الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٣٨ مساءً

فصل الرياضة عن السياسة!

سلمان الحميدي
الأحد ، ٠١ ديسمبر ٢٠١٩ الساعة ١٢:١٥ صباحاً
تفتح القنوات الرياضية لتشاهد مباريات كأس الخليج، فتشعر بالاطمئنان بتوحد البيت الخليجي، ولا كأن في "البلسة بلس".

البلاد ممزقة، ومؤامرات الشتات تحاك في الأبراج العالية، ومع ذلك نشعر بقلق بتفرقهم، قلق الأب على تفرق أولاده، وذلك حنو الأصل، عمل الجينات المتوارثة من "اليمن أصل العرب".

الدورة المقامة في قطر، تعيد الأمل للعرب بإمكانية تجاوز الخلافات، أو على الأقل بإمكانية فصل "الرياضة عن السياسة" كما تسير كرة القدم في العالم كله، وتجلب المتعة لعشاقها.

كأن لا أزمة في الخليج.. ونحن المندفعون للتشجيع كأننا بلا حرب.. يا لجمال كرة القدم، رغم تقلب بعض المشجعين بسبب الضغوطات الراهنة، من نشجع ولمن نهتف؟!.
في خليجي 23، كتبت مقالًا، لا أعرف إن نشرته أم لا، حول تشجيع الكويت.

كان الطقس مقاربًا لطقس هذه الأيام..

نصغي لأنفاس الشتاء ونتهيبها من خلف الأبواب، هذا أول الليل كيف آخره؟ أول الشتاء كيف ذروته؟.

موجات الصقيع عدو النباتات، تخرب الأعواد المورقة وتصيبها بالخبال، ما كان يُجنى بسقوين من الماء، يأتي هذه الأيام بعد سبعة ممحوق البركة وبلا رونق، هذا ما يجعل الملاعب الريفية تزدحم باللاعبين، حتى أولئك الذين تجاوزوا الخمسين، ذكّرهم انعدام القات بضرورة تنشيط الدورة الدموية وأهمية الركض خلف الكرة.

الركض في الأجواء الباردة يجلب الحرارة للجسم، وفي شتائنا الجميع يركض: الساسة في أروقة الفنادق، المقاتلون في الجبهات، النازحون يركضون إلى أماكن مجهولة، أناس ينظرون إلى السماء ويركضون بخوف، أناس يسمعون قديفة ويركضون، ملشاويون يركضون باتجاهات مختلفة، وكأنه مكتوب على اليمني الركض في كل فصول السنة.

سنتوقف قليلًا. لن نذهب إلى الملعب. سنشاهد مباراة المنتخب اليمني، نعلم أننا سننهزم، ومع ذلك:«يكفي نسمع النشيد الوطني، ونشوف العلم بالمدرجات» قالها شخص لا يقرأ ولا يكتب، كان مدفوعًا بالوطنية. أما السمين الذي يؤمن بأنه خُلِق ليكون رأس حربة كلما لعبنا، فقد أكد أن «القشبابية ذرعتني من كلام المعلق وهو يتحدث عن اليمن، بلد الحضارة اللي تلعب بلا معسكرات إعداد ولا دوري». سألني ما إذا كنا نعيش أوضاعًا قاسية أم لا، احترت حقيقة وسألته: أنت كيف تبصر؟

لأحتار مرة أخرى إن كان هذا السؤال من تلك التي تُدخل الإنسان في دوامة صمت، لا يخرجنا من هذه الدوامة إلا أحد النجارين الذي نسى مهنته، كان قد عمل في السعودية لعقود وخرج منها في سنة الأزمة الخليجية، ولم يعد له من ذكريات الاغتراب المريرة غير "الشاكوش".

لقد شتم كافة المنتخبات، بما فيهم المنتخب اليمني واستثنى الكويت، كان متحمسًا حد العظم مع المنتخب الكويتي، هناك الكثير تعاطفوا مع الكويت، سألت أبي من تُشجع، فرد لي: أشجع الكويت بدون ما أشاهد.
الكويت في وجدان اليمني، شهامة ونخوة، ذلك الذي يمنح دون مَن، يقف إلى جوارك دون أن يكون له مآرب سياسية، ينصفك وإن غضب منك.

ولشدة حب اليمني للكويت، كسبوا على أرضنا بطولة خليجي20، وخرجنا سويًا في أرض الكويت في خليجي23.

مش مهم الكأس. المهم الحب.