ينتمي الحوثيون إلى الزيدية والتي هي أقرب طوائف الشيعة إلى الاعتدال، لكنهم تحولوا إلى المذهب الشيعي الجعفري، أو الشيعة الإمامية الاثني عشرية، نتيجة التمدد الإيراني وسعي الدولة الفارسية لتصدير الثورة الخمينية، وجهودها المكثفة لاستمالة أصحاب المذهب الزيدي.
وتعتبر بداية الظهور الحقيقي للحوثيين في بداية عقد تسعينيات القرن الماضي، حيث خرجت في محافظة صعدة بشمال اليمن حركة تنظيمة أطلقت على نفسها «الشباب المؤمن» كنادٍ ثقافي لتدريس المذهب الزيدي تحت قيادة زعيم الحركة (بدر الدين الحوثي) التي تولى رئاستها بعد انقلاب على الثمانية المؤسسين، ابنه حسين بدر الدين الحوثي، إثر الخلاف بين علماء الزيدية وبين الحوثي الأب بسبب آراء الأخير التي تخالف المنهج وتميل لمذهب الأمامية الاثني عشرية، ما دعا علماء الزيدية لإصدار بيان للتبرؤ منه. ومن يومها سافر الحوثي إلى إيران والإقامة فيها يتلقن فكر المذهب الجعفري ليعود بعد سنوات بأفكار الشيعة الإمامية الاثني عشرية بحذافيرها يعمل على نشرها ويرسل بأبناء صعدة إلى الحوزات العلمية في قم والنجف لأتمام بنائهم الفكري والمنهجي، مستغلًا كراهية اليمنيين لأمريكا وإسرائيل جراء ممارستهما البطش ضد الشعب الفلسطيني، لرفع الحوثي شعار الحركة الخمينية المعروف بالصرخة التي ترفعه حركة الحوثي اليوم ضد أمريكا وإسرائيل «الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل» على غرار ما فعله حزب الله بل وتقوم به إيران منذ أيام الخميني.
وتتفق حركة الحوثي في مناصبتها العداء لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ويكفرونهم، «والعياذ بالله» وتدعو الحوثية لفكرة الإمامة والتي هي لب منهج الإمامية الاثني عشرية، ويعتقدون أن الحكم لا يصح إلا في أبناء علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو يخالف مذهبهم الزيدي السابق.. وكذلك الحال بالنسبة للشيعية الإمامية، يعادي الحوثيون أهل السنة ويحرضون ضدهم، ويستحلون دماءهم وأموالهم. ويؤمن الحوثيون بفكرة الخروج والإعداد لمواجهة نظام الحكم، ويمجدون ثورة الخميني ويستلهمون من روحها حراكهم التصعيدي، ويعتبرون حزب الله اللبناني هو النموذج الذي ينبغي أن يسيروا عليه، فضلًا إلى إيمان الحوثي بالمهدي في فكرته الرافضية، وإيمانه بضرورة التمهيد لعودة المهدي وتصفية أهل السنة والجماعة، والقضاء على الأنظمة السنية الحاكمة في المنطقة العربية. ومنذ أن بدأت مرحلة التنظيم المسلح العلني للشباب المؤمن بقيادة قائد الحركة حسين بدر الدين الحوثي في منتصف عام 2004 وتحولها من ملتقى ثقافي إلى ميلشيات عسكرية ذات بعد مذهبي، حتى بعد مقتل قائدها حسين الحوثي وتولى قيادة الحركة من بعده شقيقه عبدالملك الحوثي ليخوض الحروب مع القوات الحكومية اليمنية تمكن خلالها من التوسع في نطاق الحركة وفتح جبهات جديدة قرب محافظة صنعاء، والتدخل الإيراني في الملعب اليمني ودعمها المستمر للحوثيين هو المحور الرئيسي في تمدد نفوذهم داخل الأراضي اليمنية وخصوصًا في المناطق الشمالية للبلاد، على اعتبار أن الحوثيين هم ممثلون عن الحكومة الصفوية في اليمن، على أساس انتمائها للمذهب، وبما تفرضه عقيدة الإمامة على أتباعها وحصر انتمائهم في الدولة الأم «إيران».. لذلك تعمل إيران على اختلاق الضجيج الإعلامي حول ما تقول إنها أقلياتها الشيعية وقضاياها في البلدان العربية وتحاول جاهدة إلصاق تهمة اضطهاد الطوائف الشيعية في دول المنطقة، ومن بينها جماعة الحوثيين في اليمن التي كان لإيران دور بارز في إعدادها الفكري والمنهجي عن طريق ابتعاث طلاب يمنيين يرشحهم الحوثيون للدراسة في حوزات قم والنجف، ما جعل المذهب الجعفري يطغي على المذهب الزيدي الذي كانوا عليه اليمنيون.
وفي سبيل التوسع الفارسي الإيراني في المنطقة العربية، سخرت جمهورية إيران الخمينية آلتها الإعلامية من فضائيات وصحف في الترويج لقضية الحوثيين في اليمن، كما يظهر ذلك الدعم من خلال تصريحات قادة النظام في إيران، فضلًا إلى شحنات الأسلحة التي تم الإعلان عن ضبطها من قبل السلطات اليمنية في المياه الإقليمية اليمنية. الأمر الذي أدى بجماعة الحوثيين أن تصبح ندًا قويًا للقوات الحكومية تفرض شروطها وترفض عروض السلطات اليمنية المبادرات والتنازلات اليوم مقابل إنهاء محاصرة العاصمة صنعاء بمخيمات المعتصمين الذين يضمون فيها الالاف من المسلحين بأسلحة متوسطة على أبواب صنعاء، والتي يرى الكثيرون تحالفًا حوثيًا صالحيًا- نسبة للرئيس اليمني السابق صالح.
