الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٤٥ مساءً

خواطر وجدانية .. من وحي الثورة

عباس القاضي
الاثنين ، ٢٦ سبتمبر ٢٠١١ الساعة ٠٤:٢٠ مساءً
من وهج الثورة ورائحة الحرية, جاءت خواطري تنقِّب عن كنوز طمرها غبارُ النسيان , من اهازيج قد اضمحلت وقصائد قد ذابت واناشيد قد ذبُلت فجاءت هذه الثورة فنفخَت فيها من روحها فوقفنا لها ناصتين .

من هذه الكنوز قصيدة "نشوان" هذه القصيدة توفر فيها عوامل نجاح أي عمل فني من كلمات والحان وأداء,,لنقف قليلا عند الكلمات ,فقد صاغها الشاعر المبدع د/سلطان الصريمي , وكان موفقا في أسلوبه الذي كان بمثابة وصية ينقل فيها خبرة وحكمة الآباء والأجداد الى الأبناء ,وهذا الأسلوب يتميز بالوجدان وصدق العاطفة ,ويعطيك إحساسا بأنه يخاطب فيك العقل والقلب معاً, شأنه شأن نزار قباني في قصيدته" قارئة الفنجان" ومطلعها " بحياتك يا ولدي امرأةٌ عيناها سبحان المعبود........" والذي اضاف لها الموجي لحناً وعبد الحليم اداءً جعلها تصدح في الشارع العربي حتى الآن رغم مرور عشرات السنين .

وعودة إلى قصيدة "نشوان" ولكن مع اللحن والأداء , فالمرشدي نسج من أشعة الشمس بلونها الوردي شروقا والإرجواني غروبا ومن نور القمر السمهري تألقا,,ثم وضع أنامله فلمس أرض الوطن بجباله وسهوله ووديانه وشواطئه ثم قبض قبضة من أثر تراثه ثم سكبها لحنا يتماوج مع الكلمات كأمواج بحر حقات , ثم كساها بطبقات صوته المميزة , التي تحتار عندها هل المرشدي هو الذي اختار القصيدة,,أم القصيدة هي التي أختارته ؟؟.

أما من حيث الدلالات فتعالوا نقتطف منها بعض المقاطع كوننا في خواطر ولسنا في دراسة نقدية .
يقول في المقطع الثالث "قطر العروق شا يسقي الورد يا نشوان.... " .
ونحن نعرف أن الألفاظ أوعية للمعاني فإننا لا نستطيع أن نأتي بلفظٍ يحوي معاني الألم والأمل في خمس كلمات أو في صدر بيت من الشعر .

ومن دلالة وصيته " حسك تصدق عجائب طاهش الحوبان" .فالقصيدة لها اكثر من ثلاثة عقود وكأنها وليدة الساعة .
وأظنكم لا تختلفوا معي بأن طاهش الحوبان هو الإعلام الرسمي والذي حذرتنا القصيدة من تصديق عجائبه . وعجائبُه كثيرة يكفي بأن نسلطَ الضوء على مشهد ظهر في الفضائية اليمنية من خلال برنامج حواري حيث كان أحد المتحدثين يرتدي بدلة رسمية مع ربطة عنق, اخبرني أحد الاصدقاء بأنه يتسنم منصبا رفيعا في مكتب تربية صنعاء_يقول : أنا عندي علي عبد الله صالح ; نبي -هكذا مرة واحدة- فلم يعترض عليه مقدم البرنامج ولا المشاركين الآخرين والعجيب أنني كنت منتظر أن يتصل احد المشاهدين ويقول له : راجع نفسك,,ولا حتى العلماء وأنا متأكد أنهم متسمرين أمام التلفزيون يشاهدون هذا البرنامج –الفلته- أين شرف القليسي بل اين جبري ابراهيم حسن كامل من هذا الكلام,,؟؟.

وأعود لأقول لصاحبنا المتحدث صاحب البدلة الرسمية وربطة العنق; صحيح أن علي صالح أُمِّي وقد رعى الغنم,لكنه ليس بنبي, وهذا الكلام له تبعاته في الشرع أقله الكفر,,ولا يقتصر على القائل فقط ,بل من سمعه ولديه سلطة دينية أو دنيوية ولم يلقم فم هذا الرجل بحجر; فهو شريكه.
لهذا أقول على مشاهدي الفضائية اليمنية أن يراجعوا أنفسهم من هذا الموقف.

نعود لدلالات القصيدة هذه المرة من المقطع قبل الأخير " لكن دم الضحايا صانع الألحان " أي أن الدماء التي سُفِكت من أجل الثورة هي التي صنعت الألحان هذا لا يحتاج إلى دليل , فمئات الأناشيد وآلاف الأبيات الشعرية ومئات المسرحيات والمعارض التشكيلية حصيلة بضعة أشهر منذو إنطلاقة هذه الثورة المباركة,,لا, والغريب إنها لم تقتصر على ما أنتج حديثا بل استحضِرت أناشيد قيلت في السبعينات والثمانينات وكأنها تخاطبنا اليوم ومنها قصيدة " نشوان ".

والدماء قد تصنع الحانا بشكل آخر وهو لحن الإنتصار ,حيث كان لجمعة الكرامة لحنها الخاص بالإنضمامات الكبيرة العسكرية والمدنية لصفوف الثوار عزز موقفهم وتهاوى فيها النظام,,وهو لعمري أجمل لحن سمعناه رغم مرارتنا وحزننا على الشهداء والجرحى , وماخلف من ثكالى وأيتام وأرامل .
كما كان لحرق ساحة الحرية بتعز لحنٌ آخر لم نكن نتوقع سماعه حيث كان العازفون هذه المرة - بحسب تسريبات من مخابرات عالمية – من حرسه الخاص وأقاربه ; رقص على لحنه رأس النظام وكبار رجالات الدولة التي لم نكن نحبذها ونستنكرها بشدّه ولكنه دم الضحايا صانع الألحان .