السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٢٦ صباحاً

أمريكا مع الحل السياسي لا العسكري باليمن

مارب الورد
السبت ، ١٩ مارس ٢٠١٦ الساعة ١١:٢٦ صباحاً
لم يكن مفاجئا ولا مستغربا أن تكون أمريكا أول دولة في العالم تؤيد إعلان متحدث التحالف العربي قرب انتهاء العمليات العسكرية الكبرى في اليمن,ذلك أن واشنطن كانت منذ بداية عاصفة الحزم في 26 مارس 2015 مع التسوية السياسية ولم تدعمها إلا كأمر واقع بعد انطلاقها.

الترحيب الأمريكي السريع جاء على لسان المتحدث باسم الرئاسة الأميركية، جوش إيرنست,ويعد أول موقف دولي تعليقا على تصريحات العميد الركن أحمد عسيري المتحدث باسم التحالف العربي التي قال فيها خلال مقابلة مع وكالة فرانس برنس" نجد انفسنا حاليا في نهاية مرحلة المعارك الكبيرة".

لسنا بصدد تفسير أو مناقشة ماذا قصد عسيري بحديثه عن قرب انتهاء المعارك الكبيرة أو ما هي هذه المعارك بالتحديد وهل يشير إلى معركة صنعاء مثلا,أم هل يلمح إلى أن الحسم العسكري بات قريبا وبعده يفسح الطريق لتسوية سياسية.

ما نريد الحديث عنه هنا هو الموقف الأمريكي السريع الذي جاء بعد أقل من 24 ساعة من نشر تصريحات عسيري,لنفهم حقيقة موقف واشنطن من التدخل العربي في اليمن منذ البداية وكيف تنظر إلى تطورات العمليات العسكرية مع اقترابها من صنعاء.

بالتأكيد لم نكن نتوقع موقفا أمريكا يعارض ما قاله عسيري لأن هذا غير ممكن ولا يمكن أن تصر دولة بحجم أمريكا على استمرار الحرب في الوقت الذي يعلن الطرف الذي يتحكم بها وخاصة السيادة الجوية قرب انتهاء هذه العمليات.

وبالعودة إلى موقف واشنطن من عملية عاصفة الحزم,سنرى بوضوح أنها لم تكن تؤيدها وإنما وجدت نفسها مضطرة لفعل ذلك بحكم علاقاتها مع المملكة وحرجها من الوقوف ضدها وهي تحمي حدودها,وكأمر واقع بعد أن بدأت عمليا في اليمن.

وكان التعامل مع الوضع في اليمن أحد النقاط الخلافية بين السعودية وأمريكا من ضمن جملة القضايا الخلافية من سوريا والتدخل الإيراني وصولا للإجراءات ضد حزب الله وجميعها شهدت حالة افتراق بين البلدين عبّرت عنها ردود فعل السعوديين من موقف إدارة أوباما خاصة مع تصريحاته الأخيرة التي بدت صادمة وغير مفهومة.

أمريكا لم تكن مع العمل العسكري لإنهاء الانقلاب وهي أيدته مضطرة بناء على ما ذكرناه ولكن لسقف محدود الزمن والهدف,وتفضل بشكل أكبر تسوية سياسية تضمن بقاء الحوثيين بقوة لا بأس بها كي يكونوا خنجرا في ظهر المملكة مستقبلا,ناهيك عن أنها تراهم شركاء في محاربة الإرهاب في سياق رؤيتها لداعمتهم إيران ومليشياتها الشيعية الأخرى كأدوات لا غنى عنها في محاربة ما تعتبره تطرفا سنيا ممثلا بالقاعدة أو تنظيم الدولة وميل إدارة أوباما لإدامة ما تراه توازنا ضروريا بين الشيعة والسنة في المنطقة مع أنه دعم الأقليات على حساب الأكثرية.

كما أن أمريكا لا تصنف الحوثيين منظمة إرهابية رغم شعارهم المعادي لها كلاميا,وتدعمهم بالغارات الجوية لطائرات"الدرونز",في البيضاء وشبوة ليس فقط في محاربة القاعدة وإنما طالت غاراتها مواقع للمقاومة في بعض الأماكن.

وأفصحت زيارة وزير الخارجية جون كيري للرياض مؤخرا ودعوته لوقف إطلاق النار وتكرار الهدنة على غرار سوريا موقف بلاده وما تريد فعله وهو أن التدخل العربي قد حقق أكثر أهدافه ولا تريد نهاية الحوثيين عسكريا وترى أن الحرب طوت عامها الأول وهذا كافي.

وبالإضافة لهذا وهو الأهم,تخشى من تنامي الجماعات التي تعتبرها إرهابية خاصة في الجنوب والتي من وجهة نظرها تستغل الفراغ الأمني وانشغال السلطة الشرعية والتحالف العربي بمحاربة الحوثيين وقوات صالح بالتمدد والتوسع جغرافيا وهذا ما سيشكل خطرا على مصالحها حاضرا ومستقبلا.

ومن قبل الانقلاب, لم تكن أمريكا ترى في اليمن سوى من المنظور الأمني ولا يثير قلقها سوى خطر القاعدة والآن داعش ولأجل هذا تعتقد أن الحرب طالت زمنا وحققت أهدافها وحان الوقت لوقفها والدخول بعملية تفاوض سياسي تعيد أولويات اليمنيين لمحاربة الإرهاب الذي تراه أمريكا المشكلة وليس الإرهاب الذي زاد نتاجا له بعد اختطاف مؤسسات الدولة وسيطرة جماعة طائفية خطابا ومشروعا.

وفي رؤيتها للحل تطرح تفكيك تحالف صالح والحوثيين بمنح الأول فرصة لخروج آمن للحياة مع أمواله وليس لكي يكون له دور سياسي في المستقبل,وهذا ما ترفضه بشده الرياض رغم توسلات ومحاولات صالح المتكررة لكنه يصطدم بأبواب مغلقة.

ولم تخف رغبتها في إيقاف الحرب ودعت على لسان أكثر من مسؤول إلى وقف إطلاق النار,ورعت خلال الشهور الماضية مفاوضات بين ممثلين عن الحوثيين وحزب صالح من جهة ومسؤولين أمنيين سعوديين من جهة أخرى في العاصمة العُمانية مسقط.