الثلاثاء ، ١٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٣٦ صباحاً

من خيارات الحوثي إلى تهديد المؤتمر

عادل الشجاع
الأحد ، ١٨ يونيو ٢٠١٧ الساعة ١٠:٥٥ مساءً
يبد أن عبدالملك الحوثي لديه القدرة على التلاعب بذاكرة أتباعه، وبخاصة عندما تكون جماعته شارفت على الإفلاس.
من منا لا يتذكر الخيارات الاستراتيجية التي بشر بها؟ الجميع حزم حقائبه واستعد لفتح مكة. لكنهم نسوا أن فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة ونحن مازلنا سنة ثالثة حرب.

في هذه الخيارات التي روت المجد والانتصار والكرامة، كانت النتيجة دخول التحالف عدن.
بعدها كان حديثه عن المفاجآت التي ستشفي قلوب اليمنيين، فكان قرار نقل البنك المركزي وانقطاع المرتبات.

وحينما أدرك أن ذاكرة اليمنيين بدأت تنشط قليلا عاد ليتلاعب بها بطرق عديدة وبمود مختلفة أهمها إختراع الطابور الخامس.

أدرك أن تلاعبه بالذاكرة بدأ ينكشف وأن خطاباته المتصنعة لم تعد مغرية، فبادر إلى إختراع جديد أسماه حكماء اليمن. تداعى حكماءه ولم ينتجوا إلا مزيدا من الجهل والفقر والمرض.
أين الحكمة من صرف مليارات الريالات نقدا للتجار ليأخذ الموظف قسيمة يريق بها ومن خلالها كرامته وهو يقف في طوابير طويلة لم تعرفها الدول الاشتراكية في عز اشتراكيتها.

حكمة عبدالملك الحوثي واستراتيجياته لم تنتج سوى ضحايا. ضحايا في السجون، ضحايا أخذت مرتباتهم، ضحايا الفقر، ضحايا المرض. باختصار من لم يرى مسلسل بيت حميد الدين، يشوف الإعادة في مسلسل الحوثي.

يبد أن عبدالملك لا يدرك أن التلاعب بالذاكرة سيجعلها تنشط عند الضحايا. فالذي يرى ابنه أو أخاه أو أباه يساق إلى السجن ، سيتذكر خصمه جيدا والجرائم لا تسقط بالتقادم. وكل من ارتكب جرما فسيجد نفسه أمام القصاص. فهل سيصحى ضميرك لتكف عن الأكاذيب وتصدق مع نفسك ومع الله ووطنك وتخرج في خطاب تدعو فيه إلى سلام شامل عوض عن الحرب وإطلاق المعتقلين في سجون أتباعك الذين تجردوا من كل إنسانية ودين وعرف.

إنها دعوات المظلومين التي ليس بينها وبين الله حجاب. عليك أن تقف أمام نفسك بضع دقائق لتسألها ماذا تريد من الشعب اليمني وماذا يريد منك. هناك جرائم ترتكب من أتباعك تخلد الكراهية مئات السنين.

تهديد المؤتمر بالانسحاب

يبد أن المؤتمر أصيب بفقدان الذاكرة. ذهب إلى التحالف مع الحوثيين لكي تعود المؤسسات إلى وضعها المؤسسي وإلى العمل بالدستور.
حشد أعضاء مجلس النواب للاصطفاف وراء المجلس السياسي لإعطائه الشرعية فبسط عليه الحوثيين وإلى اليوم يرفضون تسليم الرئاسة. دفع بكل ثقله لتشكيل حكومة الإنقاذ ولم ينقذ سوى الحوثيين الذين يعتقلون الناس من خلال مؤسسة الداخلية.
أصبح المؤتمر غطاء لكل الممارسات السيئة في حق المواطن اليمني.

وفي لحظة من استفاقة الضمير أعلن المؤتمر أنه سينسحب من المجلس السياسي والحكومة إذا لم تخرج اللجان الثورية من المؤسسات ويتم العمل بالدستور.

لم تخرج اللجان ولا أثر للدستور ولم ينسحب المؤتمر. فهل جناح الفساد داخل المؤتمر المستفيد من هذه الأوضاع أصبح هو المسيطر على القرار، أم ماذا؟

هناك فراغ كبير يمتد بامتداد الجمهورية اليمنية بسبب سوء ممارسات الشرعية والانقلاب. المؤمل أن يملأ المؤتمر هذا الفراغ لإعادة السلام إلى ربوع اليمن. لكن على ما يبدو أن المحيطين برئيس المؤتمر قد جفت رؤوسهم عن التفكير، أو أنهم أصبحوا غير قادرين على اتخاذ القرارات الشجاعة.

يحتاج المؤتمر إلى الابتعاد قليلا عن الحوثيين لينجز مشروع المصالحة الوطنية من منطلق الحقيقة والعدل والإنصاف والحرية. من هنا أصبح التفكير في خطوات تؤسس للثقة تبدأ من فتح المنافذ في تعز بطريقة شجاعة تؤسس لوقف الحرب.

إن أفضل استعمال للحرب يبدأ بممارسة فتح الطرقات أمام المواطنيين.
إن التحدي الأكبر أمام المؤتمر هو مواجهة الحرب بالسلام. وهو الوحيد الأقدار على ذلك، لأن بعض من في الشرعية لايريدون وقفها. والبعض الآخر من الحوثيين لا يريدون لها أن تتوقف.
أخيرا أقول للجميع: الكراهية لا تعالج بالكراهية، وإنما باستخدام لغة الصفح والتسامح بدلا من الحقد والانتقام.