الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٢٩ صباحاً

عبدالملك الحوثي لن يكون امبراطور اليابان ويوقع وثيقة استسلام

علي البخيتي
الثلاثاء ، ٢١ ابريل ٢٠١٥ الساعة ١٠:١٦ مساءً
ستتمكن الطائرات السعودية من سحق البنية التحتية اليمنية، ومن قتل وجرح عشرات الآلاف من اليمنيين، ومن صناعة جرح عميق بين اليمن وبين النظام السعودي لن يندمل أبداً، لكنها من المستحيل أن تحقق نصراً في هذه الحرب.

لا أزايد بحديثي هذا، ولا أدعي بطولة أو صمود، فأنا أكتب هذه السطور من العاصمة اللبنانية بيروت حيث شاءت الأقدار أن يبدأ العدوان على اليمن وأنا مسافر، وجزمي بهزيمة النظام السعودي في هذه المعركة نابع من الأهداف التي أعلنها، فاستحالة تحقيقها يعني فشل العدوان في تحقيق أهدافه، والفشل في تحقيق الأهداف يعني الهزيمة.

***

صحيح أن اليمن سيتكبد خسائر عسكرية فادحة، إضافة الى عشرات الآلاف من المدنيين الذين سيقتلون ويجرحون ويعاقون، إضافة الى البنية التحتية التي سيتم تدميرها والنسيج الاجتماعي الذي أُحدِث شرخ غائر فيه بعد أن تورطت بعض الأطراف السياسية بدعم العدوان معتقدة أنه سيكون تدخل محدود لمعاقبة الحوثيين وصالح، فإذا به يتحول الى حرب شاملة ومجازر جماعية وفظاعات وجرائم ضد الإنسانية، وحصار وعقاب جماعي لأكثر من خمسة وعشرون مليون يمني، ومع كل ذلك لم تستطع تلك الأطراف التراجع وكابرت واستمرت في موقفها لأنها رمت بكل ثقلها وكروتها في سلة المراهنة على السعودية وعاصفتها، وستدفع ثمناً فادحاً لن تدركه الا حين يتوقف العدوان.

***

أجزم أنه لن يحصل استسلام، ولن تُرفع الراية البيضاء، ولن يكون عبد الملك الحوثي امبراطور اليابان الذي وقع وثيقة الاستسلام في الحرب العالمية الثانية، ولن تكون الرياض حاملة الطائرات التي وقعت عليها تلك الوثيقة، فمع هول انفجار فج عطان الشبيه بجريمة القنبلة النووية التي القيت على هيروشيما وناجا زاكي في اليابان وفداحة الخسائر والرعب الذي تسبب فيه الا أن نتائجه كانت عكسية تماماً، فقد وحدت غالبية اليمنيين ضد الجريمة، وأحرجت وبقوة حلفاء السعودية، ورفعت منسوب وحشية العدوان السعودي الى مستوى لم يتحمله أنذل وأحقر من خلق الله في اليمن ومنهم المتواجدون في الرياض اليوم.

***

اليمن ليست اليابان، وعلى النظام السعودي أن يعي ذلك، وكما صمدت مصر أمام العدوان "الثلاثي" ستصمد اليمن أمام العدوان "العشري"، وسيقاس النصر والهزيمة ليس بمقدار الخسائر في الأرواح والبنية التحتية انما بمقدار صمود الإرادة والصبر وتحقيق الأهداف، ولأن هناك استحالة في عودة الرئيس هادي الى صنعاء والجلوس على رئاسة اليمن من جديد، وقد ادركت السعودية ذلك وما ايعازها لهادي لتعيين بحاح نائباً له الا ايماناً منها بهذا السياق، كما أنه من المستحيل تركيع أنصار الله الحوثيين لأنهم ليسوا مجموعة أفراد معزولين عن المجتمع يمكن الضغط عليهم ومحاصرتهم الى أن يستسلموا، فهم مجتمع بكامله، في مساحات واسعة من تراب اليمن، وحاضنتهم الشعبية بالملايين، ولهم جذور ضاربة في التاريخ لا يمكن اقتلاعها بسهولة، الا اذا ضُربت المناطق التي تتواجد الحاضنة الشعبية لهم بالأسلحة الكيميائية أو بالقنابل النووية بشرط أن لا يبقى منهم من يواصل التناسل.

***

قامت إسرائيل بنفس التجربة في حربها الأخيرة على لبنان في 2006م، وحاولت تركيع حزب الله عبر استهداف مجتمعه وحاضنته الشعبية، وضرب البنية التحتية لتلك المناطق، وسكت العالم عن تلك الجرائم والتجاوزات، ومنحت إسرائيل مهلة بعد أخرى، وتحملها المجتمع الدولي لـ 33 يوماً، ثم تعالت الأصوات التي أوقفت الحرب بعد أن شعر النظام العالمي بالإحراج، وبأنه سيخسر الصورة التي طالما سعى الى رسمها لإخفاء توحشه، ونفس هذا السيناريو سيتكرر في اليمن، وستُجبر السعودية على وقف عدوانها دون أن تتحقق نتائجه، وهذا في حد ذاته هزيمة ساحقة لها ولأدواتها الذين يعيشون في فنادق وفلل الرياض.

***

الحرب في اليمن كشفت من جديد الوجه الحقيقي لهذا النظام العالمي، وهمجية الرأسمالية المتوحشة التي تُشترى فيها ذمم الدول والأنظمة والمنظمات الدولية وكبرى المؤسسات الإعلامية وكل شيء تقريباً، ويضرب عرض الحائط بكل القوانين والأعراف والاتفاقات الدولية والحقوقية، لسبب بسيط، وهو الاغراء بالصفقات وبالمال السعودي الخليجي القادر على شراء كل شيء.
سيكتب التاريخ قريباً عن هذه الحرب، وستتحمل الدول الغربية وبقية دول العالم المسؤولية الأخلاقية عن الجرائم التي ترتكب في اليمن بالشراكة مع النظام السعودي ومن أيده وسانده في هذا العدوان، وسيعرف النظام السعودي أنه تم توريطه، وكلما اكتشف ذلك النظام هذه الورطة مبكراً وسعى للخروج منها كلما كانت خسائره أقل، وكلما أمعن في القتل والتدمير كلما تقلصت فرص نجاته من مشنقة الحرب في اليمن.

*نقلاً عن صحيفة الأولى