الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٥٥ صباحاً

الحوثي والصعود إلى الهاوية

خالد العلواني
السبت ، ٢٣ أغسطس ٢٠١٤ الساعة ٠٥:٠٣ مساءً
كلحن جنائزي موغل في القتامة والنشاز؛ ولدت جماعة الحوثي..وفي صلف مجنزة صهيونية مضت تهدم المساجد ودور القرآن.
وفي عنجهية الطاؤوس الممتلئ بوحل الظن الآثم، اعتقد الحوثي أن بإمكانه التحول إلى ثقب اسود يلتهم الوطن، وزاد من اغتراره تلك الانتصارات الجزئية التي قدمت له على طبق من خيانة.
انفتحت شهيته على المزيد، فأراد عاصمة الجمهورية اليمنية مرة واحدة، تحت مسوغ إسقاط الجرعة والرفق بالشعب، متناسيا أنه لا يمكن للشعب الذي يتحدث عنه من مخبأة؛ أن يصدق أن من يقتله وينكل به؛ سيتحرك ولو لبعض الوقت من أجل دحر جوعه والانتصار لهمومه ومطالبه.. إن أمعاء الجوعى - وما أكثرها- ليست إلا رصاصات من نوع آخر يصوبها الحوثي إلى رؤوس اليمنيين الذين يقفون في طريق صعوده إلى الهاوية المحفوفة بالدماء.. وقديما قيل إن الله إذا سخط على نملة أريشت.

من حق جماعة الحوثي أن تتظاهر وتطالب بما تريد ومن حقها أن تعتمد الأساليب والوسائل السلمية في نضالها لتحقيق تلك المطالب، ومن حقها أن تعيش بأفكارها في الهواء الطلق، وهذا هو المعطى الوطني الذي جعل الدولة والقوى الوطنية تفتح لجماعة الحوثي أبواب الحياة السياسية متناسين جراحات الماضي، ومتعالين على دخان الخصومة، لكنها للأسف تعاطت مع السياسية كتقية ووسيلة للوقيعة والكيد والتثبيط، حتى كادت تنجح في تحويل مؤتمر الحوار الوطني إلى مسرح للوقفات الاحتجاجية، وقاعة للجمل الاعتراضية.

وحين استبشر اليمنيون خيرا بنجاح مؤتمر الحوار الوطني، كان الحوثي قد عمّد علاقته مع العنف، وحدد لعبته. لعبة الموت والخراب، متغافلا أن نجاح أية لعبة يتطلب وجود طرفين، وساعتها يغدو من يطلق الرصاصة الأولى ضحية لارتدادتها.. وهنا تجد الإشارة إلى أن الحوثي حتى اللحظة لم ينجح في إيجاد الطرف الآخر لممارسة لعبته، رغم استفزازاته المستمرة وتحرشات المتواصلة، وحين يأس أن يجر الإصلاح إلى حمئة الاقتتال جعل الدولة والجمهورية خصما وهدفا، وأغمض عينيه ومضى مكبا على وجهه غير مقدر للعواقب، والهزات الارتدادية التي لن يسلم منها وكره ومخبأة.

لقد جعل الحوثي باستهدافه العاصمة صنعاء الدولة والشعب والجمهورية خصوما له، وإن أي طرف يقترف هذه الخطيئة، مصيره الانكسار المهين، وإن الموت الذي يسوقه إلى العاصمة في هيئة اعتصامات ومخيمات مسلحة، سوف يتلاشى كخيط دخان على صخرة الاصطفاف الوطني، وحينها سيعظ الباغي أصابع الندم، ويهيم في الأرض كالذي يتخبطه الشيطان من المس بحثا عن مغارة أو كهف يعصمه من غضبة الشعب المدجج بالجمهورية وعدالة الانتصار.