الاربعاء ، ١٧ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٥٧ صباحاً

يكفينا وجع!

وئام عبد الملك
الأحد ، ١٢ يوليو ٢٠١٥ الساعة ١٢:٢٩ صباحاً
مع بداية الساعات الأولى للهدنة التي أُعلن عنها، شن طيران التحالف العربي عدة غارات جوية في مدينة تعز، اهتزت لها المدينة، كما اهتزت لها قلوبنا التي فقدت الإحساس بكل شيء، ولم تكن تعز قد هدأت حتى لبضعة ساعات من قصف الحوثيين الذي يطال كل هنيهة مكان.

الهدنة هذه التي أعلن عنها وستستمر حتى نهاية شهر رمضان الفضيل، كانت أمل كثير من الناس، لكنها اليوم لم تعد كذلك، بعد أن اغتال بشناعة الحوثيون وصالح وطيران التحالف العربي، الفرحة التي تسللت إلى قلوب بعض المطحونين، وعلى وجه الخصوص النازحين منهم، ويتحمل مسئولية خرق الهدنة الحوثيون وأنصار صالح وحدهم، فهم ينكثون بكل اتفاق يتم التوصل إليه، ويستغلون الهدنة في كل مرة لترتيب صفوفهم، لكن هذه المرة قوات التحالف قامت بمنع تقدمهم في جبهات كثيرة في تعز.

قائد ميليشيا الحوثي قال في خطابه الأخير" الشعب اليمني ما زال صامدا، ويزداد وعيا، في اليوم السابع بعد المائة على هذا العدوان، الذي لم يراع أي حرمة، وطال الأطفال، والنساء، والكبار، ومنشآت الحياة، والمناحي الخدمية كلها"، ولكن ما الذي يفعلونه هم في تعز وعدن؟ إنهم يذيقوننا أشد العذابات، وجحيمهم أكثر مرارة، لماذا يحاصرون تعز أو عدن؟ فهذه الميليشيا هي نتاج الإرهاب الذي زرعته إيران وما تزال.
نحن في تعز وعدن نعيش تحت نير الحوثيين وصالح، وأهلنا في صنعاء وبعض المحافظات يعيشون تحت نير قصف قوات التحالف، وصخرة الحوثيين وصالح الكبيرة جدا، التي ترزح فوق أرواحهم.

نحن في تعز نتألم بعد أن ننال شتى أصناف العذابات جراء الاشتباكات بين حين وآخر، والحصار المفروض عليها، فلا نكترث كثيرا للغارات الجوية، التي لا تكون بذات الجنون الذي تكون به، حين تحل ضيفة ثقيلة على صنعاء لوجود المعسكرات داخل المدينة، أو صعدة التي كانت ضحية سيطرة الحوثيين عليها.

في أحايين كثيرة نقول بأن المملكة العربية السعودية جادة بالفعل في دعم اليمن، ليأتي الطرف الآخر وينعتك بالعمالة، والطرف السعودي يشتكي من القيادة اليمنية" العَقَبَة" في الرياض، فاليمن أرض جميلة ومسالمة، لكنها منكوبة بمن يسمونهم( قيادات) من أي طرف كان، فهم من يضيعوا البلد ببيعها أو بسوء إدارتها، ونحن في تعز بعد أن ننال نصيبا ثقيلا من قصف الحوثيين وصالح، نقول لا بأس إن تم استهداف قوات التحالف العربي للحوثيين وأنصار صالح هنا، لكن نجد أهلنا في صنعاء وغير مدينة يموتون كل يوم مليون مرة، بسبب العذابات التي تطالهم من الغارات الجوية، ألا يعلم كل أولئك أن أكثر من عشرين مليون إنسان، يريدون أن يعيشوا كما ينبغي؟ كفرنا بكم أجمعين، وآمنا بالحياة التي نريد لا غير، ولم يعد هناك شيء مقدس سوى وطننا الجميل، والمقاومون من أجل الوطن لا غير.

الحوثيون وصالح الذين أقحموا الوطن في هذه الحرب، ستلاحقكم لعنات الأبرياء حتى قبوركم، وقُبحتم.
نحن اليوم نقتل تحت مسمى الخطأ أو الدواعش أو الدفاع عن الوطن أو الدين وغيرها، وكل هذه المسميات وراءها الموت ولا شيء سواه، إن كنتم لا تعلمون!

دعونا نعيش، دعونا نحقق أحلامنا، العمر يمضي ونحن كل يوم نتنازل عن أحد أحلامنا الذي رافقنا العمر بأكمله، بأي ذنب نُقتل؟ وبأي ذنب يُبتر أحد أعضاء أحدهم فيصبح معاقا؟ بأي ذنب تصبح الأم أرملة والأبناء أيتام؟ بأي ذنب يموت الناس لتدهور الوضع الصحي؟ بأي ذنب يُمسي المواطن وهو يفكر في احتياجات يومه، يفكر هل ستكون النقود التي في حوزته كافية، هل يمكنه أن يغادر المنزل؟ هل عليه أن ينزح؟ وغيرها كثير.

سئمنا كل شيء عدا الحياة التي اكفهر وجهها، وجُبلنا على أن نحياها، إنَّا نلتقي الموت مرات كثيرة، فكثيرا ما يبتعد عنا، لكنه يخلفنا للجحيم الذي يلازمنا.

موطني لم نعد نجد فيك ما يسعد أرواحنا التي تملأها التجاعيد، موطني واليوم كذلك ودعنا أحد أحلامنا، بعد أن نكون قد اقتربنا منها كثيرا لأجلك، لكن حروبهم تُبعدنا عنها، موطني حروبهم تجعلنا ندفع كلفتها بشكل أو بآخر، والعمر يمضي، موطني هل كل الناس مثلنا يعيشون ولا يعلمون لماذا يعيشون؟ أو يخططون لأحلامهم ثم يفقدونها بسرعة هكذا، بعد أن أحالوا الحياة، إلى حياة تحتضر؟.

(د. إيهاب)،( د. يارا)، أشكركما، ولن أنس أنكم أدخلتم على قلبي سعادة، بعد أن أيقظتم حلما جميلا في ظل كل هذا القُبح، ولا أشكركم يا أهلنا الذين تقتلوننا، وتدمرون وطننا بتعنتكم وحماقاتكم، وتنتزعون حقنا في أن نعيش بسلام، وتحرصون على قتل أحلامنا، وتجعلونها إما تنام بعمق أو تنام بعمق!