الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:١٥ مساءً

قيل اليوم "عيد"

وئام عبد الملك
الجمعة ، ١٧ يوليو ٢٠١٥ الساعة ٠٧:٣١ مساءً
على أصوات القصف الذي تعرضت له تعز صباح يوم العيد، أبناء الجيران يركضون في الدرج بسرعة ويلهثون بفزع، بعد أن باغتتهم القذائف، حين كانوا في طريقهم إلى الدكان، وعادوا إلى منازلهم دون أن يتمكنوا من شراء" الجعالة"، لا حركة في الحي، فهناك قصف، هذا هو صباح أولى أيام عيد الفطر المبارك، وحقيقة في ظل الأوضاع المريرة التي تمر بها البلاد، لم نكن قد شعرنا برمضان حتى ننتظر العيد، مع بداية الدقائق الأولى في يوم العيد ما زالت أصوات الانفجارات والرصاص تتوالى.

لكن الانتصار الأخير الذي حققته المقاومة في عدن، والتقدم في بعض الجبهات القتالية في تعز وغيرها من المدن، قد جعل لنا من السعادة نصيبا وإن قلّ.
لكن بأي حال جئت يا عيد، الأهل والأقارب نازحون والكثير الكثير من الناس، وهناك الجوعى، والجرحى، وهناك كذلك أم تشكو موت ابنها، وزوج تشكو موت زوجها، وابنة تشكو فقدان أباها، وشباب يشكون ضياع مستقبلهم، وصغار يشكون رحيل أمهم.

في هذا المساء دموع الكثير من الأمهات سالت، بدلا من أن ترتسم البسمة على مُحياهن، فأخبار القتلى والجرحى ما زالت، وحين يتذكرن أن اليوم سيحمل لهن ذكرى المساءات العائلية التي كانت خلال العوام السابقة واقعا، والتي كانت تعج بأحفادهن، وكل أحبتهن حولهن، يجهشن بالبكاء، إذ لا شبيه لها اليوم، فالحرب هذه المرة فرقت كل أولئك، جعلتهم ما بين قتيل وجريح ونازح.

كان الناس قد اعتادوا في اليمن في كل عيد، أن يتحضروا للعيد بشراء الثياب الجديدة، وتحضير الكعك والمكسرات والحلويات، ويزورون بعضهم.
لكن هذا العام في- تعز على سبيل المثال- لا مظهر للعيد، فشوارع مدينة تعز تكاد تخلو من متاجر الملابس، والمتاجر التي كانت تبيع حلوى العيد والمكسرات.

فالعديد من المواطنين غير قادرين على شراء الملابس الجديدة، أو المكسرات وغيره، ففي ظل ارتفاع الأسعار، وافتقار الحياة لأبسط مقوماتها، أصبح كل ذلك ترفا، وعلى الرغم من كل ذلك حرص بعض الآباء، على زرع السعادة في قلوب صغارهم كيفما اتفق.

لا مُنافس للبؤس هذا العام، فكل لحظة وإن كانت حملت بعض سعادة، فهي قد مرت من على عتبات الدماء وأهوال الحرب، وأنتم أيها الناس الأبقى، والسعادة الحقيقية، فكل عام وأنتم أيها الأنقياء أسعد، و وطننا آمنا ومستقرا، وعافى الله هذا البلد مما حل به، وكل عام وأنت يا وطن حرا، ويا أهلنا النازحين كل عام وأنتم أسعد، ويا أيها الجرحى كتب لكم الله الشفاء، ويا شهداءنا ارقدوا بسلام، فدماءكم التي سالت لأجلنا، ستثمر نصرا ومستقبلا لأبناء اليمن ولو بعد حين، كل عام والحب سماؤنا وأرضنا وهواؤنا؛ لنعِش بسلام" معا" في هذا الوطن.