الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٢٦ مساءً

الاشتراكي اليمني والقضية الوطنية

عبد الإله الحريبي
الاثنين ، ٠٣ اكتوبر ٢٠١٦ الساعة ٠٧:٢٥ مساءً
عند الحديث عن موقف الحزب الاشتراكي اليمني من كل الاحداث التي تتابعت منذ ثورة ١١ فبراير ٢٠١١م وحتى اليوم ، فلا بد لنا من قراءة مواقف الاشتراكي منذ بدأت التباينات بين طرفي الوحدة التي كان الاشتراكي احد طرفيها في العام ٩٠م ، الاشتراكي حزب يحمل قيم الدولة المدنية الحديثة ، وقد ولد هذا الحزب من رحم ثورة ١٤ أكتوبر٦٣م ، وقبل ذلك سبتمبر ٦٢م ، كان الجنوب عبارة عن سلطنات خاضعة لسلطة المندوب السامي البريطاني في عدن ، وعند انتصار ثوار الجبهة القومية رائدة الكفاح المسلح ضد الاحتلال البريطاني ، كانت بداية تكوين الدولة اليمنية في الجنوب ، ومن هذه الجبهة وغيرها من تيارات اليسار تكون الحزب الاشتراكي اليمني ، وقد حكم الدولة في الجنوب ما يقارب ٢٣ عام ، نجح خلالها في العديد من الجوانب التعليمية والصحية والتشريعية ، ورسخ ثقافة الدولة في اوساط الشعب في الشطر الجنوبي آنذاك ، كما ورسخ ثقافة الوحدة الوطنية فيهم ، حمل الاشتراكيون على عاتقهم مشروع الدولة الوطنية الواحدة ، وتعرضوا لمؤامرات كبيرة لتفتيت قوتهم ، وطمس هويتهم الوطنية والقومية والاممية ، ولعل ابرز تلك المؤامرات احداث ١٣ يناير ٨٦ م ، التي شكلت اكبر ضربة وجهت للحزب الاشتراكي اليمني وللدولة التي كان حاكماً لها ، بعد الوحدة اليمنية استمرت المؤامرات ، ونفذت العشرات من عمليات الاغتيال السياسي الدموي لقياداته ، التي تجاوزت حينها ال-١٥٦ كادراً من كوادره الفاعلة ، وتكللت المؤامرة على مشروع الدولة بشن حرب صيف ٩٤ م ، بعد التوقيع على وثيقة العهد والاتفاق ، التي نصت على نظام الاقاليم ، والتي كان يرفضها الطرف الحاكم في صنعاء متمثلاً بالمؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للاصلاح* ذو الطابع القبلي الديني حينها ، تم تجريد الاشتراكي من كل قوته العسكرية والمادية والاعلامية ، وتم تشريد عشرات الالاف من كوادر الدولة المحسوبين عليه بما يشبه المذبحة الجماعية ، وتواصلت عمليات التصفية والاغتيال أيضاً بعد ذلك ، واستخدم الدين بشكل بشع للقضاء عليه ، على شكل فتاوى وخطب دينية من على منابر المساجد ، وفي معسكرات الدولة كانت قيادات الإخوان المسلمين تروج ثقافة تكفير الاشتراكي وكوادره ، حين كان الاخوان جزء من سلطة علي صالح ، واستمر الاشتراكي اليمني بمواقفه الوطنية محذراً من كوارث كبيرة إذا استمر النظام بهذه السياسة المدمرة ، وإذا لم تتخذ إصلاحات سياسية واقتصادية جذرية فإن المآل سيكون الانهيار الكامل ، والدخول في جولات صراع دموية تنهك الشعب وتمزق الوطن ، وهذا ما حصل بالفعل ، المنصفون وحدهم يستطيعون الحكم السليم على مواقف الحزب القوية و الرؤية المستبصرة للاحداث ، من خلال أدبياته وبياناته الرسمية التي عبرت عن هذه المواقف من كل المنعطفات والاحداث السياسية التي مرت باليمن المعاصر ، في بياناته يفصل بشكل دقيق رؤيته ويوضح كافة العراقيل امام اعادة الاعتبار للدولة التي كان وما زال يعمل علي صالح على احتكارها في شخصه وفي داخل القبيلة ، ويرفض هو ومن حالفه قديماً وحديثاً مبدأ سيادة القانون .. يتعرض هذا الحزب العريق لحملة شعواء تستهدف إثناؤه عن القيام بواجباته الوطنية والقومية والانسانية ، حتى تستطيع قوى التعصب والظلام والقبيلة السيطرة على الدولة وثرواتها وكافة ما يتعلق بها .. ودائما نرى قوى الظلام تشوه من مواقفه الوطنية القوية من خلال تركيزها على بعض مواقف الانتهازيين داخل الاشتراكي لتشويهه وتحميله مواقف شخصية لبعض المنتمين ، اليوم يقاتل الاشتراكيون من اجل مشروع الدولة الاتحادية ، يقاتلون من اجل الشرعية الوطنية وشرعية مخرجات الحوار الوطني ، من اجل الدولة التي يحلم بها شعب اليمن ، الدولة المدنية الحديثة ، دولة النظام والقانون ، دولة العدالة و المواطنة المتساوية .. تجد غالبية من يعملون على تشويه مواقف الاشتراكي اعداء مشروع الدولة المدنية الحديثة.. وطبعاً هناك فرق بين النقد الذي يمارس ويحاول لفت نظر الاشتراكي لأخطائه ، وبين حملات التشويه والتضليل التي هدفها تغييب الاشتراكي ومشروع الدولة بعيداً عن مشاريع التعصب بكل اشكاله الدينية والعرقية والسلالية والمناطقية.. للاشتراكي اليمنى مواقفه الوطنية القوية والثابتة ويرفض أن يكون تابعاً لأحد ، الحديث يطول في موضوع كهذا ..
* ملاحظة : حزب التجمع اليمني للاصلاح تغير كثيراً بعد فض تحالفه مع نظام علي صالح.. وأصبح التيار المدني المعتدل فيه هو صاحب الكلمة في سياساته الداخلية والخارجية ، وضعفت فيه سيطرة التيار المتشدد .. على الاقل من خلال مانرى من سياساته منذ شراكته مع احزاب اللقاء المشترك في تنظيم معارضة قوية ضمت تيارات يسارية وقومية.