الاربعاء ، ٢٤ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٧:٥٠ مساءً

عام الحزم… القصة باختصار

موسى المقطري
السبت ، ٢٦ مارس ٢٠١٦ الساعة ٠٧:٣٣ مساءً
عام مرَّ وهدير طائرات عاصفة الحزم تعطر أجواء البلد بمرورها الذي يصفه اليمنييون بانه كان برد وسلاماً على قلوب محبي الوطن الذي يتسع للجميع، وبالمقابل كانت ناراً ولهيبا تصلي الانقلابيين وتردهم الى رشدهم، وتوقف طموحهم في الاستئثار بالبلد ارضاً وإنسانا.

في ذكرى مرور عام يجدر بنا ان نقرر ان الحرب وان كانت مبررة لكنها ليست الغاية، لكنها كانت اخر العلاج ولم نصل إليه الا بعد مسيرة أعوام من العمل السلمي المتفرد توج بمؤتمر الحوار وما تلاه من انطلاق العمل في صياغة دستور جديد يؤسس لوطن يتسع لكل أبناء البلد بعيدا عن أي فروق مناطقية او سلالية أو مذهبية.

كل هذا الجهد والعمل السلمي الذي استبشر به اليمنيون خيرا أراد الانقلابيون أن يرموه وراء ظهورهم متجهين بمفردهم إلى اعادة انتاج النظام السابق بنكهة مذهبية سلالية تعطي الحق لأفراد محددين حق الحكم والتحكم بعيداً عن قيم الديمقراطية والعدالة والمواطنة المتساوية التي ثار لأجلها اليمنيون في 2011م وقبلها حين تحررهم من حكم الامامة الكهنوتية في شمال الوطن، والاستعمار الظالم في جنوبه.

خاض اليمنيون جولات ماراثونية من الحوار لم يخضها اي شعب في المنطقة شارك فيها الحوثيون كمكون سياسي والمؤتمر الشعبي العام الذي اطاحت الثورة براسه، لكن في ختام كل جولة كان راس النظام السابق المخلوع صالح يدفع حزبه باتجاه التملص من مقررات والتزامات الحوار، ويشاركه في ذلك الحوثيون، فاجتمعوا على الانقلاب وأسقطوا عاصمة البلد والغوا كل مؤسسات الدولة ونهبوا الاسلحة من المعسكرات واحتجزوا رئيس الدولة والحكومة الشرعية وعاثوا في الوطن والمواطن فسادا وإفسادا.

ظل طويلو الامل وعقلاء السياسة من بقية القوى السياسية يحاورونهم رغبة في عودتهم عن غيهم ولم يحصل من ذلك شيء، واستمروا يقتحمون المحافظات وينكلوا بالمعارضين، ويعدوا العدة لتدمير كل شيء جميل في اليمن.

استطاع الرئيس الشرعي من الإفلات من قبضتهم وانتقل الى عدن لتتبعه طائرات الانقلابيين محاولين قتله، وكانت افعالهم هذه سابقة خطيرة في تاريخ البلد والمنطقة، اذ لم نسمع قبلاً عن مليشيات انقلابية خارجة عن القانون تنهب سلاح الدولة، ثم تحتجز رئيس شرعي منتخب وحكومة شرعية، ثم تحاول اغتيال الرئيس أمام العالم، ضاربة بالرمزية التي يحملها هذا المنصب لليمن واليمنيين عرض الحائط.

كانت أفعال مليشيا الحوثي وصالح الانقلابية تؤسس لمرحلة فوضى وسيطرة لا شرعية تجتاح اليمن وتؤثر سلباً بالتأكيد على المنطقة والإقليم مستخدمين السلاح الذي نهبوه من معسكرات الوطن بصورة غير شرعية.

ومما زاد الطين بلة جملة إجراءات قام بها الانقلابيون لاستدعاء دول اجنبية ترغب في الحاق الأذى بدول الجوار وفقا لأطماع قديمة جديدة في اعادة تشكيل المنطقة، وتسخير ثروات الإقليم لخدمة مشروع فارسي مشبوه.

هذا كله استدعى طلباً من الرئيس الشرعى لدول الإقليم للتدخل لإيقاف العبث بأمن المنطقة، وصادف ادراكاً لدى هذه الدول بخطورة ما يحدث ويحاك.

انطلقت عاصفة الحزم ترجمة لهذا الادراك وكانت وفقا للمحللين ضربة قاصمة لمشروع الانقلابين بأبعاده الداخلية والخارجية.

استبشر اليمنيون خيراً بالعاصفة لإدراكهم انها الحل الأنجع والاوحد القادر على ردع مليشيات الموت والدمار الذي عاثت - ولازالت تعيث وهي بأيامها الأخيرة - فساداً بالوطن والمواطن .

سيظل اليمنيون مدينون للملكة العربية السعودية وبقية دول التحالف العربي انقاذهم اليمن من براثن الانقلاب الذي يعيش اليوم أيامه الاخيرة، ويفقد يوماً بعد يوم المزيد من عناصر قوته، واجزاء متتابعة من الجغرافيا، وهو اليوم أقرب إلى النهاية ويبحث قادته عن مخرج يحفظ لهم ماء الوجه لا غير.

عاصفة الحزم في موعد انطلاقها السنوي الاول وكما كانت اخر العلاج لعنجهية الانقلابيين فهي البداية لتأسيس عصر جديد يحمل في طياته الخير والبشرى لليمن والمنطقة.

يصر الانقلابيون على اعتبار عاصفة الحزم عدوانا! ناسين او متناسين ان العدوان هو ما يمارسوه في حق البلد وأهلها، وان تدخل التحالف ما جاء الا بعد استيفاء كل الخيارات السلمية، ولازال الباب مفتوحا أمام المليشيات لتدارك ما تبقى، والانخراط في عملية سياسية يعلنون فيها تسليمهم السلاح والانسحاب من المدن وتسليم مؤسسات الدولة والعودة الى مربع المواطنة دون تمييز أو استعلاء.

شكرا سلمان الحزم، شكرا دول التحالف العربي، وسيسجل التاريخ في صفحاته الحدث كأول تحرك عربي موفق لحماية مصالح شعوب المنطقة، والعار والخزي سيظل يطارد مليشيات أرادت وأد احلام اليمنيين في دولة العدالة والمساواة، وسيذكرهم التاريخ كأعداء للوطن وللجمهورية ولكل ما هو جميل في اليمن والمنطقة.