الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٣٥ مساءً

اهتزاز دول الاستعمار العالمي

صدام الحريبي
الأحد ، ٠٤ اكتوبر ٢٠١٥ الساعة ٠٨:٥٥ مساءً
كنت قد ذكرت سابقاً بأن "الولايات المتحدة الأمريكية" المستعمر الأول في العالم رضخت لخصمها الأكبر من حيث المصالح و الذي تفوقت عليه في الحرب العالمية الأخيرة "روسيا" وهذا ما كان فقد أعلن قائد الجيش الاسرائيلي عن تنسيق محكم بين الجيشين الروسي والاسرائيلي جاء ذلك بعد الارتباك الذي عاشته كبرى الدول الاستعمارية بعد إحساسها بأن الشرق الأوسط يبتعد منها وأنه أصبح بإمكانه الاعتماد على نفسه ..

كانت "أمريكا" تعيش في حيرة ولا تعلم ما هو القادم أو ما هو بإمكانها أن تقدمه بعد أن حرضت حزب العمال الكردستاني ضد "تركيا" التي يرى الغرب والروس والفرس بأنها وراء التغييرات التي حدثت وستحدث ، لكن التحريض والدعم ضد "تركيا" لم يأت بجديد بعد مرور أكثر من شهر تقريباً على بدء محاولة خلخلة الأمن هناك وبدء قيام حزب العمال الكردستاني بشن هجمات متفرقة على مواقع للجيش التركي ..

لم تستطع "الولايات المتحدة" منع "روسيا" من دخول "سوريا" وظلت تصدر التصريحات بأنها ضد التدخل ، فقط لكي تقنع "السعودية" بأنها في صفها في حين يصرح مسؤول روسي بأن "موسكو" أبلغت "واشنطن" بخطواتها التي ستكون في "سوريا" ، وتحاول "أمريكا" إقناع "السعودية" بأنها ضد تدخل الروس في "سوريا" لكنها لم يحالفها الحظ فهي تكذب وتصدق كذبتها وهذا ما يثبته التنسيق بين "اسرائيل" الداعمة العظمى للنظام الأمريكي والجيش الروسي الذي تدعي "أمريكا" كذباً رفض تدخله في الشام ..


والأصح من وجهتي هو أن "واشنطن" بعد تخليها عن الحليف السابق "السعودية" واحتضانها لحليف آخر هو "إيران" كانت تفكر بأن النظام السعودي الجديد ليس بمقدوره التخلي وركل "الولايات المتحدة" أبداً حتى وإن واجهت "الرياض" إهمالا من "واشنطن" ، لكنها لم تحسب حساب "تركيا" التي تحسنت علاقاتها مع النظام الجديد في المملكة ولم تفكر(أمريكا) بأن "تركيا" ستدعم "السعودية" وقد يشكلا تحالف قوي وهذا ما كان مما جعل "البيت الأبيض" يتخبط وبالمقابل ردت "أمريكا" على ذلك بالسماح ل"روسيا" بدخول "سوريا" مقابل توقف "موسكو" عن دعم "الرياض" في شؤون "اليمن" لتترك "موسكو" ملف "اليمن" ل "أمريكا" كي يكون أمن المملكة ومصيرها بيد الولايات المتحدة التي تظن بأنها ستربي "السعودية" من خلاله وهي الآن (أمريكا) تبحث عن حليف عربي تثق به كي تسلمه ملف "اليمن الجريح" وستكون ضربة قوية وموجعة ل"السعودية" إن تمت وهو ما يتحدث الكثيرين بأنها ستكون "الإمارات" التي ما زالت تختبرها "أمريكا" منذ فترة ، لكن النظام السعودي تعامل مع هذا الشأن بأكثر مرونة من خلال عدم قطع العلاقات نهائياً مع "أمريكا" وهي ما زالت تتواصل مع كافة الأقطاب وباعتقادي أنها تعمل ذلك مع أجل التنسيق بهدوء مع "تركيا" لشيء قادم قد يكون في صالح التحالف الجديد والشرق الأوسط والمسلمين جميعاً وحلفاءهم ..

على العموم أصبحت "السعودية" تعي كل الألاعيب وخاصة التي تقوم بها "الولايات المتحدة" وأصبحت "تركيا" تدعمها أكثر من السابق بعد ظن "أمريكا" بأن الاختلال الأمني في "تركيا" سيربك النظام هناك وسيجعله يترك كل شيء ويفكر في حل مشكلة الأمن القومي التركي فمؤخرا تحدث الرئيس التركي "أردوغان" بأنه لن يعترف برئيس مصري سوى الرئيس الشرعي "الدكتور محمد مرسي" وهذه ضربة ل"اسرائيل" كما تحدث عن أنه سيطلب من الرئيس الروسي "بوتن" التراجع عن الهجمات في "سوريا" وهذه ضربة كذلك يوجهها النظام التركي الذي يتوجب بأن يكون مشغول بأمنه القومي ل"أمريكا" وحلفائها جميعاً ..

جاء ذلك بعد تأكد دول العهر في العالم بأن "تركيا" أصبحت ضعيفة ولن يشغلها شاغل عن الاهتمام بالمشاكل والأزمة السياسية التي تعيشها وهذا ما لم يكن فقد صرح وزير الخارجية السعودي "عادل الجبير" عن الوقوف وبقوة ضد التوسع الإيراني في المنطقة كما كرر دعوته أكثر من مرة ل"روسيا" بعدم التدخل في الشأن السوري ولسان حاله يوجه رسالة لمصاصي الدماء في العالم : أيها الأوغاد حتى وإن أشغلتم "تركيا" عنا فسنواصل المسير .. ويضيف لسان حاله : عندما تدخلنا عسكرياً في شأن الجارة "اليمن" لم يهدأ لكم بال وعندما جاءت "روسيا" من طرف العالم لتتدخل في دولة عربية لم يربطها بها لا جوار ولا دين ولا قومية ولا إنسانية بررتم لها ..

ومن الملاحظ بأن اللهجة التركية وحتى السعودية هادئة جداً تجاه "روسيا" ليس خوفاً بل محاولة لكسبها أو تحييدها ﻷن الصراع حالياً ليس من أولوياته أن يكون مع "روسيا" ، مالم فسيكون التعامل مع "موسكو" ك مثيلاتها من قبل الأتراك والسعودية ..

الأهم بأن ما يحدث اليوم هو صراع بين دول الاستعمار والتقاسم في العالم ممثلة ب(أمريكا واسرائيل وإيران وبريطانيا وحتى روسيا ) بعد تدخلها في "سوريا" وغيرها وتحالف جديد يقف فيه الإسلاميين بقيادة "السعودية" و"تركيا" وهذا ما ستوضحه الأيام القادمة فإن استطاع الشر أن يضعف النظام التركي وأربكت "السعودية" فسيعود الغرب ومن معهم بأكثر عدوانية وإن انتصر التحالف الجديد فسيعم الخير إن شاء الله ..