الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٠٤ صباحاً

هروب اليمنيين اليهود

جاسر الجاسر
الخميس ، ٢٤ مارس ٢٠١٦ الساعة ١٢:١٠ مساءً
بعد الكشف عن عملية تهريب خمسين يهودياً يمنياً، أخذت تظهر تداعيات سيطرة الحوثيين وأنصار الرئيس علي عبد الله صالح على المحافظات اليمنية الشمالية.

اليهود الخمسون قاوموا كل إغراءات الكيان الإسرائيلي وقتاً طويلاً، وظلوا يرفضون دعوات ترحيلهم إلى الكيان الصهيوني، رغم أوضاعهم المعيشية التي كانت تحاصرهم في بلدهم الأساسي اليمن، وهؤلاء اليهود اليمنيون الذين وصلوا إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، ونُقلوا إلى مدينة بئر السبع، كانوا أصلاً من سكان محافظة صعدة في شمال اليمن التي كانت تضم أعداداً من اليهود، إلا أنهم وبعد سيطرة الحوثيين على صعدة، وبعد مقتل أهرون زنداني أحد اليهود على يد مليشيات الحوثيين، قبل تحالفهم مع قوات المخلوع علي عبد الله صالح، تم نقلهم من قِبل علي عبد الله صالح ووزعوا على أحياء العاصمة صنعاء ومحافظة عمران، وبعضهم قص جدايله وأشاع اعتناقه للإسلام، تجنباً من ملاحقته من الحوثيين، إلا أنهم ظلوا خائفين خاصة بعد تحالف الحوثيين مع قوات علي عبد الله صالح التي كانت تؤمِّن لهم الحماية، وبمساعدة من السفارة الأمريكية في صنعاء ومن خلال العلاقات الخاصة مع عناصر في الحرس الجمهوري التابع للمعزول علي عبد الله صالح، تم التوصل مع أشخاص من الدائرة الضيقة للمجلس الثوري للحوثيين الذين يرأسه محمد علي الحوثي، جرى إتمام عملية تهريب محكمة لما تبقى من اليهود بتهريبهم عبر الحدود البحرية بمساعدة أمريكية، حيث وصلت دفعات اليهود اليمنيين المهربين إلى دولة ثانية ومنها توجهوا إلى إحدى الدول الأوروبية ومنها تم تجميعهم ومن ثم إرسالهم إلى الكيان الإسرائيلي، حيث جرى استقبالهم وإرسالهم مباشرة إلى مدينة بئر السبع في جنوب فلسطين.

شحنة اليهود اليمنيين التي وصلت للأراضي الفلسطينية المحتلة، تشير إلى أنهم آخر من تبقى من اليهود في اليمن، فقد ضمت المجموعة التي غادرت اليمن وتم تهريبها بطريقة سرية، الحاخام اليهودي والقصاب الذي يذبح الذبائح لليهود الذين لا يمكن أن يتناولوا لحوماً دون أن تكون مذبوحة على طريقة اليهود، إذ يعدّون غير ذلك من الذبائح لحوماً محرمة، والذبائح التي يذبحها قصاب يهودي «لحم حلال»، وهكذا بعد أن غادر الحاخام، والقصاب لم يَعُد لهم من يقيم الطقوس الدينية ويذكي غذاءهم، وقد يستغرب القراء أن اليهود في كل مكان من العالم وفي المناطق المغلقة يهتمون كثيراً بمكان «الجزارة»، حيث يقوم القصاب بتوفير اللحم الحلال لهم، و»الكنيست» المعبد الذي يقيم فيه اليهود طقوسهم التعبدية.

وهكذا وبعد أن رافق حاخام اليهود وقصابهم في رحلة الهروب من اليمن، لم يَعُد لهم وجود في اليمن.

هل يُعَد هذا من سلبيات سيطرة الحوثيين والانقلابيين من أتباع علي عبد الله صالح؟

في الواقع اليهود اليمنيون مثل غيرهم من اليمنيين لم يستشعروا أماناً في بلادهم، ومثل الآخرين عندما وجدوا من يقدم لهم المساعدة، هربوا من الواقع الأليم الذي تعيشه بلادهم بعد سيطرة الحوثيين، إلا أنّ طريقة هروبهم وما تحدثوا عنه من قمع وقهر الحوثيين، يفسر المدى الذي وصلت إليه اليمن هذه الأيام، وهؤلاء اليهود اليمنيون الذين ظلوا متشبثين بأرضهم ووطنهم أُجبروا على الهرب منها بعد سيطرة من لا يرحم من يقولون إنهم يشاركونهم الدين والمذهب فكيف من يختلفون معهم دينياً.