الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٥٦ مساءً

يا له من كابوس

مروان الغفوري
الاثنين ، ٣٠ مارس ٢٠١٥ الساعة ٠٨:٣٤ صباحاً
الصفة السياسية / الوظيفية لأحمد علي عبد الله صالح:
سفير.
الصفة السياسية لعلي عبد الله صالح:
رئيس حزب
الصفة العامة لعبد الملك الحوثي:
رجل دين.

كيف يستجيب جيش وطني لأوامر سفير؟
كيف يتحرك جيش ويغزو المدن ويثير حروباً ويجلب الكوارث استجابة لأوامر رئيس حزب؟
كيف يخوض جيش وطني حرباً أهلية امتثالاً لأوامر رجل دين؟
ما هي المرجعية القانونية والوطنية التي تجعل جيشاً كبيراً مجرد مخزناً لمتمرّدين؟

ماذا بقي من معنى للجيش الوطني الذي اعتقل قائده الأعلى ووزير دفاعه عندما يعلن ذلك الجيش أنه محايد في تلك المسألة؟

رياضيات:
لا توجد أي صفة قانونية تمنح رجل دين، أو سفيراً، أو رئيس الحزب الحق في أن يحركوا الجيش كما يشاؤون!

رياضيات:
التحالف الدولي الحالي قادر على تدمير اليمن عشرات المرّات، كل اليمن. وهو الآن في طريقه لتدمير كل بنية الجيش التي تأتمر لخطط السفير أو رجل الدين أو رئيس الحزب.

أشاهد الفيديوهات، والصور وأتابع التقارير وأتواصل مع شهود عيان..

الجيش اليمني يتلاشى من الوجود، وهناك كوارث تجري لا يمكن تخيّلها.

وعندما ينقضي الغبار سنشاهد منظراً مروّعاً لم نره قط. فهي حرب يستخدم فيها التحالف أحدث التكنولوجيا العسكرية. والصور التي وصلتني هذا النهار من كلية الطيران لم تكن لتخطر لي على بال. فقد وقعت تلك التبّة العالية المطلة على بيت هادي بالأمس فريسة للطيران الإماراتي.

طيران التحالف يهيمن على الأجواء ويسوي كل معسكرات الجيش بالأرض. منظر فناء معسكر ماس في مأرب، أو سحق كلية الدفاع في صنعاء البارحة كان مهيباً ومثيراً للوجع حتى أبعد خلية في نخاع العظام.

كيف يسمح الجيش لنفسه بأن يخوض حرباً لمصلحة سفير؟
لماذا يجازف ضباط الجيش بكل الجيش اليمني، من منشآت وآلات وأفراد، لمصلحة رئيس حزب؟

ضباط الجيش خانوا الوطن، وعملوا على تدمير الجيش اليمني بتلك الصورة البائسة والمفجعة ولا بد أن يحاكموا جميعاً بتهمة الخيانة العظمى ويلاحقوا في كل مكان وعلى مر الأزمان.

ضباط الجيش اليمني الذين يخوضون حرباً الآن بلا قائد أعلى للجيش، بلا رئيس، بلا تفويض من البرلمان .. يخوضون حرباً أهلية انتصاراً لهوس رجل دين وقائد عصابات! هؤلاء جعلوا من الجيش اليمني محض عصابات بلا مرجعية أخلاقية ولا قانونية.

كانت صفته الرسمية جيش. لكن ذهب ينتحر كعصابة!

وصلتني رسالة من أمي، وهي امرأة طيبة لا تفهم في السياسة سوى أمر واحد فقط، وهو أن ابنها يكتب أموراً تجلب الشقاء. قالت أمي في رسالة نقلها شقيقي "يقشوشوهم ولا يبقي واحد. باكر شنعسكر وشنجند وطنيين من جديد". هكذا بلهجة تعزيّة صافية وواضحة تقول كل شيء.

الجيش اليمني الآن ينسحق كليّاً، لكنه ينسحق كعصابات!
الجيش الذي تحوّل لأداة بيد سفير، مجرّد سفير، متخلياً عن كل غطاء قانوني ذهب إلى حتف أنفه في معركة لم تكن قط في مدونته العسكرية.

