الثلاثاء ، ١٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٢:٤٠ مساءً

عن حراك إيران

بلال الطيب
الاربعاء ، ٢٠ نوفمبر ٢٠١٩ الساعة ٠٥:٢٢ مساءً
يُجمع كثيرٌ من المؤرخين على أنَّ التشيع أصله يمني لا فارسي، جَاعلين من خروج علي بن أبي طالب إلى اليمن مَرتين مُنطلقاً لتلك النزعة، مُشيرين إلى أنَّ (الهمدانيين) استقبلوه بِحفاوة بالغة لم يلقها منهم خالد بن الوليد؛ الأمر الذي جعل الأخير يقول فيهم: (رأوا في علي خؤولة جدِّه، وليس لمخزوم في حمير خؤوله).

جاءت بعد ذلك الفتوحات الإسلامية، واستوطنت بعض القبائل اليمنية الكوفة، تبنت الأخيرة التشيع كتنظيم سياسي بعد مقتل عثمان بن عفان، لتتنامى تلك العقيدة أكثر بعد مقتل علي بن أبي طالب، وحين عزم الحسين بن علي الخروج على (الأمويين)، نصحه عبدالله بن عباس قائلاً: (وإذا أردت أحسن الأمور قصداً فلترحل إلى اليمن حيث شيعة أبيك).

إيران قبل ظهور (الدولة الصفوية) كانت سنية المذهب (1501 ـ 1736م)، عمل (الصفويون) على استحضار حضارة فارس، وجعلوها جزء من الدولة والدين، وما حضور الحسين بن علي بن أبي طالب وجزء من ذريته فى موروثهم الا تجسيدا لتلك النزعة، خاصة إذا ما علمنا أن الأخير تزوج من شاه زنان بنت يزدجرد آخر أكاسرة فارس، وانجب منها ولده علي زين العابدين، الشهير بـ (السجاد)، وإلى الأخير ينسب محمد الباقر، ثم جعفر الصادق، وباقي أئمة (الاثني عشرية).

ومن هذا المنطلق يمكننا الجزم أن المذهب الشيعي في فارس صار قومية، على خلاف ما هو حاصل في اليمن، والذي لا يتجاوز مسمى الكهنوتية، والمتمثل بالتقاء أكبر دجال بأكبر مغفل، وذلك منذ مقدم يحيى بن الحسين الرسي، وحتى سيء الصيت عبدالملك بدر الدين الحوثي.

وبنظرة فاحصة نجد أنَّ عوامل الشبه بين النموذجين الايراني واليمني تتركز أكثر في أن التشيع صار عقيدة ومذهب، ويصعب إلغاؤه، يكبر وينمو بالتعصب، والجدل، ولا يضمحل إلا بوجود دولة قوية تردعه، وهنا تبرز التقية، وتحين فرصة انهيار تلك الدولة للعودة مرة أخرى، وهو ما حصل في فارس واليمن أكثر من مرة.

بعد هذا الاستهلال، وعلى ذكر حراك العراق ولبنان الشعبي، وحراك إيران العربي والكردي، ولد هذا السؤال: هل من الممكن أن تشهد مناطق (اليمن الأعلى) حراكاً شعبياً مماثلا؟.

الجواب: نعم ممكن، ولكنه سينحصر في المدن الكبيرة وخاصة صنعاء، أما المناطق القبلية فمستحيل أن يحدث ذلك؛ للأسباب الواردة أعلاه، وعلى ذلك وجب القياس فيما يخص حراك إيران.