الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:٠٩ مساءً

من يدفع ثمن رفع الدعم عن المشتقات النفطية في اليمن؟

د . محمد نائف
الخميس ، ٣١ يوليو ٢٠١٤ الساعة ١٠:٤٠ صباحاً
من يدفع ثمن رفع الدعم عن المشتقات النفطية في اليمن؟

قبل الإجابة على السؤال المطروح في العنوان أعلاه لا بد أولاً من طرح الأسئلة التالية ومحاولة الإجابة عليها حتى نصل إلى إجابة شافية ووافية ومنطقية إلى حدٍ ما:

1. هل يدفع ثمن رفع الدعم عن المشتقات النفطية في اليمن الأغنياء والمتنفذون وأصحاب المال والسلطة والجاه؟ الإجابة هي قطعياً، لا. هؤلاء إما انهم يحصلون على المشتقات النفطية مجاناً من الدولة أو أن لهم حصة فيها ومستفيدون سواءاً ارتفعت أسعار المشتقات النفطية أم لم ترتفع أو أنهم من الأغنياء المترفين القادرين على دفع فارق الأسعار دون أن يهتز لهم رمش أو ترف لهم عين.

2. هل يدفع ثمن رفع الدعم عن المشتقات النفطية في اليمن كبار موظفي الدولة؟ بالتأكيد، لا. هؤلاء يحصلون على المشتقات النفطية مجاناً من الدولة وربما يتاجرون ببعضها فهي مصدر دخل إضافي لهم. لذا، هؤلاء لن يتأثروا سلباً برفع الدعم عن المشتقات النفطية، بل على العكس فهم قد يستيفيدوا من بيع ما يفيض عن حاجتهم بالأسعار الجديدة ويحققون أرباحاً جراء ذلك.

3. هل يدفع ثمن رفع الدعم عن المشتقات النفطية في اليمن التجار ورجال الأعمال؟ الإجابة على هذا السؤال، لا. هؤلاء سيرفعون أسعار خدماتهم وسلعهم ومنتجاتهم لمواجهة رفع الدعم هذا إن لم يكونوا قد رفعوها سلفاً في الاشهر الماضية تحسباً لمثل هذه الإجراءات. بناءً على ذلك ومن هذا المنطلق فهم لن يدفعوا ثمن أي شيء ولن يخسروا أي شيء لأن المواطن اليمني البسيط سيتحمل مكرهاً تبعات رفع هذا الدعم نيابة عنهم.

إذن، من يدفع ثمن رفع الدعم عن المشتقات النفطية في اليمن؟ الإجابة القطعية يا سادة يا كرام على هذا السؤال هي المواطنون اليمنييون الذين لا دخل ولا مصدر رزق ثابت لهم والموظفون أصحاب الدخل المحدود الذي لا يسمن ولا يغني من جوع.

صحيح أن الحكومة عبر "مصادرها الخفية" قد بدأت على استحياء تُسرب إشاعات أنها سترفع المرتبات والأجور لموظفيها المدنيين والعسكريين لمواجهة رفع الدعم عن المشتقات النفطية، غير أننا نطرح في هذا الصدد أسئلة آخرى بسيطة: كم عدد موظفي الدولة من مدنيين وعسكريين؟ مليون؟ مليونين؟ ثلاثة؟ كم ستكون نسبة الإرتفاع في المرتبات والأجور؟ هل ستوازي نسبة ارتفاع المشتقات النفطية؟ والسؤال الأهم، ماذا سيحدث لما تبقى من مواطني الجمهورية اليمنية الخمسة والعشرين مليون الآخرين؟ كيف سيواجهون رفع الدعم عن المشتقات النفطية الذي سيرافقه ارتفاع في الأسعار في كل شيء ... كل شيء؟ سأترك لكم ولخيالكم يا سادة يا كرام تصور الإجابة على هذا السؤال الأخير!

لا شك أن رفع الدعم عن المشتقات النفطية في اليمن قد يكون ضرورة وإجراء إقتصادي لا بد ولا مفر منه، وقد لا نختلف عليه ونتوقف عنده كثيراً غير أن هذا الإجراء كان يجب أن يُدرس بحكمة وبعناية فائقة ويُناقش نقاشاً مستفيضاً حتى يتم الإعداد له بصورة جيدة لمواجهة تبعاته. فقد طُبخ بليل وصدر على استحياء بعد منتصف ليل الثلاثاء ليفاجأ المواطنون باضطرابات ومظاهرات وثورة إحراق "تواير" جديدة. هل يا ترى هذه هي الطريقة المثلى لإدارة شؤون الدول في القرن الواحد والعشرين؟

بالطبع، لا. الحكومات التي تحترم مواطنيها تتعامل معهم بشفافية وتطلعهم على ما تنوي القيام به من إجراءات إقتصادية بدلاً من التواري عن الأنظار والاعتماد على نشر الإشاعات من أجل جس نبض الشارع. كان بالإمكان رفع المرتبات والأجور وبعدها رفع الدعم عن المشتقات النفطية بصورة تدريجية بحيث يشعر المواطن أن هذه الحكومة تقدر العواقب الوخيمة لمثل هذه الإجراءات عليه، وتقلل من حجم تبعاتها على الحكومة ذاتها، وتقطع الطريق على من يحاول الإصطياد في المياه العكرة، والله من وراء القصد.