الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٥٥ مساءً

قصة مواطنَين يمنيين في عهد فاشية الحوثيين

علي البخيتي
الخميس ، ١٩ نوفمبر ٢٠١٥ الساعة ٠٣:٠٩ مساءً
غادر اغلب قادة حزب التجمع اليمني للإصلاح "إخوان اليمن" اليمن بمجرد ان سيطر الحوثيون على السلطة عقب اعلانهم الدستوري الانقلابي، وغادر قبلهم بعدة شهور القادة الذين خاضوا حروباً مباشرة مع الحوثيين في مناطقهم، وغادر البقية الباقية بعد بدء عاصفة الحزم.
لم يبقى من القادة الاصلاحيين في اليمن الا من اعتقدوا انهم سيكونون في مأمن من الحوثيين، لأنهم لم يشتركوا في قتال ولم يكونوا جزء من حملة التحريض ضد الحوثيين، ولم يكن لهم أي دور وعلى اي مستوى في الصراع بين الطرفين منذ بداياته الأولى.
اعتقدوا أن الحوثيين لن يعتدوا عليهم ولن يتعرضوا لأملاكهم وسيقبلون بهم كمواطنين عاديين، وأوقفوا كل أنشطتهم الحزبية الشعبية التي قد تثير مخاوف الانقلابيين، لم يتصوروا أنهم سيكونون وأملاكهم في يوم من الأيام هدف للحوثيين، معتمدين على الخطاب النظري لقائد أنصار الله عبدالملك الحوثي.
الدكتور عبدالرزاق الأشول الوزير في حكومة بحاح، رفض المغادرة الى عدن للالتحاق ببقية الوزراء عقب فرار هادي اليها، لم يذهب الرياض ولم يحضر مؤتمرها أو يوقع على مخرجاته، ولم يعلن تأييده للعاصفة، ولم يصدر منه ما يقلق الحوثيين حتى على مستوى الكلمة، لا قبل انقلابهم ولا بعده، واعتقد ان سجله الحافل بالسلمية، وعمله الاكاديمي، واستمراره في تصريف اعمال الوزارة من بيته عبر التوقيع على الاوراق والمذكرات الرسمية، كل ذلك سيجعله في مأمن من همجيتهم وعتههم وقمعهم لخصومهم.
الحاج ورجل الأعمال والمفكر اليمني عبدالسلام الشميري، مؤلف كتاب "المشروع الحضاري"، اعتقد كذلك أن عمره السبعيني، وعلمه، وثقافته، ومدنيته، ووجاهته في المنطقة، واعماله الخيرية، وبعده عن الصراع العسكري والخطاب التحريضي، وعصاه التي يتوكأ عليها، ستمنع الحوثيين من الاعتداء عليه.
سُجن الدكتور الأشول، ووضع في زنزانات البحث الجنائي مع اللصوص والمجرمين، ونكل به، وأهين هو وأسرته، وسبق للحوثيين أن احتلوا بيته وسطوا على محتوياته عند دخولهم صنعاء في 21 سبتمبر 2014م، وقتل عبدالسلام الشميري بدم بارد في غرفة نومه داخل منزله، وسجن بعض أولاده ويتم ملاحقة البقية، ويتم مقايضتهم في هذه اللحظات بأن يوقعوا على اعترافات تُدين والدهم مقابل أن تَسلَم بقية ممتلكاتهم من النهب والتفجير.
الأكثر إجراماً من الجريمة نفسها هو التبرير لها، واتهام رجل سبعيني بإدارة وتمويل خلية اغتيالات، مع أن من يملك قليل من عقل يعرف أن من يقوم بمثل تلك الأعمال لا يمكن أن يبقى في بيته المعروف للجميع، ويفترض به أن يدير تلك العمليات الخطيرة والشديدة السرية من مكان آمن وليس من بيت تسكنه أسرته وعائلته وأحفاده، ويفترض أن يفر فور اعتقال الخلية المزعومة لا أن يتترس بأجساد أبنائه وأحجار منزله..
خجل الحوثيين أو ناطقهم من التبرير للجريمة، ودفعوا بعض المغمورين الى ممارسة ذلك الدور، تبرير قتل مسلم مسالم داخل بيته وبين أطفاله، وتشويه سمعته وتلفيق عدة تهم له، فلا أحد سيحاسبهم أو يتحقق من أقوالهم، وأصبحوا يعملون وفقاً للقاعدة: "اقتل واسرق وانهب، ثم ابحث عن المبررات، وستجد الكثير من البلداء يصدقونك، والكثير من الحقراء يبررون لك".
سبق للحوثيين أن وجهوا تهماً مشابهة بل وأخطر منها لسام الأحمر، وعرضوا أدلة واعترافات على شاشة المسيرة لعدة أيام، وحملوه مسؤولية اغتيال الخيواني وجدبان وشرف الدين، وفي الأخير ظهر زيف كل تلك الادعاءات، وأطلق سام الأحمر، واستقبل استقبال الفاتحين في الحصبة، واضطر بعد ذلك للمغادرة الى الرياض، ونفس المسرحية اليوم تتكرر مع الشهيد الشميري، ومن المستغرب أن بعض قواعد الحوثيين تصدق كل ما يقولوه عن خصومهم، وكأن ذاكرتهم مخرومة، متناسين قصة سام الأحمر، وغيره الكثيرين من الذين تأكد زيف اتهامات الحوثيين لهم.
دم عبدالسلام الشميري لن يذهب هدراً يا حوثيين، وستحاسبون على كل قطرة دم مدني مسالم سفكتموها، وعلى كل بيت نهبتموه، وعلى كل بطانية سرقتموها، وإذا لم تطلكم عدالة المحاكم فعدالة الشعب ونظراته باستحقار اليكم ستؤرقكم ما بقيتم على قيد الحياة، وسيبقى دمه ودم كل المدنيين عار يلاحقكم أبد الدهر، وإنا لله وإنا اليه راجعون، فظلم ذوي القربي أشد مرارة علي النفس من وقع الحسام المهند.

* من مدونة الكاتب على شبكة الإنترنيت