الثلاثاء ، ١٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١١:١٢ صباحاً

أين عدن؟

فتحي بن لزرق
الثلاثاء ، ١٩ نوفمبر ٢٠١٩ الساعة ٠٢:١٣ مساءً

لاتسلني عن حال "عدن"، فهذه المدينة التي نراها اليوم ليس لها صلة بعدن..
عدن التي نعرفها غادرت وستعود ..
سينتظرها الناس ذات يوم على مشارف ضواحيها.
في مطارها
مينائها..
على ضفاف سواحلها.
ستترجل وستندو وسيصرخ الناس "وعاد الزمان وعادت عدن".
سيشيرون إليها وسيصرخون "عدن تعود.
وقد تعود عبر بحر صيرة.
لكنها اليوم لاوجود لها.
ثمة مدينة أخرى وعالم أخر..
هذه ليست "عدن" ولن تكون..
اخبريني يا أمي .. أين عدن..؟
أجبيني أيتها الشوارع المنيرة الوثيرة أين عدن..؟
أين ساحل أبين وعشاقه؟
أين الشيخ عثمان وروادها ..
أين دقات العود وآهات العازفين على شاشة تلفزيونها "العتيق".؟
وديتم "عدن" فين؟...
لسان حال الناس وهم يجوبون شوارعها بحث عن المدينة المفقودة.
يجلس العدني متهالكا على أطراف كرسي خشبي بمقهى السكران في ساعات المساء الأولى ويسأل رفيقه ..
أين مدينتا يارفيق؟
هل رأيتها؟
هل حدثوك عنها؟
هل قالوا لك أنها "ستعود"..!؟
يرفع العدني ناظريه للسماء فلا يجد إجابة ..
وتسقط "دمعة".
ومع دمعته تبكي "اليمن" حال المدينة التي احتضنت العالم اجمع ذات يوم وضاقت اليوم بأهلها.
ومع دمعته تسقط كل القيم والمبادئ..
تخسر "الناس" في حياتها أشياء كثيرة لكن ان يخسر الناس وطنا ومدينة فهذا الشيء الذي لايمكن تصديقه..
باحثون عن "عدن"!
يجوب "العدنيون" كل يوم شوارع المدينة ويفتشون أزقتها ويلقنون أبنائهم كل مساء جملة واحدة..
هذه ليست "عدن" ولن تكون.
فعدن بريئة وهذه مذنبة.
وعدن طيبة وأم المساكين وهذه متوحشة.
وعدن أم النظام والدولة وهذه أم الفوضى والهمجية.
-هلم بنا نبحث عدن ..؟
-هيا بنا .. لكننا لن نجدها ..
- سنجدها..
- لا لن نجدها "عدن" سافرت وستعود ..
فتحي بن لزرق
17 نوفمبر 2019