الثلاثاء ، ١٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٥٨ مساءً

اليمن وإنسانية " اللا إنسانيون "

عبد الله شروح
الثلاثاء ، ١١ ابريل ٢٠١٧ الساعة ٠٤:١٦ مساءً
مذ كان الحوثيون في صعدة ، قاموا بتصفية كل ما يمكن أن يكون نشازاً عن لحن الموت الذي أضفوا عليه صبغة دينية كي يغدوا من يعارضهم في مواجهة مع الله في نظر الدهماء من أتباعهم .

خرجوا من صعدة بمسيرة هي الأكثر دمويةً وخراباً في التأريخ اليمني إطلاقا،قاموا بإجلاء جماعات بأكملها من مناطق سكناهم فقط بسبب تباين المعتقدات ، واختلافات في وجهات النظر ،
حاصروا المدن ، واعتقلوا الساسة ، وقتلوا كل من سولت له نفسه أن يقول لهم : كفى ،
فقط لمجرد القول ! ،
كل هذا الدمار واللا إنسانية حدث على مرأى من العالم أجمع ، دون أن يحدث أدنى رفض دولي أو محلي حقيقي " مما يسمى التيار الثالث " الحياديون " " يترجم إلى عمل واقعي يحد من هذه المأساة .

أما الآن ، وبعد أن تغيرت موازين القوى بفعل تعاضد الجيش الوطني مع التحالف العربي ، وبات أمر الإنقلاب إلى زوال ، فها نحن نشهد تصاعد مُطِّرد في وتيرة الضغط على الشرعية والتحالف العربي بما يسمى " الملف الإنساني " ، سيما فيما يتعلق ببدء عملية تحرير الحديدة _ كساحل ، وميناء ، ومدينة _ ،
ليأتي هذا الملف كمحاولة لفرملة هذه الخطوة الهامة والمصيرية في رحلة التحرير الشامل .

إن الحقائق الجزئية المبتورة حينما تُفصَل عن مسبباتها ، فإنها تنتقل من مربع الحقيقة إلى مربع الضلال والتضليل .

تدهور الوضع الإنساني في اليمن أمر لا يخفى على أحد ، والحرب تحصد كل يوم فلذات أكباد هذا الوطن بوحشية مفرطة ،
والمتسبب بهذا الوضع الكارثي هو " الإنقلاب " .. الإنقلاب وحده ،
فتشكيل الجيش الوطني ، ومجيء التحالف العربي ، إنما كانت أمورٌ لاحقةٌ لحدوث الإنقلاب كوسائل لتبديده ، والعودة باليمن للمسار السياسي الطبيعي.

والحرب الدائرة حالياً سببها " الإنقلاب " .. الإنقلاب وحده ، والنهاية الطبيعية لمعاناة الحرب هذه _ وهي النهاية الأقل كلفة _ تتمثل بإسقاط الإنقلاب وتجاوز آثاره ، والعودة باليمن للمسار الديموقراطي ، والحكم الجمهوري .

الإنسانية تقتضي في اليمن أن يزول هذا الإنقلاب ، وأن تُزال الجذور التي يمكن أن تنبته مرةً أخرى.

الإنسانية هنا تقتضي عودة اللاجئين اليمنيين من دول الجوار من سياسيين وناشطين ومواطنين عاديين ،
الإنسانية تقتضي خروج المختطفين والمخفيين قسرياً ، والعودة لمخرجات الحوار الوطني كوثيقة تأريخية رسمت معالم اليمن الذي ينشده جميع اليمنيين ،
الإنسانية في اليمن تقتضي أن يكون للدولة مؤسساتها الدستورية ، وأن لا يُسمَح لأيٍّ كان أن يعمل خارج إطار هذه المؤسسات ، الإنسانية تقتضي تكافؤ الفرص ، وتحقيق المساواة ، ونزع السلاح من يد الجماعات كي لا تستخدمه لانتزاع امتيازات فوق سقف الدستور ومقتضيات العدالة ، والمواطنة المتساوية .

لا يمكن أن يكتسب " الملف الإنساني " معناه الحقيقي إلا باستخدامه للضغط على قوى الإنقلاب للتسليم بمقتضيات قرارات مجلس الأمن ، والمبادرة الخليجية ، ومخرجات الحوار الوطني.

وأي تواجد هذا الملف في أي أروقة أخرى ، وبأي مسارب لا تفضي لنهاية هذا الإنقلاب وإزالة آثاره ، فلن يعدوا كونه مغالطة ، وسلاح يائس آخر يضاف لترسانة الإنقلاب الساقط .. الساقط ! .