الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:١٧ مساءً

لا ينبغي لحزب الإصلاح أن يكرر أخطاء سلفه

وئام عبد الملك
الأحد ، ٠١ نوفمبر ٢٠١٥ الساعة ٠٦:٠٠ مساءً
أتذكر حين بدأت ثورة الشباب في اليمن في الحادي عشر من فبراير/ شباط 2011م، كان الشباب المتعلم ومن مختلف الأطياف بالفعل نواتها إذ بدأت، ونتيجة لتأثير وسائل الإعلام- على وجه الخصوص- خرج اليمنيون العطشى للحرية مؤيدين لثورات الربيع العربي ويرغبوا بالتغيير، وكان المئات منهم منتمين وغير منتمين لأحزاب يشاركوا في هذه الثورة، التي كانوا على ثقة بأنها ستكون خلاص تهميشهم، ونجاة الوطن، وسبيل حريتهم وعيشهم الكريم.

لكن الحلم لم يكتمل، لأننا كنا ندرك بأن علي عبدالله صالح، وأصحاب المصالح لن يسمحوا بحدوث ذلك، ولأن بعض الكبار كحزب الإصلاح بدأوا يظهروا في المقدمة، ويختطفوا الثورة من الشباب، لا ننكر بأنهم بعد ذلك كانوا مكونا كبيرا فيها، وهم من الأحزاب الحاضرة بقوة على أرض الواقع، ومنافسا لحزب المؤتمر الحاكم، إلا أنهم باتوا يتعاملوا وكأن الثورة ثورتهم، ونتيجتها يجب أن تؤول لهم، وتجاذب كل طرف الثورة من جهة، وأصبح الشباب المكون الأضعف فيها إن لم ينضوِ تحت غطاء حزب ما.

تمت السيطرة من قِبل الحزب على الساحات، وبدأوا كسلطة ربما وحيدة مهيمنة على المنصات، ومضوا في طريق الإقصاء كما كان يفعل سلفهم، وتبادلوا الأدوار "ولتكن هذه المرة أنت الضحية وأنا الجلاد"، وأقصوا حتى مدراء المدارس الذين لم يكونوا ينتموا إليهم، هذا على الأقل ما كنا نشاهده في تعز التي بها عدد لا يستهان به من المنتميين للحزب، إذ كانت خطى النهضة باليمن والإصلاح فيها متواضعة للغاية، وغير مدروسة وجادة.

بدأ هذا يحدث في وقت كانت الثورة فيه بحاجة إلى دعم كل مواطن يمني، لتجاوز التحديات التي كانت تحدق بها، وأصبحت فئة كبيرة من الناس ضمن الفئة الصامتة، وأحجموا عن تأييد الثورة، ولأنهم لا يريدوا أن تسير الدولة الحلم بهذا الشكل، حدث هذا في الوقت الذي ما كان ليسمح الشباب غير المنتمين للإخوان المسلمين يفعلوا ذلك، إلا أنه كان يحدث.

وهاهم بعد أن انحرفت الثورة عن مسارها السلمي، وبعد ظهورهم بذلك الشكل الكبير أثناء الثورة، يعودوا للانكماش وعدم الظهور كسابق عهدهم، بعد أن بدأت تصفية الحسابات معهم، من قبل صالح والحوثيين، حتى أن بعض قيادات الإصلاح كانت هي أول من نزح بأهله هنا في تعز إلى مناطق أخرى.

إنّا لا ننكر بأن النظام السابق كان يقوم بتهميش الحزب بشكل أو بآخر، إذ يعد الإصلاح منافسا قويا، كونه يرتكز على الدين، وهذا الأمر يروق لفئة كبيرة من اليمنيين، كونهم ملتزمون بدينهم، فكونوا قاعدة جماهيرية جيدة، حتى على مستوى القرى، ولا ننكر كذلك بأن في الإصلاح شخصيات أسهمت في بناء الوطن، وشخصيات تحترم لعلمها وانفتاحها.

إلا أن هذا الأمر لا يجعلنا نغض الطرف عن عنصريتهم التي يمارسونها في تعز سواء الآن أو قبل ذلك، فمثلا كنت تجدهم في وعلى مستوى القرى، يقوموا بتوزيع معونات إنسانية في بعض المناسبات على أتباعهم، ويستثنوا من ذلك غير المنتمين إليهم، وإن كانوا من الفئات المعدمة، هذا الأمر لم يكن يقتصر عليهم، بل كان كذلك يمارسه حزب المؤتمر لكن ليس بتلك الصورة المتشددة.
أحدهم في تعز قبل حوالي شهرين، سجل اسمه في قائمة في حيهم، ليوفر لهم القائمين على ذلك مادة الغاز المنزلي وبمقابل، بعد أن أصبح معدوما في الأسواق، وانتظر خمسة أيام، وتم تجاوز اسمه وبعض الأسماء، لأنهم باختصار لا ينتموا للحزب وليسو من( الخُبرة)، فهم لا يقدموا المعونات إلى غير أتباعهم، ومع أنه لم ييأس وقرر أن يسجل اسمه مرة أخرى وانتظر ثلاثة أيام، إلا أن ذات الأمر تكرر، واضطر كغيره إلى استخدام الفحم، حتى توفر الغاز المنزلي في السوق بعد ذلك بأيام.

ومؤخرا تحدث أحد الإماراتيين عن أن الهلال الأحمر الإماراتي قدم مساعدات إنسانية لليمن، ليتفاجأ فيما بعد بأن الإغاثة تباع في الأسواق، أو كانت توزع على أتباع حزب الإصلاح، لأن الحزب( الإخوان المسلمين) وكما قال يسيطرون على معظم الإغاثة في دول العالم، وللأسف في تعز في أول أشهر الحرب كنا نجد، موادا غذائية في المراكز التجارية جديدة، لم تكن موجودة مصنعة بعضها في دول الخليج، وبالطبع لم يكن مستلمي الإغاثة هم المسئولين وحدهم، بل كذلك الجمعيات الخيرية التي تنتمي لأكثر من جهة، وقطاع الطرق من المليشيات التابعة لصالح والحوثيين، الذين يحتجزون القوافل الإغاثية.

لا نريد ليمننا الجديد الذي نرتقب ولادته ثانية أن يكون كذلك، وأن تُكرر نفس الأخطاء التي عانينا منها وكانت سببا لفشل الثورة، ويكفي استغلال أوجاع الناس، هذا المواطن الذي اكتفى بالحياة على الرغم من كرهها له، لا يريد أحدا أن يتاجر به ثانية، وهذه هي الصورة التي ينقلها عن نفسه حزب الإصلاح لنا.

وإن الدين لم يكن يوما في حزب أو جماعة، ولا نريد أن يكون أحدا من الذين يتحدثوا باسم الدين وسيطا بيننا والرب، أو أن يستغل هذا الأمر لتحقيق مكاسب سياسية يسعى إليها.