الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٤٩ مساءً

رحيل لحن الأرض وحارس الهوية

محمد سعيد الشرعبي
الاربعاء ، ١٠ فبراير ٢٠١٦ الساعة ١٠:١٥ صباحاً
في عز النزال التاريخي بين أحرار الجمهورية ومليشيا الإمامة فارق الحياة الأديب الموسوعي، ومؤرخ الهوية اليمنية، الشاعر مطهر بن علي الإرياني.
رحيل مؤلم للأديب الأريب والغنائي الفذ، والتاريخي المخضرم مطهر الإرياني بعد عمر مديد الإبداع في محراب الضاد والمسند.
والأكثر إيلاماً رحيل هذا الثائر السبتمبري الجليل قبل تحرير البلد من جحافل الإمامة، وشروق فجر الجمهورية الثانية.
يعد مطهر الإرياني آخر قيل حميري، وحارس الهوية الوطنية، ومؤرخ أمجاد اليمانيين، غادر بكبرياء أحرار سبتمبر وأكتوبر وفبراير في مواجهة جحافل الإمامة.
ويعد الفقيد مطهر هامة شامخة شموخ جبال اليمن، ومحارب فولاذي للأوهام الإمامية منذ فجر ثورة 26 سبتمبر، ولم يكترث بمخاطر الإنتصار للحق اليمني.
وخلافا للأدباء والمؤرخين، يعتبر السبتمبري مطهر الإرياني ملهماً لأحرار اليمن في حربهم الوجودية ضد أعداء الحياة والحرية، في مقدمتهم عصابة الألف عام.
وبقدر رفعة إبداعه الأدبي والتاريخي، سيظل الأرث الشعري الغنائي للإرياني نقوشاً ملحمية في ذاكرة إنسان اليمن في الريف والحضر.
غادرنا الإرياني جسدا، وستبقى روحه الطاهرة معنا، تموسق تغاريد الحب والحياة للعشاقين، وتخفف من مواجع ومكابدات الفلاحين في أرض سبأ وحمير.
أنه فاتحة الصباح في المدن و الأرياف، ولحن الحب والحياة في حقول البن، وأنشودة الكفاح الوطني في جبال الإباء.
إنه شاعر ملحمة الإغتراب "الباله"، و ناحت الألياذة الوطنية "دامغة الدوامغ"، وكاتب رائعة "يا قافلة بين أمسهول وأمجبال" باللهجة التهامية، ورائد في محراب الشعر الحميني، وله ديون" فوق الجبل".
وكتب عشرات الأغاني العاطفية الممزوجة بنكهة الأرض، وآهات الإنسان، من بينها (خطر غصن القنا، الحب والبن، وقف وودع، ما أجمل الصبح في ريف اليمن).

وفي ختام المقال اقتبس لكم بعض أبيات "دامغة الدوامغ" لفقيد اليمن مطهر بن علي الإرياني :
أيا وطني جعلت هواك دينا
وعشت على شعائره أمينا
ومن يفخر بمثلك يا بلادي
فما يعنيه لوم اللائمينا
بلادي قمة للمجد تزهو
بهاتيهاً رؤوس الفاخرينا
فنحن لهامة التاريخ تاج
وإكليل يعيش به ضنينا
لقد نزل الرسول بهم فهبوا
لنصرته جنوداً ثائرينا
فنال الدين أقصى ما يرجّى
ونال محمد نصراً مبينا
فان يفخر بدين الله قوم
فنحن الفاخرون الغالبونا
وما نرجو على هذا جزاء
سوى نصر الحقيقة جاهدينا
ولا نبغي على احد شموخاً
ولا ان نقتدى متآلهينا
ونصبح سادة والناس طراً
عبيداً دوننا مستصغرينا
ولم نزعم بأن الحكم
حق لنا نطغى به متحكمينا
ولم نذكر مفاخرنا امتناناً
ولكنا نصد المفترينا
يفاخر بالإمامة مستجيراً
على التاريخ زور الكاذبينا
ويجعل ليلها صبحاً ويبدي
ضلالتها هدى والقبح زينا
ويزعم شرها الاشقى نعيماً
كأنا للبلية قد نسينا
اننسى والغراب على الروابي
ينقل من شهيد الأمس عينا
ألا ان الائمة لم يكونوا
سوى فئة من المتثعلبينا
ولم يعد للأئمة غير ذكر
قبيح يزدريه الذاكرونا
فويل للإمامة من ظلام
وويل للأئمة من ظالمينا
ايا وطناً جعلت هواك ديناً
وعشت على شعائره أمينا