السبت ، ٢٠ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٢:٣٦ صباحاً

"كورونا".. ترّقُّبْ الموت

فكرية شحرة
الاربعاء ، ١٥ ابريل ٢٠٢٠ الساعة ٠١:٠١ صباحاً

قد مرت في تاريخ البشرية سلسلة أوبئة أفنت الملايين، وحدثت حروب افنت أضعافهم..

هذه الفترة في اليمن، قضى الآلاف بالمرض، وامتلأت المقابر بضحايا الحرب!   عينة بسيطة في مدينة دمت، حيث مات عشرة أشخاص، أو أكثر، في يوم واحد لأسباب لم تعرف!!   فما سر هذا الهلع الزائد في مواجهة وباء مثل "كورونا"؟! لماذا كل هذا الرعب من وباء سيحمل حصته القليلة من الأرواح أسوة ببقايا كوارث البشرية؟!..   ليس استهانة بالوباء، أو تقليلا من شأن الاحترازات الواجبة لمواجهته، وإنما دعوة للتفكير في تداعيات هذا الوباء، وحمى القلق والمخاوف!!..   تخيلوا معي لو انتشر وباء "كورونا" دون "فيسبوك" وبقية مواقع التواصل التي يستخدمها كل أطياف البشر.. هل كان سيلاقي هذه الكمية المهولة من الأخبار والتحليلات والاحصاءات؟!   أعتقد أن وسائل التواصل الحديثة، التي ظهرت في السنوات الأخيرة، هي السبب في نوبة الهلع، واعطاء كارثة الوباء بعدا مروعا ضاعف من الخوف والاهتمام العالمي حوله..   ما أقصده: أن أوبئة سابقة مرت دون أن يصاحبها هذا الزخم الإعلامي الكثيف والمركز، مع كمية القصص والمؤثرات العاطفية والإكشن..!   تفاصيل غزو الفيروس، وفعله في رئتي الإنسان، حولته إلى رُهاب، تتناقله نخبة مواقع التواصل ليصل إلى العامة على شكل إشاعات مرعبة!.   رغم أن غالبية ما يصرح به الطب عن الفيروس هي فرضيات تنقض بعضها أحيانا، وتحتاج لدراسات أعمق وأطول زمنا.. هذه الفرضيات والمشاهدات، زادت من المخاوف وضخمت المشهد على أوسع نطاق!.   صارت المحاذير، التي ننتهجها للوقاية، أقرب إلى الوسواس القهري والعلل النفسية..!!   في اليمن حصل المشتبه إصابته بالمرض، على فضيحة كاملة الأركان، استدعت خروجه لنفي اصابته كأنه ارتكب جرما، وليست اصابة مرض..!!   يبدو أن الوباء سيتأخر كثيرا في الوصول إلى اليمن، وإن وصلت الشائعات قبله! كعادة، كل شيء يأتي متأخرا، لكنه يمكث دائما!! فاليمن عامر بالأوبئة التي انقرضت في العالم كله..!   لقد أحدث "كورونا" بالبشرية، نفسيا، أشد مما فعلت غيره من الكوارث والأوبئة بسبب هذا الانفتاح المعلوماتي الذي حول العالم إلى قرية صغيرة.   الخلاصة: وسائل التواصل لها ميزات وفاعلية كبرى في أمور كثيرة؛ لكنها في نظري تعد أحدى أوبئة هذا العصر ولها ضحاياها أيضا!.   أما لماذا لا نستفيد من هذه المواقع في بث الأمل والتخفيف عن البشرية؟؛ فالراجح هو عشق الإنسان لكل ما يخيفه ويرعبه!.. العادة المحببة لنفسه في المبالغات، وترديد المقولات والإشاعات، وتحويل الحبة إلى قبة كبيرة..!!