السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٥١ مساءً

الرجل الطيب رحل الى غير رجعة

نبيل سبيع
الجمعة ، ١٣ مارس ٢٠١٥ الساعة ٠٦:١٩ مساءً
نفس الوجه الطيب الذي كان يلقاني مبتسما رأيته اليوم على النعش. لم يكن مبتسما هذه المرة لكنه كان وجهاً طيباً ككل مرة.

فكرت: ربما تفارق الروح الجسد، لكن الطيبة كما يبدو لا تفارق وجه صاحبها حتى بعد موته. ثم استدركت: وربما أنه حتى الأشرار يصبحون طيبين بعد الموت فما بالك بعبدالملك الحاج.
قبل أيام من موته، زرته في بيته حيث ظل السرطان ينهشه بصمت دون أن يدري هو أو تدري أسرته بأنه السرطان. وحين زرته، كنت أدري أنه بات على موعد أكيد مع الموت، ربما بعد أيام معدودة، وكان عبدالملك الوحيد بين أفراد أسرته الذي لا يدري أن السرطان قد قطع له تذكرة السفر وأكد الحجز.

بدا عبدالملك يائساً ونادماً بعض الشيء لأنه لم يكترث بصحته منذ وقت مبكر. "انتبه لصحتك من الآن، انتبه لها قبل فوات الأوان!"، قال لي. لا أحب النصائح الصحية، لكنني تلقيت نصيحته بطريقة مختلفة تماماً لدرجة أنني فكرت لحظتها بأنه لم يسبق لي أن تلقيت نصيحة تحثني على الانتباه لصحتي بنفس الإحساس والاهتمام الذي تلقيت بها نصيحته.

والسبب ربما في أنني تلقيتها من رجل يقف على مشارف الموت، رجل كنت أشعر بأنني بمجرد أن أدير ظهري له وأغادر بيته سيموت. ومع هذا، كان يحثني بحرص على تفادي الخطأ الذي وقع فيه، خطأ عدم إحترام وتقدير الحياة.

لم تمر على زيارتي له في بيته سوى أيام قليلة حتى أتى يومنا هذا، اليوم الذي ألقيت فيه نظرة أخيرة عليه وهو مسجى على النعش. ورغم أنني ممن يتهربون عادةً من النظر إلى وجوه الموتى، وإذا نظروا فغالباً ما تكون نظرة قصيرة، رغم هذا فقد تأملت وجه عبدالملك للحظات لا بأس بها، ولا أدري لماذا شعرت أنه نائم فقط ولم أشعر أبدا أنه ميت.

تغمدك الله بواسع رحمته أيها الرجل الطيب حياً وميتاً، رحمك الله ياعبدالملك الحاج!