الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٨:٢١ مساءً

المذبحة السوداء!

حافظ مطير
الاثنين ، ٢٠ مارس ٢٠١٧ الساعة ٠١:٥٠ صباحاً
أزهر الربيع وبلغ أعالي الربى على أكتاف الشعب الثائر الذي خرج إلى الساحات بصورة سلمية يحمل شتلات الدولة المدنية الحديثة على أكفه كمطلب وحيد له والتي لا يمكن أن تبنى إلا بإزاحة دكتاتور أعاق البناء وحطم التنمية ومسخ القيم ومزق اوصال المجتمع.

لقد كان ل 18 مارس 2011م زخمه الثوري وذاكرته السوداء في أذهان اليمنيين والذي أغربت فيه شمس الكرامة شاحبة حزينة بعد أن توافدت الحشود من صباحها الباكر إلى ساحة التغيير التي اتخذت من جامعة صنعاء ونصب الحكمة اليمانية رمزاً للتنوير ومنصة للثورة حتى بلغت الشمس كبد السماء وأشتد حرها وقعد المصلون بأجسادهم المتراصة في الساحة المترامية الأطراف للتسليم بعد الإمام من صلاة الجمعة ليتفاجؤوا باشتعال الإطارات وتصاعد أدخنتها من خلف السور العازل الذي بناه بلاطجة المخلوع بزعامة محمد علي محسن الأحول محافظ المحويت في ذلك الوقت ولتنهل عملية قنص الثوار المسالمين بوابل من الرصاص التي كانت تصوب ما بين الرأس والصدر والرقبة حتى سقط 58 شهيداً في لحظة واحدة والتي تعد أبشع إبادة جماعية للمدنيين أمام عدسات الكاميرا.

لقد كانت مجزرة جمعة الكرامة إبادة جماعية جسدت التاريخ المأساوي لحقبة المخلوع ومنظومته الأكثر عتمة ودموية بعد تحمل اليمنيين سوء حكمه وعناء تسلطه وفساد منظومته لأكثر من ثلاثة عقود؛ فكان يوم 18 مارس 2011م يوماً مأسويا ونقطة مفصلية وفارقة في حقبة صالح وعائلته الذي تهاوى عرشهم بالدماء الطاهرة الزكية التي سفكت ظلما ً وعدواناً والتي قدم الشباب الثأرين أرواحهم رخيصة في سبيل انعتاق الشعب وخلاصه من دكتاتور لم يقدم لهم إلا الموت والموت فقط ليحكم هو وعصابته.

لقد أروى شباب الثورة أهداف ثورة 11 فبراير السلمية بدمائهم الزكية والتي أسقطت صالح وعائلته بالمبادرة الخليجية واضعة بذرتها لتنبت مياسم الحوار الوطني الذي بذرت الثورة الشتلة الأولى لبنى مداميك الدولة المدنية الحديثة والتي صيغت مسودة الدستور بناء على مخرجاته.

فلم يكن يوم 18 مارس 2013 م لمؤتمر الحوار الوطني حدثاً مصادفاً للذكرى الثانية للمذبحة السوداء والمعروفة بمجزرة جمعة الكرامة؛ بل كان توقيتاً اعتباريا بأن تضحيات الشهداء لن تذهب هدر وإن مخرجات الحوار هي ثمرة تضحياتهم والتي من خلالها ستحقق أهداف الثورة الشبابية السلمية ببناءالدولةالمدنيةالحديثة دولة العدالة والمواطنة المتساوية.

*خاص بيمن برس