الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٥٠ مساءً

لماذا تفجّر حركة الحوثي بيوت خصومها؟

نبيل سبيع
الاثنين ، ١٨ مايو ٢٠١٥ الساعة ١١:٥٣ مساءً
لماذا تقوم حركة الحوثي بتفجير بيوت خصومها بعد انتصارها عليهم؟
ولماذا لا تتوقف عن هذه العادة الهمجية المرفوضة والمدانة تقريبا من معظم الناس بمن فيهم بعض أنصارها؟
يتساءل كثيرون عن سبب تشبث حركة الحوثي بهذه العادة، ويرجعون السبب غالباً الى رغبتها في إذلال خصومهم وانتهاك حرمات بيوتهم فضلاً عن نشر الرعب في قلوب كل من يفكرون بمعارضتها. وصحيح أن هذا يبدو بمثابة هدف أساسي لهذه العادة الحربية الهمجية التي تستهدف ضرب المكانة الإجتماعية لخصومها، لكنه على الأرجح لا يشكل السبب الرئيسي وراء تشبث هذه الحركة بهذه العادة.

إن تفجير بيوت الخصوم هي عادة إمامية قديمة ومتجذرة في أنظمة الحكم الإمامية منذ وصول الهادي الرسي الى اليمن قبل أكثر من ألف عام. ومع أنها كانت موجودة قبل الأئمة حيث كانت ممارسة في صراعات وحروب الكثير من المجتمعات القديمة، إلا أنها ارتبطت في تاريخ اليمن بأنظمة الإمامة حيث لم تكن على الأغلب من عادات وتقاليد الحرب في هذا البلد قبل الأئمة، أو على الأقل لم تكن عادة حربية راسخة في اليمن قبل أن يحولها نظام الإمامة كذلك.

توقفت هذه العادة عن كونها تقليداً أساسياً من تقاليد حروب أنظمة الحكم في شمال اليمن بعد ثورة 26 سبتمبر التي أطاحت بنظام الإمام أحمد وأعلنت قيام الجمهورية. وبالرغم من أن بعض وجوه النظام الإمامي وعاداته استمرت بشكل أو بآخر داخل نظام الحكم الجمهوري الجديد ومنها بعض عادات الحروب الداخلية التي تقوم بها أنظمة الحكم المتعاقبة، ورغم أن بيوت وحياة الخصوم السياسيين لم تُصَن في ظل الحكم الجمهوري أيضاً، إلا أن تفجير بيوتهم بشكل ممنهج وثابت كفّ عن كونه عادة وتقليداً راسخاً من عادات وتقاليد حروب نظام الحكم في صنعاء خلال العقود الجمهورية حتى أتتْ حركة الحوثي وبدأت في إحياء الكثير من العادات والتقاليد الإمامية في الحرب والحكم على حد سواء، وفي مقدمتها: عادة تفجير بيوت الخصوم السياسيين.

وعليه، يمكننا فهم سبب كل هذا التشبث الحوثي بهذه العادة: فتفجير بيوت الخصوم السياسيين تشكل أحد الوجوه الإمامية لحركة الحوثي التي يبدو أنها تعتبر هذه العادة جزءاً لا يتجزأ من "الإمامة"، ولذا يصعب عليها الإقلاع عنها بسهولة.
ورغم أن حركة الحوثي تستطيع التخلص من هذه العادة الهمجية التي باتت مستنكرةً جداً ومثيرةً للإستغراب في هذا العصر دون أن يعني ذلك التخلص من "مشروعها الإمامي"، إلا أنها لم تفعل ومن المستبعد ذلك مستقبلاً ربما لأنها قد لا تكون مجرد حركة إمامية قدرما تبدو حركة متطرفة في إماميتها.

تنفي حركة الحوثي توجهها الإمامي، لكنها لا تنكر من علاقتها بـ"الإمامة" سوى علاقتها بالإسم. أما على الصعيد الفعلي والعملي، فهي تبدو كما لو تتبنى "الإمامة" بحذافيرها وتنتهجها بالكامل لدرجة أنها تقوم بإحياء وترسيخ معظم شروطها ومظاهرها وصولاً الى أبسط تفاصيلها سواءً في الحرب أو الحكم