الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:٢٦ مساءً

لماذا يجب أن لا تقع اليمن تحت قبضة الحوثيين؟

وئام عبد الملك
الاربعاء ، ٠١ يوليو ٢٠١٥ الساعة ١١:١٤ مساءً
هناك من الفئة المطحونة الذين ذاقوا الأمرّين جراء الحرب، من يقول بأنه يجب علينا السماح للحوثيين بالسيطرة على اليمن وحكمها، لتجنيب اليمن الحروب، فهم يمنيون!

إن أولئك لا يعلمون تبعات استسلامهم ذاك، فحكم الحوثيين لليمن، يعني سقوط اليمن في الأيدي الإيرانية، فتلك الجماعة احتضنتها إيران ومولتها منذ بداياتها، وتعمل وفقا لأجندة إيران، وكما قال الباحث في العلوم السياسية محمد حامد" فإن إيران منذ احتلال العراق في 2003، وإيران تبسط إرادتها ونفوذها على المنطقة، وكونت هلالًا شيعيا من العراق إلى لبنان وتريد أن تستكمله في اليمن، وهذا ما تتفاخر به الإدارة الإيرانية الحاكمة في طهران وتبشر بعودة الإمبراطورية الفارسية وستكون عاصمتها بغداد".

وقال البعض بأنها تسعى نحو تكرار سيناريو حزب الله اللبناني في اليمن، وقد استبعد الكاتب الإيراني أمير طاهري في مقال له بصحيفة الشرق الأوسط ذلك الأمر، كون لبنان بلد صغير المساحة ويسهل على جماعة صغيرة السيطرة عليه، بعكس اليمن . لكن تحالف الجماعة مع صالح الذي أراد الانتقام من الشعب الذي تحرر من قبضته، دعمهم كثيرا، ولن تتوانى إيران عن التوسع ومحاربة العالم، ودول الخليج- على وجه الخصوص- إذ تمر من المضيق تقريبا 30% من صادرات النفط الخليجية، بعد أن تكون قد أحكمت سيطرتها على مضيق باب المندب، وهو من أكبر طموحاتها ومطامعها في اليمن، وستظل على إثر ذلك اليمن بؤرة صراعات دائمة.

ولمضيق باب المندب أهمية كبيرة، فوفقا لصحيفة العرب التي قالت" عدّ مضيق باب المندب الذي تسيطر اليمن عليه من جانب، وتسيطر عليه إريتريا و جيبوتى من الجانب الآخر، شرياناً رئيسياً للحركة الاقتصادية والتجارية العالمية، وهو رابع أكبر الممرات المائية في العالم (بعد مضيق هرمز، ومضيق ملقا، ومضيق السويس)، و وصول الحوثيين إلى منفذ 'الحديدة' سيمكنهم من إحكام السيطرة على مضيق باب المندب، مما سيشكل تهديدا كبيرا لقناة السويس ولسيادة مصر".

وقد تحدثت صحيفة الوطن المصرية عن أهمية باب المندب، فقالت بأنه" مضيق مائي ذو أهمية مختلفة، فعلاقته مكملة مع قناة السويس، حيث يعتبر المدخل الجنوبي لها، ويربط بين البلدان الأوربية من البحر المتوسط من جهة، وبلدان شرق أسيا والمحيط الهندي وشرق إفريقيا من جهة أخرى، ويقدر عدد السفن وناقلات النفط العملاقة التي تمر فيه في الاتجاهين، بأكثر من 21 ألف قطعة بحرية سنويًا، أي ما يعادي 57 يوميًا، وفي حال السيطرة عليه وإغلاقه سيتم تحويل السفن إلى الدوران حول قارة إفريقيا بما يعرف بـ"طريق رأس الرجاء الصالح، كما يتحكم في حركة الملاحة الجنوبية للبحر الأحمر، ويعتبر المدخل الجنوبي لقناة السويس، ويفصل بين قارتي آسيا في الشمال الشرقي، وإفريقيا في الغرب، ويصل بين بحر العرب وخليج عدن".

وإذا تحقق لطهران هذا الهدف، فإنها بذلك تكون قادرة على تهديد أهم منفذين بحريين في العالم وهما مضيق هرمز الذي يفتح الباب على مياه الخليج وباب المندب الذي يفضي إلى البحر الأحمر ومنها إلى قناة السويس فالبحر المتوسط، كما حذر من ذلك العديد من المطلعين.

كما أن إيران تسعى للزج باليمن في الطائفية التي لا تحمد عقباها، وبحسب رويترز" فقد اتهم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي جماعة الحوثيين، بتنفيذ مشروع إيراني لنشر المذهب الاثنى عشري الشيعي، وإدخال اليمن في حرب طائفية"، والمعاناة في العراق جراء الفرز المذهبي الذي أشعل حربا مذهبية، دَعَمها أكثر من طرف، خير شاهد على العواقب الوخيمة، التي يمكن أن تتسبب بها الطائفية، إن حلت باليمن وتوسعت بشكل أكبر.

وجماعة الحوثيين لا تحظَ بدعم كبير من قبل أبناء اليمن، الذين يرفضون التطرف والإرهاب والفكر الدخيل الذي جاءت به الجماعة، والممارسات المستهجنة التي مارستها، وانقلابها الدامي، وهو ما جعلهم يحرزون تقدما في مساعيهم نحو السيطرة على المدن، إن ممارساتهم المشينة غير مقبولة وجعلت تلك الجماعة تخسر أكثر وأكثر، فهي لن تلقى حاضنة في مجتمع كالمجتمع اليمني الأصيل، هي فقط تحظى بمُرتزقة، وداعمين للطاغية صالح.

لقد أصبح خيار المقاومة هو الخيار الأسلم، وإن كان ثمنه باهضا جدا، بعد أن رفضت تلك الجماعة كل خيارات السلم والتفاوض، كما أن دعم قوات التحالف للمقاومة من شأنه أن يعزز من موقف المقاومة ويحرزون تقدما، كما أن اتباع المدن الخاضعة لسيطرة الحوثيين لنهج المقاومة، من شأنه أن يضعف الحوثيين وحليفهم صالح كثيرا.

نعلم بأنَّا ندفع جميعا ثمن هذه الحرب من مستقبلنا وبلدنا، لكنه الدرس الذي ينبغي أن نتعلمه، ولا نستهين بأبسط شرارة قد تكون نذير شر، فمعظم النار من مستصغر الشرر.