الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:١٣ مساءً

سايكس بيكو جديدة في اليمن...ضاحي خلفان يمهد لتفتيت الجنوب

علي البخيتي
الأحد ، ٣٠ أغسطس ٢٠١٥ الساعة ٠٨:٣٧ صباحاً
رددوا كثيراً أن إيران تدعم انفصال الجنوب، وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها، وعلت أصواتهم مهاجمة إيران بأقذع الألفاظ، مع أن كل تلك التهم لا يوجد عليها أي دليل ملموس، وعندما يدعو مسؤول إماراتي مهم إلى تفكيك الجنوب وانفصال عدن وحضرموت وإعلانهما دولتين مستقلتين وضمهما إلى مجلس التعاون الخليجي يصمتون، وتخرس ألسنتهم، ويصبحون كالنعاج لا يبدون حتى رأي أو اعتراض على هكذا تصريحات خطيرة تدعو إلى تفتيت اليمن.

خطورة ما يطرحه ضاحي خلفان أنه لا يدعو إلى فك ارتباط الجنوب، والعودة إلى ما قبل عام 90م، فقد يكون ذلك مقبولاً، لأن الكثير من التيارات الجنوبية تطالب به، وقد يتم القبول به في الشمال إذا ما قرر غالبية الجنوبيين ذلك، فلهم حق تقرير مصيرهم، لكن عندما يدعو إلى تمزيق وحدة الجنوب، فإن كلامه هنا يجب أن يؤخذ بشكل آخر تماماً.

***
ما يدعو للاستغراب، هو الصمت المطبق من قبل هادي وحكومة بحاح والأطراف السياسية اليمنية التي في الرياض، لم يدينوا تصريحات المسؤول الإماراتي الرفيع، ولم يحتجوا عليها، أو يطلبوا من الخارجية الإماراتية توضيحاً، لا أدري لماذا كل هذا الذل الذي هم فيه، على الأقل يطلبوا من الإمارات احترام والالتزام بما تم الاتفاق عليه في مؤتمر الرياض الأخير برعاية مجلس التعاون الخليجي، والذي أكد على وحدة وسلامة الأراضي اليمنية، إضافة إلى كل قرارات مجلس الأمن الدولي.

المستغرب أكثر هو صمت الجنوبيين تجاه هذه الدعوة الواضحة والصريحة والتي تعتبر تحريضاً علنياً على تفتيت الجنوب وخلق فتنة وحرب داخلية جنوبية جنوبية، فكيف يمكن أن تتحول عدن إلى دولة وحضرموت إلى دولة؟ وكيف سيكون حال بقية المحافظات الجنوبية؟ ومع أي دولة ستكون المهرة؟ وما هو مصير شبوة؟ وكيف سيكون هناك إمكانية لحياة محافظات مثل لحج والضالع وأبين؟ وما هي مصادر ثرواتهم بعد انفصال عدن وحضرموت وشبوة والمهرة؟

***
ما يدعو إليه ضاحي خلفان خطير جداً، وبالأخص على الجنوب، لأنه أثار قضايا لم تكن مطروحة من الأساس، كاستقلال عدن وتحولها إلى دولة، وهذا الكلام يجب أن يؤخذ على محمل الجد؛ لأنه يطلق من دولة تحتل قواتها –أو تتواجد – في محافظة عدن.
لماذا خرس الجنوبيون؟ لماذا بلعوا ألسنتهم؟ لماذا لا يطالبون حتى بتوضيح يصدر من الخارجية الإماراتية تقول فيه إن تغريدات وآراء ضاحي خلفان لا تعبر عن سياسة الإمارات العربية المتحدة؟ مع أن تلك التصريحات لا يجوز أن تصدر من مسؤول رسمي مهما كانت المبررات، لأنها تعد مؤامرة على وحدة دولة شقيقة وصديقة تربطها معها علاقات دبلوماسية واعتراف متبادل.

***
تصريحات ضاحي خلفان بالونات اختبار لقياس ردة الفعل تجاه ما تضمرة الإمارات من نوايا سيئة ضد الجنوب، وتظهر أطماعها الواضحة في الاستيلاء على عدن، لأنها تعتبرها المدينة التي قد تنافس دبي وكل مدن الإمارات وموانئها في المستقبل، فموقعها الجغرافي يؤهلها في حال استقرت أوضاعها لاستعادة مكانتها المهمة على خارطة الملاحة العالمية، ويمكن أن تأتي دول وشركات استثمارية عملاقة لعمل استثمارات ضخمة وموانئ عملاقة في عدن تطيح بميناء دبي وبأهمية دبي من الأساس وتعيدها إلى سابق عهدها قبل تحول مركز التجارة في المنطقة من عدن إلى دبي.

تصريحات خلفان تمنح السعودية محافظة حضرموت، وتُظهر أن تدخل تلك الدول كان لمشاريع خاصة بها، والدليل صمت السعودية عن تلك التصريحات، ويظهر كذلك أن هناك تناغماً بين تلك التصريحات وتصريحات خالد بحاح الأخيرة التي أعلن فيها عن مطامح حضرمية خاصة، ولا يمكن أن تصدر عنه تلك التصريحات الخطيرة ما لم يكن على تنسيق مع الرياض، كل تلك التصريحات والصمت المريب المصاحب لها يجعلنا نتحدث وباطمئنان أن هناك سايكس بيكوا جديدة لاقتسام كعكة اليمن، والجنوب على وجه الخصوص، لأنه قليل السكان ومساحته الجغرافية كبيرة.

* مدونة علي البخيتي 28 أغسطس 2015م