الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٣٤ صباحاً

اصرخوا في وجه أوجاعكم بعد عام على انقلاب المليشيا

وئام عبد الملك
الاثنين ، ٢١ سبتمبر ٢٠١٥ الساعة ١١:٣٦ صباحاً
اصرخوا في وجه أوجاعكم بعد عام على انقلاب المليشيا
وئام عبدالملك
في هذا اليوم الأسوأ في حياة ملايين اليمنيين، نتذكر أوجاعنا التي ما زالت حية، ونسمع أنين موطننا الذي ما زال مثخنا بالجراحات، هنا لا نحتفل بل نلعن اليوم الذي أحالوا الحياة في اليمن إلى الموت، ونتذكر أوجاعنا علها تنشغل برهة بغير أرواحنا، واحتفل فيه لصوص الحياة بإنجازاتهم البشعة بقلتنا هنا في مدينة الحالمة.

الجميع سيكتب اليوم عن معاناته، ومهما كتبتنا فلكل وجع من أوجاعنا لون آخر، لفظاعة ما حصل، والجميع سيصرخوا في وجه أوجاعهم، وفي وجه لصوص الحياة وسيقولون كفى.
مر عام على الانقلاب الدامي البشع، الذي كان في الحادي والعشرين من سبتمبر 2014م اليوم الذي اجتاحت فيه مليشيات الحوثيين والمخلوع صالح العاصمة صنعاء، وسعوا نحو المدن الأخرى يلتهمونها بنشوة نصر زائف لم يستمر كثيرا.

عام دمر فيه الإنسان والوطن بكل ما تحمل الكلمة من معنى.

عام انتزعنا فيه الخوف من قلوبنا لأنّا نرى الموت قريبا منا للغاية، سواء صمتنا أم لم نصمت.
عام ظهرت فيه المليشيات بأبشع صورها أمام العالم.
عام أصبح فيه اليمني نازح ولاجئ.
عام صمد فيه اليمني كما لم يصمد من قبل مقاوما ومناهضا للظلم.
عام أصبحت فيه كلمة( حوثي) لدى اليمني وغير اليمني، لها وقع يساوي وقع كلمة( شيطان وقاتل).
عام أصبح فيه الكائن الذي يسمى( علي عبدالله صالح) إبليس البشري.

العام الذي رأينا فيه بشاعة العمل الحزبي حين يوجه أتباعه إلى القتل.

العام الذي رأينا فيه سهولة الموت وصعوبة الحياة.
عام أنهك قلوبنا وأرواحنا الموت الذي يلاحقنا أنا ذهبنا.

العام الذي نال من كل روح وقلب وعقل كل مواطن يمني.
العام الذي تعرفنا فيه على كل من شارك وتواطأ في قتلنا، ومنع قتلنا بحسب ما تقتضيه مصالحه.
العام الذي بات يطلق على صالح الحوثي صالح.
العام الذي جاع فيه اليمنيين كما لم يحدث من قبل.
العام الذي عاش فيه اليمنيين في المناطق المنكوبة والمتضررة كثيرا من الحرب، دون أي خدمات عامة ودون أي رعاية طبية.

العام الذي تخرج فيه من منزلك، وتعلم بأنك في أي لحظة قد تكون في مواجهة مع الموت.
العام الذي نام به أطفالنا باكرا حتى لا يكون هناك حرب، فأكثر القصف لا يكون إلا ليلا.
العام الذي لشد ضيق الناس وبؤسهم صارت نزاعاتهم بين الفينة والأخرى وقد تكون نهايتها القتل.
العام الذي استهلك أرواحنا ببشاعة.

عام لا أخلاق فيه للقتلة ولصوص الحياة، فكل شيء مباح قتل اختطاف واعتقال حتى باسم القانون، تفجير بالمنازل، قصف وقتل لكل شيء، تدمير وتدمير.

عام كانت فيه المليشيا تتمركز في الأماكن الحيوية، ليتم قصفها من قبل طيران التحالف.

عام محاولة التدمير القيمي لكل شيء.
عام محاولة تدمير المواطن اليمني حتى عن طريق دينه.
عام كل أيام المواطن اليمني فيه سواء سماؤها وأرضها البؤس والشقاء.
عام لم نستطع فيه أن ننام ليلا لأن الاشتباكات أو القصف كان يمنعنا من ذلك، حتى لم يبق لأرواحنا أي متنفس.
عام لا مستشفيات فيه، فتسعى لأن تتحسن صحتك بسرعة، حتى لا تصبح حالتك حرجة، فلا تجد مستشفى يقدم لك المساعدة وستموت.
عام تذهب فيه إلى عشرات الصيدليات لتعثر فيه على دواء بسيط، وقد تعود دون أن تعثر على بغيتك.
عام أصبح فيه الكثير الكثير من الناس في عازة وشحاذون، بعد أن اختطفت الحرب فيه اللقمة من أيديهم.
عام بكى فيه أغلب الناس، إما لظم أصابهم أو مصيبة حلت بهم كقتل أحد أفراد أسرتهم أو تدمير منزلهم أو لكونهم عجزوا عن إطعام أبنائهم أو مرض... إلخ.
عام ودعنا فيه أبدا أحلامنا، وأجلنا بعضها إلى أجل غير مسمى.

عام شعرنا فيه بأن العالم حين تنشب الحروب، نكون فيه لا شيء، بل إن مصائبنا هي لمنظماتهم فرصة للظهور ثانية.
عام اكتشفنا فيه بأن أكثر القتل والمعارك لا تكون فيه أثناء مضغ القات وتناول غداء المليشيا.

عام أذلت فيه الحرب وحاجتهم العديد من المواطنين، وجعلتهم مرتزقة، وكان ثمن مواجهتهم للموت ومشاركتهم في حفلة القتل زهيد للغاية.

عام فيه الشظايا والرصاص تقع بالقرب منك على بعد بضعة سنتمترات، ثم تعتاد على الأمر.

محصلة هذا العام موت وموت وموت، وموت في الحياة أشد عذابا لأرواحنا، ومهما اختلفت التسميات، محصلة هذا العام قتلى وجرحى بالآلاف وتحت مسميات عدة و وطن منهك للغاية وإنسان لم يبق منه شيء، عام لا تكفي الأبجديات لوصف بشاعته ومتناقضاته التي لا تلتقي و الحياة، ولقد ذاق المواطن اليمني ويلات هذه الحرب التي لا يعرف بشاعتها إلا من عاشها، وعلى الرغم من كل هذه المآسي فإن المليشيات التي تتحمل مسئولية كل ما حصل، ما زالت تصر على قتلنا وتدمير كل شيء مادي ومعنوي، وتتحدث عن عدوان خارجي، وكأنها تلاك المليشيا توزع علينا الورود لا الموت، في الحرب هذه التي أعطوا فيها للعقل والقلب والروح إجازة طويلة وخاضوها كحيوانات.