الخميس ، ١٨ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٣٨ صباحاً

تعز .. الثقب الأسود

موسى المقطري
الاربعاء ، ٢٤ أغسطس ٢٠١٦ الساعة ٠٧:٣٧ مساءً
منذ ما يقارب عامين تعيش تعز حالة حرب حقيقية تتوالى فيها التعزيزات اليومية من كتائب الانقلابين بكافة مسمياتها ، سواءً من معسكرات القوات المسلحة ، أو الحرس الجمهوري ، والحرس الخاص ، والأمن المركزي ، ومكافحة الارهاب ، وقوات النخبة ، ونخبة النخبة ، وكتائب الموت، وكتائب الحسين ، ولم يبقَ إلا كتائب الزينبيات لم تصل المحافظة .

كل هذه التشكيلات وصلت تباعاً مع تجهيزاتها الحديثة ، وتقنياتها العالية ، فواجهها في تعز شباب وطلاب أغلبهم لم تمس يداه الكلاشنكوف إلا من أشهر ، يتدربون على عُجالة ، ويكملون تدريباتهم في الجبهات ، لكن كل المسميات والكتائب والألوية تذوي أمام عزائمهم العالية التي تمدهم بالصبر والصمود .

منذ أن هاجم الانقلابيون تعز لا تكاد تخلو يوم إلا ويفقدون فيها من أفرادهم وقياداتهم في جبهات المواجهة الكثير ، ووصل بهم الحال إلى أن كتائب بكاملها محيت من ميدان العمليات ما بين قتيل وأسير وهارب ، حتى أن أهل ذمار بروح الدعابة الذي يجيدوه إذا راو جنازة سالوا : هو مات طبيعي وإلا في تعز ؟

مثلت تعز لهم الثقب الأسود الذي ابتلع كل تعزيزاتهم العسكرية ، فاضطروا إ لى إرسال قيادات لها ثقلها في الجانب العسكري لحسم المعركة وانقاذهم من الورطة ، وتحقيق انجازات عسكرية يغطون بها على حجم المأساة التي يتجرعها افرادهم في جبهات المواجهة .

"أبو علي الحاكم" كان أبرز من يُعول عليه حسم المعركة وايقاف النزيف المرّ ، فتم تعيينة قائدا للمنطقة الرابعة التي تقع تعز ضمن نطاقها ، وقائداً لمعسكر 35 فرابط في المحافظة معززا باحدث الأسلحة وكتائب من الأفراد المدربين وخزينة من الأموال ، فأمضى وقته وجهده في الجبهات وواصل الليل بالنهار لتحقيق انجازاً عسكرياً لذر بعض الرماد في العيون ، لكن جهوده تكللت بفشل ذريع وتقدم للمقاومة والجيش الوطني امتد حتى استعادة مقر معسكر 35 من ايدي الانقلابين وكانت الصفعة الاكبر للحاكم .

خلال هذا الاسبوع فقد الانقلابيون في جبل هان بالجبهة الغربية بتعز احد قياداتهم الميدانية التي أوكل لها اقتحام مقر الفرقة الأولى ودار الرئاسة أبان اقتحامهم لصنعاء ، ويدعى "ذياب علي ابو نسران" وهو قائد متقدم في كتائب الحسين إن لم يكن القائد الأعلى لها .

أبو نسران لقى حتفه في تعز بعد أن تم ارساله لإعادة السيطرة على جبل هان الذي استعاده الجيش الوطني والمقاومة الشعبية مؤخرا ، وتكمن أهميته الاستراتيجية في حماية المدخل الغربي "خط الضباب" الذي اعلنه الجيش والمقاومة مؤخرا كمنفذ محرر وأمن .

ستظل تعز هي الثقب الذي سيبتلع كل تعزيزاتهم العسكرية "عتاداً وافراداً وقيادات"، كما ستبتلع أحلامهم التسلطية وأمالهم في السيطرة ، ورغباتهم في إلغاء الأخرين ، ليس لأن أبناء تعز قتلة ، لكن لأنهم مقاتلون يرفضون الذل ويفضلون الموت قائمين ، فتوهب لهم الحياة ولغزاتهم الموت .

هي إذن تعز الحالمة ، مدينة الأقلام والدفاتر والمشاقر ، تحولت إلى مقبرة لأحلام الانقلابيين ووجع رأس لقياداتهم ، وموت محقق لكتائبهم ، ومقبرة لعتادهم وتجهيزاتهم ، ومع هذا لم يتخلى التعزيون عن احلامهم بدولة مدنية ، وحكومة عادلة ، ووطن يحبه الجميع ، ويحبهم كذلك .