ضباط الجيش اليمني يرتكبون في هذه اللحظة جريمة بشعة وهي تعريض الجيش اليمني بكل آلالاته ومنشآته للدمار الشامل.

سفير تافه ومعتوه ينحر الجيش اليمني على حافة المذبحة، وسيتفاوض بمن بقي منهم. سيتفاوض بجثث القتلى وبرُتَب الناجين.

ما الذي يفعله الجيش اليمني بنفسه؟

جيش جرّار يسلم نفسه بالكامل لسفير! والسفير يسلم الجيش بالكامل لرجل دين وقائد عصابة!
هكذا بلا أي مرجعية قانونية ولا أخلاقية!

يا له من مآل بائس لجيش أريدَ له أن يكون كبيراً، وكان مؤسسوه شجعان وأبطالاً ونادرين في الزمانات.

لا بد أن نتذكر جيّداً هذا الأمر:
قيادات الجيش اليمني تنحر الجيش الآن علانية لمصلحة رجل دين وسفير!

ما هذا بحق الجحيم؟

وبمقدورها أن تعلن تأييدها لحق اليمنيين في اختيار حياتهم، وتقف مع الشرعية الدستورية، وتلقي القبض على صالح ونجله، وأن تتحرك الآن من ثكناتها وتحاصر الميليشيات في كل شوارع الجمهورية.
بهذا سيحافظ الجيش على نفسه وعلى منشآاته وعلى أفراده. وسوف يحتفظ بنواة يمكن البناء عليها عندما تزول الغمة ويختفي صالح وعبد الملك الحوثي.
هذه هي المهمة الحقيقية لأي جيش وطني!

حافظوا على ما تبقى من الجيش وامتثلوا للدستور!
امتثلوا للقانون! امتثلوا للأرض ولرائحتها ولشعبكم.
أنتم جيش للدولة فلماذا تصرّون على أن تموتوا كعصابة.

ولو استمرت تلك القيادات تقامر بما بقي من الجيش وتعمل لمصلحة أمراء الظلام بلا أي غطاء قانوني ووطني فإن الجيش اليمني سيصبح جزءاً من الماضي قبل حلول الخميس القادم!


يا إلهي!
العالم كله يتفهم ما يقوم به العرب! هكذا يقول كل العالم. ذلك أن صالح سلم كل الجيش للحوثي، وعملا معاً. والحوثي سلم الجيش لإيران وقال إنه سيجري معها اتفاقية دفاع مشترك. خرج الجيش اليمني عن القضبان وتحوّل إلى خطر أمني للعرب! هكذا يقول كل العرب. ثم تحوّل إلى خطر أمني على اليمنيين، هكذا يقول أغلب اليمنيين. أو على الأقل: اليمنيّون المهزومون!

وها هو الآن ينتقل من كونه خطراً إلى وضع جديد: ركاماً.

أخبروني بحق شيفا وفيشنو:
من أعطى لسفيرٍ الحق في أن يملك جيش دولة ثم يدمّره بتلك الطريقة؟ في أي دستور توجد تلك المادة التي تقول إن لرئيس حزب الحق في أن يملك الجيش وأن يعرضه للمذابح؟ أي دستور، حتى من دستور الهونولولو؟

إذا كنتم جيشاً للوطن فعليكم أن تخرجوا الآن وتقولوا: نحن ملك للشعب، ونحن ضد طموحات السفير الأحمق ورجل الدين المعتوه، ولا بد لهذه الفوضى أن تنتهي.

وإن كنتم جيشاً لأحمد علي ووالده، ولعبد الملك وإخوانه فلا تطلبوا منا أن ندين ما تتعرضون له. فتلك معركة من اختياركم، وأولئك الرجال خاضوا حرباً ضد العرب.
وعليكم أن تواجهوا مصيركم لوحدكم. ويا له من مصير! لن يقف عند حدود الفناء بل ستتركون خلفكم عاراً لآلاف السنين.

لكن:
سنحاسب الناجين منكم، وسنشنقهم بألف طريقة. فهم من دمروا الجيش ووضعوه على حافة المذبحة. وتلك هي الخيانة العظمى.

رئيس حزب ينحر الجيش اليمني في وضح النهار.

يا له من كابوس!