بما يفوق عمر أكبر أعضائهم.
***
وبغض النظر عن صحة التهم ذات البعد الشخصي التي وردت في رسالة الصماد للأمين العام الجديد للأمم المتحدة –مع قناعتي الشخصية أنها عارية عن الصحة تماماً- الا أن المؤكد أن من صاغ الشكوى لا يفقه في السياسة شيء، فما كتبه تجريح أكثر منه شكوى، وكان يفترض أن يكتفي –إذا أراد أن ينظر الى شكواه باحترام وبجدية ويكون لها أثر- بعرض الأسباب الموضوعية لشكواه دون الخوض في المسائل الشخصية، والتي أظهرت أن الكاتب حاقد على المبعوث الأممي أكثر منه معترض على سياساته، كما أن الحوثيين آخر من يتحدث عن ضعف القدرات السياسية، فأحد أعضاء وفدهم لم يفرق بين سوريا وروسيا الا قبل عام واحد فقط، وكان يخلط بينهما معتقداً أنها دولة واحدة، وأغلب سياسيي الحركة لا علاقة لهم من قريب أو بعيد بالسياسة الدولية، ولم يقروا كتاباً واحداً طيلة حياتهم، ويتفاوضون مع العالم وكأنهم يتفاوضون مع طرف قبلي في رأس أحد الجبال، وصياغة الشكوى بتلك الطريقة دليل على ذلك، فحتى لو كان هناك نية للأمم المتحدة لتغيير ولد الشيخ أو عدم التمديد له، فشكوى الحوثيين ستثبته في منصبه، حتى لا يقال أن الأمين العام للأم المتحدة استجاب لطلب انقلابيين، وبالتالي فقد ثبتوا ولد الشيخ في منصبه، وفي نفس الوقت كسبوا عداوته –مع إيماني أنه لن يعاملهم بالمثل ولن يحيد عن مواقفه الموضوعية وحياده بسبب شكوى-، وهنا يظهر الغباء الفاحش وانعدام الخبرة السياسية لمن صاغ الشكوى، ولمن وافق على صدورها من أعضاء المجلس السياسي، لأن نتائجها ستكون عكسية تماماً، ومن مختلف الجوانب، حيث كان ينقصها بند يطالب فيه ولد الشيخ بتأدية صرخة الحوثيين وشعارهم الشهير (الله أكبر الموت لأمريكا........)، وكرد على الشكوى يكفي ولد الشيخ أن يقول جملة واحدة فقط: (آسف، لست عضواً في مجلسكم السياسي لأتبنى كل تلك المطالب).
***
لا يدرك الحوثيين تصنيفهم لدى الأمم المتحدة، ولا كيف ينظر المجتمع الدولي لهم ولسلطة المجلس السياسي برئاسة الصماد، حيث أن الجميع ينظر لهم كحركة مليشياوية انقلابية، لكنهم صاغوا الشكوى وكأنهم سلطة معترف بها دولياً، عندما تحدثوا عن أن ولد الشيخ غير معادلة المفاوضات، ملمحين الى أنهم وخصومهم على قدم المساواة في قرارات مجلس الأمن، بينما الواقع يقول أن قرارات مجلس الأمن واضحة وتتعامل معهم كانقلابيين، ومع هادي كرئيس شرعي، كما أن أقرب حلفائهم وهي إيران لم تعترف بهم الى اليوم، فكيف يريدون من المجتمع الدولي ومبعوثة أن يتعاطى مع القضايا من منظورهم الخاص، ويقارنهم أو يتعامل معهم -في كل صغيرة وكبيرة- كما يتعامل مع سلطة معترف بشرعيتها دولياً، وهذا ليس تعصباً مني لهادي وشرعيته –التي لا أعترف بها- لكني أتحدث عن واقع، وعن نظرة العالم لسلطة الحوثيين من ناحية، ونظرتهم لشرعية هادي من الناحية الأخرى، ويكفي الحوثيين أن سوريا والى الآن ترفض الاعتراف بالسفير نايف القانص الذي عينوه لديها، ويتعاملوا معه كمشرف على السفارة فقط، وأتوقع أنه في حال عين هادي سفيراً لدى سوريا، أن يتم اعتماده، واذا كان هذا موقف سوريا، وما أدراك ما سوريا وايران وحزب الله في هذا الصرع، فكيف تريدون أن يكون موقف غيرهم وموقف الأمم المتحدة وولد الشيخ؟!!..
الواقع يقول أن ولد الشيخ يتعاطى بإنصاف مع أطراف الأزمة في اليمن، بل أنه يُتهم بالميل للحوثيين والمؤتمر وحلفائهم، لأنه يضعهم على قدم المساواة في الحوار، وجعل من الطاولة مناصفة بينهم، مع أن قرارات مجلس الأمن تتحدث عن شرعية وانقلاب، وتطالب من الانقلابيين تسليم أسلحتهم للشرعية وانهاء مفاعيل انقلابهم دون قيد أو شرط، ولم تتحدث عن نقل للسلطة، والكثير من النقاط الواردة في خارطة ولد الشيخ.
***
ولاستحالة تطبيق قرارات مجلس الأمن يعمل ولد الشيخ وسفراء الدول العظمى والاتحاد الأوربي على موائمتها مع الواقع، متجاوزين أحياناً بعض مضامين تلك القرارات، التي صدرت في فترة زمنية جرفت واقعها الكثير من المتغيرات، ما دفع الكثير من أعضاء مجلس الأمن مثلاً للحديث عن أن قرار مجلس الأمن رقم 2216 المتعلق باليمن شابه بعض الأخطاء، وأنه يستحيل تطبيقه حرفياً بصيغته، وأن الواقع تجاوزه، ومن الدول التي عبرت عن ذلك صراحة بريطانيا، إضافة الى موقف روسيا الذي امتنع عن تأييد القرار من البداية.
***
ولد الشيخ يتعرض لهجوم شرس من طرفي الأزمة في اليمن، وهذا دليل على نزاهته، وموضوعيته في أداء مهمته، وعدم انحيازه لأحد، والمتابع لتصريحات هادي ووزير خارجيته ومطبخهم الإعلامي سيلاحظ ما يدحض كل اتهامات الحوثيين والمؤتمر له، التي عرضتها رسالة الصماد، والدليل الأهم على ذلك أن هادي والى اليوم يرفض #خارطة_ولد_الشيخ التي طرحها بالتعاون مع الرباعية وكيري، بينما الحوثيين والمؤتمر وقعوا على رسالة أكدوا التزامهم بالخارطة.
***
لدي الكثير من الملاحظات على أداء ولد الشيخ، وأشترك مع الحوثيين والمؤتمر في بعض النقاط الموضوعية التي طرحوها، لكن تبقى تلك وجهة نظرنا الخاصة، تحتمل الصواب، لكنها في نفس الوقت تحتمل الخطأ، وكان من الأفضل لهم تقديم احتجاج متضمن نقاط موضوعية للأمين العام للأمم المتحدة، ويناقشوا ولد الشيخ نفسه بخصوصها، لا أن يطالبوا بتغييره، ويُجرحوا في شخصه بشكل غير لائق يُظهر مدى سطحيتهم، وافتقارهم للمهارة السياسية عند التعاطي مع قضايا بهذا الحجم والخطورة.
***
على الصماد والمجلس السياسي ووفد الحوثيين والمؤتمر أن يسارعوا الى معالجة هذا الخطأ الفادح، وأن يسعوا الى ترميم علاقتهم بولد الشيخ، لأنه سيبقى في مكانه، وبالأخص بعد رسالتهم الغبية التي عمدت التمديد له.