الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٠:١٠ صباحاً

احتشدوا في السبعين .. لم يعودوا ملعونين..!

محمد المياحي
السبت ، ٢٠ أغسطس ٢٠١٦ الساعة ٠٧:٤٣ مساءً
هذه المرة خرجت الصراصير دونما صور الحفار . لا بأس، انه أمرا جيدا ، لقد تقدمت هذه الكائنات خطوة وحضرت السبعين تحمل داخلها جثة صالح بدون صورته، بالنسبة لهؤلاء التعساء يعد هذا نقلة فكرية مهمة، وشوطا مدنيا في سلوكيات الجماهير، ورسالة وطنية شديدة السطوع، انظروا اليهم إنهم يحملون الاعلام فقط، أليس هذا كافيا؛ لنعدهم طليعة تاريخية فادية ، تحمل قضية شريفة ، وتدافع عن حقها الحصري في قتل الناس وحكمهم، لا بد من انصاف هؤلاء، ما دام انهم احتشدوا اذا لقد صاروا ابرياء ، مخلصين ، ومظلومين يهتفون بشجاعة ، انهم يدافعون عن حقم في قتلنا، أليس هذا حق طبيعي ومنحة سماوية؟ اذا ما بالكم تهزؤن بهم وتنهرونهم بهذا الطريقة اللاذعة، خففوا طعناتكم انهم موتى لا يعون ولايسمعون ..


وكان في الميدان نفسه علم دولة تذروها الرياح، وصالح صماد جديد يخطب متوعدا بطوفان دم مستمر ، ومبشرا الجماهير بقرب ترحيلهم الى المحرقة ، كان الرجل يحشرج مصدوما من اندفاع الناس بعفوية خلف مشاريع الموت ، يقول في نفسه انا الان لا اعدهم بشيء، لا اطمئنهم بواقع جديد، لا ابشرهم بصلاح معيشتهم ، بل وأكثر من هذا أطلب منهم مزيدا من الجنون ، ومزيدا من ا ومدد من أبناءهم، اعيدها اليهم في صناديق بداخلها قطع من اللحم المفتت، ومع هذا تجد الجميع هنا منتشيا ومتلهفا لمشروع الحكم هذا، يا الهى ما اكرم الموتى من عبادك ، انهم أوفياء لمن يمعن في امات حياتهم ، لا يكفوا عن اغداق الزاد على الجلاد، لقد صاروا متصالحين تماما مع مشاهد الجثث . محظوظ هذا الذي يملك بئرا للضفادع يصفق لها فتنط لا يمنحها شيء ويطلب منها كل شيء...


من يمنحني نظرية نفسية، سيكولوجية، علمية تفسر بسطوع خروج البشر لتأييد رجل ممسوس بجان، مجنون وبشع ، تشيعه لعنات الأرض السماء..؟؟
يتجرجرون في شعاب تعز، تمزق أجسادهم في طرقات المدينة ، ينهزمون في الأعماق ثم تراهم يحتشدون بعدها في السبعين، هذا جلود بشرية أدمنت سياط المذلة ، تنشد المتعة عبر الألم، يتكومون في الميدان دفاعا عن موتهم وجوعهم،
في الظهيرة تصرخ مع قاتلها ضد القتل ، وعند المساء تمارس الرذيلة نفسها ، يا له من اجتماع انساني متورم الذاكرة ينز قيحا وصديدا...

لو تجمع الناس حول لص ، لا يكون بفعل تجمعها قد تطهر من لصوصيته ، وحين تخرج جماهير خلف صالح فلا يغدو حملا وديعا ومناضلا يساريا من أزمنة الثورجيون ، هذه الرداءات الشعبية يا صالح لا تحولك الى رجلا شريفا قط ، بل على العكس تكشف ارتجافك في العزلة ، وبحثك عن متارس من تراب بشري مهين ، تحتمي بها من خناق الشعب الذي يزحف نحوك كل يوم . حسنا احشد كما شئت ، هذا امر لا يعنينا ، نحن نعرف جيدا كيف نصل اليك ، باتت الطريق نحوك معبدة جدا ، لحظتها لن ينجيك سراب المساكين والبسطاء ممن لا يفقهون شرورك وفحشك، سيادة العبد التعيس ..