الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:١١ مساءً

الصبيحي .. الكلمة الفاصلة

نُهى البدوي
الثلاثاء ، ٢١ اكتوبر ٢٠١٤ الساعة ٠٩:٤٣ مساءً
أحيت كلمة اللواء الصبيحي قائد المنطقة العسكرية الرابعة الأمل في نفوسنا وإعادة البسمة إلى وجوه أمهاتنا بعد زمن من فقدهن لها حين قال في اجتماع ضم مشايخ وأعيان وقادة الأحزاب السياسية بمدينة تعز يوم الخميس الماضي: " الوضع السياسي يتطلب منا أن نلتقي في القضايا الهامة .. والقضايا الخلافية تؤجل حتى تتهيأ لها الظروف.. مطلب الأمن قاسم مشترك للجميع، لا يمكن لأي قوة تدخل على تعز بالقوة.. وأنا وظيفتي الدستورية وواجبي الوطني والأخلاقي أؤمن تعز، هذه المدافع والدبابات من عرق المواطن.. الراتب الذي أستلمه من عرق المواطن الذي يشتي مني هذا الموقف اليوم أؤمنه في هذا اللحظة التي يأكل فيها القوي الضعيف".

حملت هذه الكلمات المؤلمة رسائل كثيرة لتبث في حياة أبناء محافظة تعز الطمأنينة بل ولأبناء اليمن عامة، فهي استنهضت الروح لتغادر حالتها الانهزامية، وكسرت حاجز الخوف والتردد لدى الكثيرين، وكان دويها إعلاناً بأن الوطن لازال بخير بوجود هؤلاء الأبطال في صفوف الجيش أمثال هذا القائد الذي أبى أن يستسلم للوضع الانهزامي المزري، هذه المواقف الجسورة تأكيد أن هناك قادة يضعون مصلحة وأمن الوطن والمواطن فوق كل الاعتبارات والولاءات الجهوية، هؤلاء يجب أن تنحني لهم الرؤوس إجلالاً لمواقفهم التاريخية، وتأكيد أن الجيش قادر على انتهاج سياسة الحياد (الإيجابي)في ظل التناقضات والاختلافات السياسية القائمة في البلد والقيام بمهامه ومسؤولياته الدستورية لحماية الوطن والمواطن بعيداً عن الانتماءات السياسية وأنه لن يسلك طريق الحياد (السلبي) كما يراد له من قبل بعض القوى السياسية، ولن يقف متفرجاً أمام ما يحصل من عبث ومساس بالسكينة العامة وإخلال بالأمن دون أن يفعل شيئاً كما حدث في بعض المناطق.

هذا هو الجيش المطلوب وهؤلاء هم القادة المطلوب وجودهم لإعادة بنائه ولحماية البلد، وبوجوده ووجود هؤلاء القادة الأبطال في صفوفه، وبحياديته (الإيجابية) من الاختلافات السياسية بين القوى المتصارعة التي فصلت صرخة اللواء الصبيحي بينها وبين حياديته (السلبية) المدمرة التي دمرت الوطن واغتالت روح الجندي فيه، وبتوّحد الإرادة وتضافر الجهود لدى كافة الأجهزة الأمنية والعسكرية والسلطات المحلية، وتحلي جميع القادة والمسؤولين بنفس الشجاعة والصرامة التي جسدها اللواء محمود الصبيحي في تأدية مهامه وفي الميادين البطولية وبسير بقية القادة والضباط والأفراد والجنود على نفس الخطى، يبادلون المواطنين الحب والوفاء والقيام بمسؤولياتهم وواجباتهم تجاه الوطن، يمكن استعادة الأمن والاستقرار في جميع المحافظات.

جاءت تصريحات اللواء الصبيحي كصافرة إنذار لكل الجهات المسؤولة وللمواطنين للاستيقاظ والتصدي لمحاولات المساس بأمن المواطن، وليس ضد أي تيار أو جهة سياسية، فالسياسة لها شأنها وممارسة النشاط والعمل السياسي المشروع لا خلاف حوله لكن يجب أن لا يستغله المغرضون للمساس بأمن المواطن، أو أن يجعل البعض من الوضع السياسي المضطرب حجة للتنصل من القيام بمسؤولياتهم وتنفيذ واجباتهم الوطنية والأخلاقية تجاه الوطن والمواطن وحمايتهما، ووضع حد لحالة الاستغراب التي اصطدم بها بعض القادة ومسؤولي بعض الجهات وعليهم مغادرة الوضع أو التحجج بالحياد ليتحول إلى "سلبي" مُدمر والقبول بالأمر الواقع.

نعم الأمن قاسم مشترك للجميع وحوله يلتقي الخيرين وينبغي أن تؤجل أي قضايا خلافية سياسية حتى تهيأ لها الظروف وتكثيف الجهود حول مسألة الأمن كما قال اللواء الصبيحي، فمهمة الحفاظ عليه وعلى المؤسسات هي من صلب مهام الجيش والأمن والسلطات المحلية، فعليهم وضع السياسة جانباً وتحييد هذه القضية وعدم ربطها بالمصالح السياسية حتى لا يدُمر الوطن ونفقد ما تحقق من مكاسب وإنجازات طيلة السنوات الماضية، وأن يتعلم الجميع من هذا القائد الذي يرفض الاستسلام ولا يتوانى عن التضحية بحياته من أجل القيام بواجباته ومسؤولياته لحماية الوطن والمواطن.