الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٢٤ مساءً

ما يزال حلف الانقلاب يكابر ومايزال أنصاره يراوغون

ياسين التميمي
الأحد ، ١٢ ابريل ٢٠١٥ الساعة ١٠:٢١ صباحاً
لا أحد ينتقد الرئيس المخلوع صالح وعبد الملك الحوثي على جريمة الحرب التي ارتكبها هذا الثنائي الخطر جداً، فهي جريمة بداخلها جرائم، وهي نموذج صارخ لظلم ذوي القربى، وفيها إهدار للمقدرات، وإساءة للطفولة بزج صغار السن في الحرب، ومع ذلك ما يزال هذا الحلف الانقلابي يكابر، وما يزال أنصاره يراوغون.
لقد كان إعلان الحرب على الجنوب وبقية المحافظات إيذاناً بحرب أهلية، كان التخطيط أن يتم حسمها مبكراً استناداً إلى ترسانة الأسلحة التي لدى هذا الحلف الانقلابي، وإلى الدور الذي ستقوم به المعسكرات، ومع ذلك لم تحسم، فهاهو جيش عفاش والحوثي غارق حتى أذنيه في معركة عدن.

المتعصبون للمنطقة والمذهب، عليهم أن يفصحوا عن نزعة التعصب هذه بوضوح، وألا يتوارون خلف شعارات السيادة والكفاح الوطني والدفاع عن الكرامة الوطنية، وليس من حقهم أن يوزعوا تهم الخيانة على الآخرين الذين ينظرون إلى الأمور بأفق أوسع مما تطاله عيونهم هؤلاء المعصبين الذين لا يرون أبعد من أنوفهم، للأسف الشديد.

دفع الحوثي بمئات من رجاله وأطفاله للقتال في عدن، أناساً يحملون السلاح ويطلقونه على من عداهم ممن لا يتحدث لهجتهم، لا يهمهم إن كان المتضرر شيخاً أو امرأة أوطفلاً أو مقاتلاً ولهذا كانت البيوت والناس أهدافهم المثالية، يقاتلون حتى تنفد ذخيرتهم ثم يموتون جوعاً وهم يعتقدون أنهم يضربون البوارج الأمريكية ويقتلون يهوداً أو نصارى.

الجيش الذي كان يظنه اليمنيون وطنياً، اصطف مناطقياً ومذهبيا ًوأعلن ولاءه لرئيس مخلوع لا صفة رسمية له.. وحدات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة وهما نخبة الجيش، يأتمران بأمر نجل الرئيس المخلوع الذي عُين سفيراً في الإمارات وكانت مهمته الأولى إعداد قائمة بمن يشتبه بانتمائهم السياسي إلى الإصلاح، والنتيجة أن خيرة أبناء اليمن يقبعون في سجون الدولة التي ذهب إليها لتمثيل مصالحهم ورعايتهم..

يصرف المتعصبون مع عفاش وحليفه الحوثي جُل وقتهم في تتبع من يتحدث بإيجابية عن عاصفة الحزم..ولهؤلاء نقول: العاصفة هي عصا الشرطي الكبير الذي أزعجه ضجيجكم وأقلقه اندفاعكم إلى أحضان دولة طائفية(إيران) تريد أن تجعل من اليمن لبناناً آخر وسورية مدمرة أخرى وعراقاً آخر غارقاً في الفوضى، لكي تعلن أنها الامبراطورية التي استعادت مجد فارس.

تطاول المتحدث باسم الجماعة الحوثية محمد عبد السلام على اليمنيين أحزاباً وأفراداً، ثم انتفخ ريشه بعد أن عاد من طهران، وبدأ يطلق النعوت المستفزة بحق السعودية والجيش السعودي، حتى أنه وصفه بـ: "جيش الكبسة"، لقد تلقى محمد عبد السلام ومليشياته الكبسة ولكن على طريقة مباحث القاهرة، عندما تهاجم فجأة "غرزة محششين" في مكان ما.

أطلق الحوثيون العنان لخيالهم وأقدموا على كل شيئ يستفز الآخرين، وهدفهم هو كسر إرادة الناس وتمريغ كرامتهم، حتى إذا حانت ساعة الصفر وأُعلن عن الإمام، فلن يستطيع أحد الوقوف أمامهم. استمرأ المخلوع صالح هذا السلوك ودعمه وشجعه، وكانت النتيجة تجمع معظم اليمنيين حول موقف موحد من الانقلابيين عفاشيين وحوثيين، لا يحتمل سوى معنى واحداً وقولاً واحداً: الرفض التام.

التجمع اليمني، للإصلاح أكبر الأحزاب اليمنية، انسحب من الساحة وكان بإمكانه أن يدير حرباً مع العصابات الحوثية والعفاشية، ولكنه أدرك أن ثمة مؤامرة لا تستهدفه فقط بل وتستهدف اليمن برمته...لم يحمد له الحوثيون والعفاشيون هذا الموقف، ولم يشفع له أنه أخلى لهما الساحة وتنحى جانباً. ظل عفاش والحوثيون يعدون عدة الحرب، والإصلاح هو الهدف وظلت تغذية الوعي الجمعي بكراهية الإصلاح نهجاً قائماً عبر وسائل الأعلام وفي المنابر..لم يكن هناك من دافع لكل ما يحصل سوى أن هذا الحلف الانقلابي القبيح كان يشعر أن لديه ما يكفي من السلاح لإخضاع خصومه في الداخل، وإعادة تأسيس نظام شمولي يتحكم بمصير الدولة والشعب، ويعيد العمل بمبدأ الضم والإلحاق وامتهان كرامة الآخرين.

أعلن هذا الحلف التعبئة العامة وأطلق جنوده من الجيش وقطيع الحوثي المغيب عن الوعي باتجاه المحافظات الجنوبية..كان هذا هو الخطأ الذي لا يحتمل..ناهيك عن استفزاز بلد قوي مثل المملكة العربية السعودية.. لم يلتقط هذا الحلف إشارات انسحاب البعثات الدبلوماسية من صنعاء، بل أغراه ذلك أكثر للمضي في تنفيذ مشروعه وفرض الأمر الواقع..

ما الذي حدث بعد ذلك؟ الذي حدث أن حلفاً آخر خارج الحدود تشكل على عجل، وعيَّن أهدَافه بوضوح، ثم أطلق العنان لطائراته المقاتلة والحديثة، ولسلاحه الأكفأ والأحدث وبدأ بضرب الحلف الداخلي، ويعصف بأحلامه وأمانيه السيئات.. ولله الأمر من قبل ومن بعد..