الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٦:٣٤ صباحاً

الصَحفي صلاحُ القَاعِدي : 12000 ألف ساعَة من العَذابِ

محمد المياحي
الثلاثاء ، ١٠ يناير ٢٠١٧ الساعة ١٠:٥٥ صباحاً
يا خالقنا الكبير، يا أيّها الله، امنحني خمسة دقائق لأخبرك بهذا الوجع:
قبل 500 يوم يا إلهي،،

كان هنا مواطنًا يُدعى صلاح القاعدي، كان صلاح يكتب يا الله، وأظنك تُحب الكُتّاب يا مولاي، كان صلاح صحفياً تمتلئُ حقيبتة بالأوراق والقصائد والكتب، ومثلُ كلَّ صحفيي الكوكب، كان يرصدُ وقائع الحياة ويمارسُ حقه الأزلي في إخبار البشر بما يدور حولهم، هكذا كان يعمل كباقي رفقائه يقضي نهاراته في جمع الكلمات والأنباء..

وفي زمن شديد الفجور يا إلهي تسربَ الليل إلى قلب المدن ، اكتسحت الشياطين عاصمة الجمهورية اليمنية وأحرقوا كل شيء، ثم بعد زمن قصير من سيطرة العصابات على حياة الشعب، خطف اللصوص صلاح، كسروا أقلامه، صادروا الورق التي كان يكتب عليها، وضعوا عُصبةً حمراء على عينية ثم رموه في زنزانة الاجرام، وقالوا أنت خائن.!

هذا صلاح الانسان يارب ، كان يكتب، فجاء الحوثيون، وقالوا إن الكتابة جريمة وأن عقوبة صلاح تستوجب التعذيب، عذبوه، هتكوا جسده ، صبوا عليه قذارات الكون، ثم تركوه وحيداً في ليل صنعاء العاري، وها هو منذ 500 يوم ينام معذباً في قبضة الوحشة والذل..

صلاح الصحفيُ الذي تخلق من أعناق الجبال في قريته، ذلك الفتى القادم من سهوب حجة لم يكن يُخبئ خنجراً في جنبيه، كان فقط يملك القليل من الحبر والكثير من الكلمات، يُطعم الحيارى في ليل صنعاء بعض الضوء ويهبُ التائهين مصباحاً وبضعَ أعوادٍ من الحطب؛ ليوقدوا ديارهم المهجورة. ثم كما قلتُ لك يا الله ما إن رأت العصابات صلاح يفعل هكذا، حجبوه عن النور ليواصلوا عبثهم في الظلام، خطفوه ولسعوا جسده بالنار ، وتركوا طفله وحيداً في ليل بلا حنان..!

طفل صلاح، أويس، ابن الربيع الثالث، يُحصي أشجار القرية ويستفسرُ أمه أين ذهب بابا يا أماه؟
زوجةُ صلاح حديثةُ العهد به، تُسندُ ظهرها للريح وتنام في ليل مكشوف بلا أنفاس زوجها، تتحسسُ أصابعه في الظلام ويتهاوى قلبها في الأعماق،،
أمه تلك العجوزُ المسكينة تستذكرُ صلاح عند السحر وتشرغُ عيناها بدموع مخلوطة بالدم والعذاب .

أبوه ذلك الكهل الكبير ذو الجسد المهتوك يتوكأ على عصاه ويبكي ، يزور صنعاء ليلتقي صلاح لبرهة من الزمن يسأله أين عذبوك يا ولدي، ثم يغادر صنعاء خائر القوى يتناهشه الآلم ويسقط مريضاً لأسبوعين بعد ذلك اللقاء القصير..!

انظر يا إلهي كيف عبث الحوثيون بحياة أمة من الناس، كم من العذابات سحقوا بها أجساد اليمنيين، كم أم ذَبُلت عيناها من البكاء، وكم من زوجة تعيش مطعونة في العراء؟
يا الله كم ما زلنا نحتاج من التضحيات لُنسقط مشروعهم السرطاني ونسترد عافية البلد؟
#القاعدي_500يوم_اختطاف