الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٤٢ مساءً

عن خطاب اليدومي

مروان الغفوري
الاثنين ، ١٤ سبتمبر ٢٠١٥ الساعة ٠٢:٠٠ مساءً
كما كانت توقعاتي..
الخطاب المتحضر، الواعي باللحظة الراهنة وبالعالم، الذي ألقاه البارحة محمد اليدومي صاغه شابان مثقفان في الثلاثينات من العمر.

وفي المجمل، فتلك اللغة الواعية والحديثة التي أفسحت للاقتصاد مكاناً، لا للأخلاق الدينية
للتسامح، لا لعبادة الذات
للنضال، لا للخداع والمناورات
اللغة الرفيعة الخضراء التي صنعت الخطاب هي من صنيع شابين حاصل جمع عمريهما أقل من عمر السيد محمد اليدومي.

لولا أن الخطاب وعد القارئ بالنضال لأجل تنصيب الله سيداً وحيداً في اليمن
والله لا علاقة له بتلك الترهات، فهو لا تدركه الأبصار، ولا يحده الزمن
لولا أن الخطاب عجز عن الحديث عن السيد الإنسان، لا السيد الله
لقلت إنه منفيستو جديد يقرب الإصلاح خطوة من الليبرالية، أو حتى النيوليبرالية، طبقاً لتوقعات المفكر الأفريقي سمير أمين..

في ظلام اليمن الأزلي ع اليمنيين أن يلتحموا بالحضارة المعاصرة، وأن يجعلوا مرجعيتهم في المستقبل لا في الماضي.

الجيل الجديد في الإصلاح قادر على يخطو إلى الأمام خطوات واسعة، متحرراً من أوهام القرن العشرين وصراعه وانفعالاته
ومن مخزونه الأسود ، ومن آلاته المدمرة.
الأدمغة السياسية التي نزلت إلى القرن الجديد من ستينات وسبعينات القرن الماضي هي أقرب ما تكون إلى أدوات تعذيب، وآلات تقويض، وأجهزة طرد قديمة.
ستهدأ الحروب، قطعاً. وسينتصر ربيع الشعوب، إذا استعرنا من هوبزباوم.

ما يجري عربياً، ويمنيا، رأيته قبل ذلك. فبعد إعلان ماركس وانغلز للبيان الشيوعي في فبراير 1848 اهتزت أوروبا في ربيع شامل ضربها من السويد حتى إيطاليا، ومن براغ إلى لشبونه
مستثنيا انغلترا وسويسرا.

ولم يمر سوى عام واحد حتى انهار كل ذلك الربيع، وعادت الملكيات والديكتاتوريات والطبقات المتحكمة. ومع انهيار تلك الثورة سقط في فيننا لوحدها 4000 قتيل.
عادت أوروبا أحلك من قبل.

لكنها نجت مرة أخرى..

سيصبح كل هذا الرماد جزءاً من الماضي.

الخطاب الأخير الذي كتبه شابان في الثلاثينات يقول إننا لم نفقد عقولنا بعد، وأن اليمني الشاب لا زال قادراً ع الرؤية ويعد الآخرين بالمستقبل.

ولو كتبه الذين تعرفونهم لحدثونا عن الخندق وذات السلاسل حتى مطلع الفجر.
كل سنة وأنتم بخير أيها الإصلاحيون