الثلاثاء ، ١٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ١١:٤١ صباحاً

قضية واحدة وجهود مشتتة !

منذر فؤاد
الاثنين ، ٠٢ مارس ٢٠٢٠ الساعة ٠٦:٠٨ مساءً

لماذا تدعم أنظمة عربية ودول كبرى جهود ميليشيا الانقلابي حفتر لاقتحام العاصمة طرابلس حيث مقر حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، بينما تقف هذه الأنظمة والدول حائلا أمام أي جهد للجيش اليمني التابع للحكومة المعترف بها دوليا، لاقتحام العاصمة صنعاء، حيث تتواجد ميليشيا الانقلاب الحوثية؟ هل يمكن الاعتماد على دول داعمة للانقلابات العسكرية في ليبيا ومصر والسودان، في مواجهة انقلاب آخر حظي بدعمها سابقا؟ لماذا حلال على الأنظمة القمعية أن تتعاون بينها في مواجهة ثورات الشعوب، وحرام على الشعوب أن تتعاون فيما بينها في مواجهة الأنظمة الوظيفية؟    إن أي إجابات منصفة على الأسئلة، ستقود حتما إلى أن قضية الشعوب هي قضية واحدة، وهي التحرر من الأنظمة الوظيفية وأسيادها في الغرب، وأن المشكلة هي مشكلة واحدة، وهي مشكلة الطغيان وسلب إرادة الجماهير وحريتها في اتخاذ القرار، لكن ثمة أستار تجعل الناس ينظرون إلى هذه القضية من زاوية معينة، فاليمنيين ينظرون إليها من زاوية تختلف عن تلك التي ينظر من خلالها السوريون، وقس على ذلك بقية الشعوب المضطهدة، التي تنظر للقضية من زواياها فحسب.   ومن الأستار التي استعملتها الأنظمة في تعزيز الهوة بين الشعوب وقضيتهم المصيرية، ستاري الوطنية والقومية وما يتبع ذلك من شعارات مهلهلة وتعصب أعمى للقطر وبنيه، دونما اكتراث لما يعانيه الآخرون في بقية الأقطار الإسلامية، وهذا بدوره يؤدي إلى أن يخوض شعب كل قطر معركته بمفرده، في مواجهة مجموعة من الأنظمة المتحالفة فيما بينها.   وهكذا أصبحت القضايا مشتتة متعددة مع أنها تصب في بوتقة واحدة، فاليمنية خاصة باليمنيين، والمصرية خاصة بالمصريين، والليبية خاصة بالليبيين، والإيجورية خاصة بمسلمي الصين، وقضية مسلمي الهند خاصة بهم فقط، بينما أصبحت هذه القضايا مجتمعة هدفا مشروعا للأنظمة العربية والغربية على السواء، فالنظام الإماراتي يساند حكومة الهند ضد المسلمين فيها، ويساند الانقلابيين في صنعاء وعدن وطرابلس ضد الشعبين اليمني والليبي، ويساند جزّار دمشق وإيران وروسيا في حربهم على الشعب السوري، وقس على ذلك بقية النظم.   إن أخطر ما غرسه الاستعمار في أذهاننا من خلال المناهج الدراسية، هي تلك الرؤية التي ترسخ الاعتزاز بالجنسية أو الانتماء القومي في مقابل إضعاف الهوية الإسلامية الجامعة بين الشعوب، ولو أن الشعوب استعصت على هذه الرؤية، لوفرت الكثير من الجهد والأرواح، وحققت نجاحات كبيرة في طريق الحرية الطويل.   إن قضية التحرر التي يناضل لأجلها أبناء سوريا وليبيا وأراكان، هي نفس قضية التحرر التي يناضل لأجلها أبناء اليمن وكشمير وأفغانستان، وإن اختلفت الوسائل  المتبعة في هذه القضية في كل بلد، لكن الحقيقة المرّة، هي أن الأنظمة القمعية موحدة في موقفها من قضية التحرر أكثر من الشعوب ، فالأنظمة تنظر لأي قضية تحرر في أي بقعة إسلامية باعتبارها تهديد لها، بينما الشعوب المضطهدة لا تتجاوز نظرتها أبعد من حدود سايكس بيكو، على الأقل حتى هذه اللحظة.   وحتى تؤمن الشعوب بوحدة قضيتها، وتوحد جهودها، لابد من إزالة حدود سايكس بيكو وترسباتها من الأذهان، تمهيدا لإزالتها على أرض الواقع، وبدون حدوث تغير في الأفكار لا يمكن حدوث أي تغيير على الأرض، وتلك سنة الله لا تتغير ولا تتبدل "إن الله لا يغيّر مابقومٍ حتى يغيّروا ما بأنفسهم.