الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٢:١٦ صباحاً

طائرات القسَّام .. تُرعب قادة العرب!

حبيب العزي
السبت ، ١٩ يوليو ٢٠١٤ الساعة ٠٤:٤٠ مساءً
ليس حدثاً عادياً .. أن تعلن كتائب القسام عن إطلاقها ثلاث طائرات من دون طيار تحلق في أجواء الكيان الصهيوني ، تقوم بمهام استطلاعية واستخباراتية، بل وحتى هجومية لصالح المقاومة في غزة، كما ليس بالأمر العابر أو الهيِّن أن يتفاجأ العالم بأسره - وبالمقدمة منه قادة العدو الاسرائيلي وحلفائهم من قادة العرب الذين يتمنون في قرارة أنفسهم القضاء على حماس - بذلك التطور النوعي في سلاح المقاومة ، وعلى رأسه الصواريخ التي تطلق من غزة باتجاه الكيان المحتل، والتي وصلت في مداها إلى ما يزيد عن 170 كم ، لتصل إلى العمق الإسرائيلي وتضربه في عقر داره، وكذا في حمولتها التي تجاوزت الـ 100 كليو جرام، لتستطيع بذلك إلحاق أكبر الضرر والخسائر في صفوفه.

ذلك التطور النوعي في المدى وفي القدرة التدميرية للصواريخ محلية الصنع التي تمطر سماء العدو كل يوم ، ثم الكشف عن الطائرات بدون طيار، كلها أدلة قاطعة بأن عقول وسواعد الأبطال في كتائب القسام وغيرها من فصائل المقاومة كانت تعمل ليل نهار على تطوير قدراتها الذاتية، وتُعد العدة لمثل هذه المواجهة، لأنها كانت تعلم علم يقين بأن معظم حكام العرب قد باعوا القضية برمتها، وعلى رأسهم قيادة السلطة الفلسطينية ذاتها ، وبأن الشعوب العربية مشغولة بأوضاعها الداخلية، خاصة منها شعوب دول الربيع العربي، وإن أبدت تعاطفها مع أهالي غزة، إلا أنها عملياً بلا حول ولا قوة وخارج إطار الفعل الحقيقي.

لقد وصل الأمر في خيانة القضية الفلسطينية من قبل بعض الأنظمة العربية وقادتها إلى حد أن "إسرائيل" اليوم لم تفعل شيئاً سوى أنها تحارب حماس بالنيابة عنها، تلك الأنظمة التي لم يعد يخفى على أحد أنها أصبحت حليفاً استراتيجياً لإسرائيل في المنطقة العربية ، وكلنا يعلم من هي تلك الأنظمة على وجه التحديد، فمواقفها السياسية الأخيرة قد فضحتها علناً وعلى الملأ في العديد من القضايا، وبالأخص منها مواقفها المؤيدة والداعمة للانقلاب العسكري في مصر على الرئيس الشرعي محمد مرسي، وكذا مواقفها المناوئة لحركة الإخوان المسلمين عموماً ، ولأن حماس جزء من منظومة حركة الإخوان المسلمين فهي تحاربها بالضرورة، بل ولا أبالغ إن قلت بأنها تدعم وتبارك الحرب الإسرائيلية على غزة ، لأنها تدمر – حسب اعتقادها – القدرة القتالية لحماس وتعمل على تقويضها ، ولا عجب إن أظهرت غير ذلك لشعوبها ، فهي أنظمة متخمة بالكذب والدجل والنفاق، وشعوب المنطقة قاطبة لم تعد تصدقها على الإطلاق.

بظني .. إن أكثر من أصيب بالرعب من صواريخ القسام، كما بذلك التطور النوعي لسلاح المقاومة عموماً ، ليس "إسرائيل" بدرجة أساس، وإنما تلك الأنظمة العربية المناوئة لحماس، لأن المقاومة وحماس تشكلان مصدر إزعاج وقلق بالنسبة لها، إذ أن جوهر مطالبها -إلى جانب استعادة أرضها المغتصبة- هي الحرية والكرامة والعزة، وهذا ما تريده كل شعوب المنطقة العربية، وإذا نجحت حماس في دحر وقهر العدو الإسرائيلي فإنها ستكون بذلك نموذجاً لحركات النضال من أجل التحرر والاستقلال من قبضة الظلم والقهر أياً كان مصدره، سواء أكان من قبل إسرائيل كما هو الحاصل مع الشعب الفلسطيني، أو من قبل تلك الأنظمة العربية الحليفة لها، والتي تمارس مع شعوبها – وبخاصة المعارضين منهم - كل أنواع القمع والإذلال.

إن ذلك التطور النوعي في سلاح المقاومة، والذي كان ينظر إليه البعض بسخرية على أنه مجرد "مواسير مياه"، أصبح اليوم يشكل بداية توازن حقيقي للرعب ، فمعظم الإسرائيليين اليوم يبيتون في الملاجئ خوفاً من صواريخ القسام، بعد أن وصلت رسائل التهديد إلى هواتفهم المحمولة عبر اختراق إحدى شبكات الهاتف المحمول الإسرائيلية من قبل حماس، وكذا اختراق بث القناة العاشرة الإسرائيلية، أضف لذلك أصوات صفارات الإنذار التي باتت تصيبهم بالرعب في كل مكان من الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ويبقى في نهاية المطاف أنه ليس مهماً بالضرورة حجم الدمار الذي تُلحقه تلك الصواريخ بالإسرائيليين جراء سقوطها عليهم ، كما ليس مهماً مدى قدرتها على رصد وإصابة أهدافها بدقة متناهية، بقدر ما يشكل -مجرد امتلاك حماس والمقاومة لها، ومن ثم أمكانية تطويرها مستقبلاً- هزيمة معنوية لقادة العدو، وحرباً نفسية وإعلامية تربكهم -بالحد الأدنى- كما تلخبط كل حساباتهم وأوراقهم وتصيبهم في مقتل.