الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٣:٤٤ مساءً

13 يناير يوم النكبة

عبدالناصر العوذلي
الثلاثاء ، ١٤ يناير ٢٠٢٠ الساعة ٠٧:٣٠ صباحاً

الإثنين 13 يناير 1986 يوم اختلف الرفاق في المكتب السياسي للحزب الإشتراكي اليمني فسالت أنهار من الدماء وتفكك جيش وانشرخ المجتمع وانقسم الجنوبيين بين طغمة وزمرة. وتهيأ الجنوب لوحدة غير متكافئة فذهب إلى المجهول كالمستجير من الرمضاء بالنار ،86 يوم شؤم ونحس على كل الجنوب اخفق فيه الرفاق فكان اخفافهم مميتا قاتلا لمكنونات دولة ونسيج شعب ، مازالت آثاره ماثلة أمام أعيننا إلى اليوم .

13 يناير 1986 أثبت أن الرفاق الذين أداروا العملية السياسية في الجنوب والذين ينتمون إلى الجبهة القومية، لم يكونوا بمستوى البلد الذي تنفذوا على سدة حكمه فلقد كانت هذه النخبة السياسية غير مؤهلة علميا وسياسيا واجتماعيا وأخلاقيا ،لقيادة البلد، حيث كانت هذه النخبة عقيمة غير منتجة أردت المجتمع وأوصلته إلى قاع سحيق من التردي رغم أن البلد يمتلك مكنونات اقتصادية مهولة وتستطيع البلد أن تنهض وتكون دولة ذات مكانة سياسية واقتصادية، لو وجدت العقليات المتعلمة والمنتجة والتي تستطيع أن تتعاطى مع مجريات الأحداث وان تصنع واقع حقيقي يستشرف المستقبل من خلال صنع الحاضر المزدهر

ميناء عدن كان يستطيع الرفاق من خلال تأهيله وتحديثه أن يكون رافدا إقتصاديا يتحمل موازنة الدولة كاملة والثروة السمكية والثروات الجيولوجية التي سلمها الرفاق بكرا" لعفاش والتي كانت عائداتها بعد ذلك تغطي الدولة بشطريها .

عقم الرفاق كان واضحا" وجليا فلقد كانوا يفتقرون إلى العقليات المنتجة حين تقمصوا الإشتراكية العلمية وهم أبعد ما يكونوا عن العلم الذي يتشدقون به، كم كنت أضحك حتى استلقي عندما أذكر أنهم بنوا معهدا للإشتراكية العلمية وكان اسمه معهد باذيب للإشتراكية العلمية.

الرفاق وما أدراك ما الرفاق ، عندما كنت اقرأ نظريات الرفاق اللينينية والتي لاتتعاطى مع واقع بلد صغير خرج لتوه من إستعمار دام 128 عاما كنت أدرك رغم حداثة سني آنذاك أن هذه النظرية ستتحول إلى كارثة ستعصف بهذا الوطن الذي تشرأب أعناق أبنائه إلى حياة كريمة تنطلق من واقعنا وثقافتنا التي نشأنا عليها فنظرية ماركس وانجلز ولينين ليست نظرية قابلة للتطبيق في هذا البلد الصغير والحيوي والذي يمتلك مؤهلات الحياة الكريمة بعيد عن هذه النظريات العقيمة والغير منتجة، لو أن قيادته أدركت ذلك وانخرطت في البناء والتنمية والإنتاج.

فشل الرفاق في إدارة دفة الحكم في الجنوب على مدى 23 سنة منذ الاستقلال في 67 وحتى 22 مايو عام 90 وهذا الفشل انعكس على حياة الشعب فقد عاش الشعب في حكمهم سنوات عجاف ،أوصلوا الشعب بعد ذلك إلى وحدة عجفاء غير متكافئة عاش فيها الجنوبيين سنوات الإقصاء والتهميش وتنفذت قوى الهيمنة بعد حرب صيف 1994 ولذلك لاعزاء للرفاق في يومهم الأسود والمشؤوم الذي تأتي ذكراه في هذا اليوم الإثنين 13 يناير.

كان الفرق بين الشمال والجنوب أن الجنوب استفاد من الاستعمار البريطاني في الإدارة العامة والحياة المدنية وكان الجنوبيين شعب متعلم تغلب وخرج عن النمط القبلي ، لكنه بعد الاستقلال كان يدار بنخبة سياسية جاهلة غير متعلمة لم تكن قيادات هذه النخبة حاصلة على أي مستوى تعليمي ولذلك لم تستطع مواكبة التطورات ولم تستطع أن تصنع واقعا قويا لا سياسيا ولا إقتصاديا وكانت دولة هشة انفرط عقدها بعد بفترة وجيزة من تسلمهم للسلطة بعد رحيل الإستعمار .

بينما كان الشمال مجتمع تعمقت فيه روح القبلية حتى في زمن الوجود العثماني كان الشمال مجتمعا قبليا وكانت القبيلة تفرض قوانينها و لها أدواتها وتفرض اجنتدها ولكن ما حصل، وأحدث فرقا بين الشمال والجنوب هو أن قيادة الثورة التي تسلمت القيادة بعد 1962 كانت قيادة راشدة مؤهلة علميا وسياسيا واجتماعيا واستطاعت أن تتعاطى مع الواقع وان تجير عمل القبيلة لصالح البلد .

ومن هنا ندرك كيف كان الجنوب شعب متعلم وقيادة جاهلة وكيف كان الشمال شعب متخلف وقيادة متعلمة استطاعت القيادة المتعلمة أن تؤهل الشعب وترتقي به، بينما انهكت القيادة المتخلف الشعب وأوصلته إلى قياهب الظلمات ومن هنا استطاع عفاش بما كان لديه من عناصر مؤهلة أن يفكك عقد منظومة متخلفة ادعت يوما ما انها تحمل نظرية علمية تقدمية .