الثلاثاء ، ٢٣ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٠٢ مساءً

أضعف الإيمان (الدعاية المضادة لـ «عاصفة الحزم»)

داود الشريان
الأحد ، ٠٥ ابريل ٢٠١٥ الساعة ٠٢:١٥ مساءً
«عاصفة الحزم» دعاية سياسية مضادة، تقف خلفها، وسائل إعلام عربية وإقليمية، تؤيد المشروع الإيراني. منذ اليوم الأول للحرب انخرط الإعلام المحسوب على إيران في حملة دعائية على مقدار كبير من التزييف المنظَّم، تستند الى جهل الجمهور بما يجري، وتنشر معلومات كاذبة، تحتمل الحدوث، وتستخدم شعارات يسهل حفظها وترديدها. ولهذا فإن «عاصفة الحزم» مُلزَمة بلجم تأثير الدعاية السياسية المتنامية ضدّها، ولكن كيف يمكن الردّ على الأكاذيب والوشايات التي تطلقها الحملة المضادة لـ «عاصفة الحزم»؟

هذا السؤال المهم، يجيب عنه الكاتب غي دورندان في مقالته الشهيرة عن «الدعاية والدعاية السياسية»، وهو وضعها في كُتيِّب ذي قيمة مميّزة، يحمل العنوان ذاته. في البداية يسأل دورندان، هل يجب إبراز الحسنات والسّيئات للردّ على أكاذيب الدعاية المضادة؟ ويَخلُص الى ان إبراز الحسنات والسّيئات أكثر فعالية في حالات محددة هي: «حين يتم التوجُّه الى أفراد متعلِّمين. حين يكون رأيهم الأصلي معارضاً للرأي الذي يسعى صاحب الدعاية إلى ترسيخه لديهم. وحين يتعرّض الأفراد لدعاية مضادة من الخصم، فإبراز الحسنات هنا يحصِّنُهم من التأثير. وباستثناء ذلك، أثبتت التجربة أن مصلحة الإعلام تقتضي الاكتفاء بإبراز الحُجَجْ التي تدعم الموقف». ويختتم دورندان رأيه بسؤال مهم: هل يمكن استخدام العقلانية في محاربة عدو يُخضِع الجماهير بالتوجُّه عمداً الى اللاعقلانية وإلى عنف الغرائز؟
الدعاية السياسية ليست مجرد رفع الصوت، و «فشة الخلق». هي أكثر عمقاً ومهنيّة من ذلك، وتهدف الى اتخاذ موقف سياسي، كما يرى دورندان، لكنها أكثر صعوبة من الدعاية التجارية، وتتطلب مهارات إعلامية وسياسية خلاّقة ومختلفة. فضلاً عن ان الدعاية السياسية، إذا كانت تتصدى لحرب يجري خلط السياسي بالديني فيها، فإن مهمّتها تكون محفوفة بأخطار الفشل، وتصبح مطالَبَة بالوصول إلى كل فرد، وعدم الاكتفاء بالوصول الى ما يسمّى الجماهير. وهذا يعني ان مواجهة الدعاية المضادّة تتطلب انتشاراً في كل الوسائل الإعلامية المتاحة، لضمان قطع الطريق على الخصم... ناهيك عن ان الاتصال المباشر هو واحد من أهم وسائل إقناع الأفراد وضمان الوصول إليهم.

والسعودية كانت لها تجربة ناجحة في الاتصال المباشر في حرب تحرير الكويت، ومعاودة التجربة هذه المرة ستكون مفيدة، خصوصاً إذا تم الاعتماد على مجموعات مهنية متنوعة، تكون ضمنها فئات من الشباب للإتصال بنظرائهم في الدول الأخرى.

لا شك في ان «عاصفة الحزم» تُواجِه تشويهاً لأهدافها يُعدُّ سابقة. وهي بحاجة الى دعاية سياسية مضادّة، تستند الى أصول مهنية في إدارة معركة الإعلام، التي توازي في تأثيرها القوة العسكرية، بل تصبح في بعض المراحل أهم من العمل العسكري.

الأكيد ان الإعلام المضاد لـ «عاصفة الحزم» سيكبُر مع الوقت. وكلما طال أمد الحرب وجَدَت الدعاية السياسية المضادّة مادة لدعم تأثيرها، بل انها تستثمر حتى انتصار خصمها، وتصنع منه مادة لتحقيق أغراضها.