الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٥٨ مساءً

لا مؤتمر جينيف غدا الخميس حول اليمن

محمد كريشان
الاربعاء ، ٢٧ مايو ٢٠١٥ الساعة ١١:٤٥ صباحاً
محمد كريشـان
لا مؤتمر جينيف غدا الخميس حول اليمن.. بل و لا يعرف أصلا إن كان هناك موعد آخر له. حسنا فعل الرئيس هادي برفضه الذهاب إلى حفلة التيه التي كانت ستنظم هناك و حسنا كذلك فعلت الدول الخليجية التي ساندته فأفشلت انعقاده حتى و إن لم تتورط علنا في تصريحات مناهضة له.
أول مرة رُمي فيها بفكرة مؤتمر بجنيف كانت على لسان المبعوث الدولي الجديد إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد في كلمته بمؤتمر الرياض الأخير حول اليمن. رمى بالفكرة والجمع لم ينفض بعد من هناك و لم يكن يعرف حتى بماذا سيخرج هؤلاء الذين جاؤوا إلى هناك ممثلين لكل أطياف المجتمع اليمني تقريبا سوى أولئك المتسببين في مصيبته الحالية.
ولد الشيخ أحمد، الذي جاء بعد بن عمر، الذي يتحمل وزرا ليس بالقليل عما وصلت إليه الأوضاع في اليمن، قال وقتها بأن الأمم المتحدة تقف على الحياد وبأنها على مسافة واحدة من الجميع. قالها في سياق من يشيد بنفسه عوض أن يشيد به الآخرون ناسيا أنه أساء إلى الأمم المتحدة من حيث أراد العكس، إذ كيف له بدءا أن يقف على مسافة واحدة بين سلطة شرعية معترف بها دولية و بين من ينكر عليها ذلك و خرج عليها بقوة السلاح، ثم كيف له أن يكون على الحياد بين من أنصفه مجلس الأمن الدولي و وقف إلى صفه و بين من أدانه و حمّــله مسؤولية ما يجري و طالبه باستحقاقات محددة لم يف بأي منها على الإطلاق، بل كيف له أن يزعم ذلك بين من اعترف بقرارات مجلس الأمن المتعددة عن اليمن و التي تتضمن إدانات للحوثيين و صالح و بين هؤلاء الذين رفضوا تلك القرارات و أبانوا عن استخفاف واضح و علني بها؟. في تلك الكلمة التي رمى بها ولد الشيخ بمقترح جنيف حكم على المقترح بأن يولد ميتا لأنه لم يكتف بتناسي كل ما سبق بل إنه كان أشبه بمن يدعو الناس إلى بيته فيما يتواصل توافد الناس على حفل آخر سبقه إليه غيره. بدا ولد الشيخ وقتها، بحسن نية أو بغيرها، مستخفا بالدور الإقليمي الذي لعبته دول المنطقة بدءا من «المبادرة الخليجية» التي تبنتها الأمم المتحدة صولا إلى «عاصفة الأمل» التي أعطتها مباركة ضمنية حتى و إن انطلقت خارج إرادتها و بعيدا عن قيادتها.
لذلك كله أصاب هادي حين شدد خلال لقائه ولد الشيخ على ضرورة انسحاب الحوثيين من المناطق التي استولوا عليها في البلاد قبل مناقشة أمر المشاركة في حوار جنيف، و على ضرورة ممارسة الأمم المتحدة مزيدا من الضغوط على المتمردين للانسحاب من المناطق التي استولوا عليها دون حق من خلال تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2216. لو لم يفعل هادي ذلك لبدا أنه يقر بعبثية كل ما فـُــعل لثني الحوثيين و المتحالفين معهم عن المضي في حماقاتهم و لاعترف كذلك باستحالة توظيف ما لحق بهؤلاء من أضرار عسكرية ، حتى و إن لم تبد إلى الآن حاسمة لكف أذاهم عن الناس.
و في الوقت كان فيه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يعرب فيه عن الأمل بأن يساعد مؤتمر جينيف «في احياء العملية السياسية في اليمن والحد من اعمال العنف وتخفيف العبء الانساني الذي بات لا يحتمل»، كان أحد قادة الحوثيين، و هو محمد البخيتي عضو المجلس السياسي لجماعة أنصار الله، يتبجح بالقول إن موازين القوى الآن داخل اليمن هي لصالحهم « لكننا لا نريد أن نقصي الأطراف الأخرى ولذلك أرى أن إمكانية التوصل لحل ستكون سهلة جدا لأن المطلوب هو الاتفاق على رئيس توافقي وحكومة توافقية ، وبالتالي قد لا نحتاج إلى الذهاب لمؤتمر جنيف إذ أعادت السعودية النظر بشكل كامل في موقفها». هذا الكلام يعني أن الجماعة لم تكن أصلا في وارد تقديم أي تنازل في جنيف و أنها ما كانت لتفعل هناك سوى محاولة فرض شروطهم و ليس للبحث عن تسوية تنهي عدوانهم على الدولة و مؤسساتها .
أكثر من ذلك، مؤتمر جنيف المجهوض كان يمكن أن يقود إلى ما هو أسوأ بكثير على غرار ما تخوف منه الباحث والمحلل السياسي اليمني علي البكالي عندما خشي أن يكون هدفه التوصل إلى صيغة «تقاسم طائفي» لليمن تكون اقـــــرب الى النموذج اللبناني». كان مؤتمر جنيف أقرب ما يكون إلى دوامة على غـــرار جنيف السوري. و لهذا كان مناسبا جدا عدم التجاوب مع الدعوة إليه إلى أن تتضح الصورة و يشار إلى المتسبب في الأزمة بكل وضوح لينفذ ما عليه و يحاسب لا أن يكرم في جنيف تحت أضواء الإعلام الدولي فيزعم مكانة لا يستحقها ليقول لجماعته و من يقف وراءه: ها هم جاؤوا إلينا صاغرين!!