الجمعة ، ١٩ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠٥:٠٧ صباحاً

عصر الانقلابات

إلهام الحدابي
الجمعة ، ١٧ أغسطس ٢٠١٢ الساعة ٠٩:٤٠ مساءً
أعجبت بتعليق أحدهم على موضوع مقارنة قرارات مرسي الجريئة مقارنة بقرارات هادي الهادئة،قال بأنه ثمة فروق يجب أن توضع في الحسبان قبل أن نبدأ مسلسل المقارنات، فمرسي يقف على دولة عرفت معنى دولة منذ زمن، وبالتالي فإن قراراته ستنفذ بفعل الوعي العام لدى المجتمعات التي تعي ما معنى دولة، بينما هادي تسلم دولة هلامية تغوص في الكثير من التفاصيل والمصطلحات التي يرددها معظم أفراد المجتمع بشكل عشوائي دون وعي حقيقي بها.

التحديات
الكثير من التحديات تكتنف المشهد اليمني في المرحلة الراهنة، فثورة اليمن تجابه بعدة ثورات مرتجعة منها ما هو إيجابي ومنها ما هو سلبي، فالسلبي منها هو القائم على مبدأ التفرقة على أساس مذهبي أو حزبي أو مناطقي، ومثل هذه الثورة تهدف لوأد الثورة بطرق تقليدية ولكن بطابع جديد، أما الجانب الإيجابي فيتمثل بثورة الوعي التي بدأت تفتح أذهان الشباب على أسئلة شتى، تدفعهم لأن يعيدوا حسابات توقعاتهم ويعملوا من اجل الوصول بثورتهم إلى أهدافها التي يرتأونها.

من ضمن تلك التحديات، تحديات متصلة برئيس الجمهورية بشكل مباشر، باعتباره أحد نجاحات الثورة وفق المبادرة الخليجية، ويرقب المجتمع اليمني بأطيافه قرارات الرئيس هادي بنوع من الحذر والارتياح، فبعضها كان مؤلماً لبعض الفئات الثورية -التي وافقت على مضض فكرة وصوله للرئاسة- بعض تلك القرارات مرتبطة بالتجاهل أو بالتأجيل المتعمد لقضايا القتل الممنهج الذي مورس ضد المعتصمين في فترة سابقة، وأما تلك التي قوبلت بارتياح كبير كانت مرتبطة بتحدٍ حقيقي للرئيس هادي، وأهمها قرارات الإقالات العسكرية.

الخطر الأكبر
في المرحلة الحالية يعد الخطر الأكبر الذي يجابه قرارات الرئيس هادي هو الولاء الشخصي الذي بنيت على أساسه فرق عسكرية بكاملها، وبالتالي بمجرد أن يأتي أي قرار يمس هذه ( الشخصية المقدسة)- لأولئك العوام الذين جعلوا أوطانهم مجرد أفراد- يجابه بانتفاضة حقيقية تعرقل سير وتنفيذ تلك القرارات مما يستدعي تدخل أطراف خارجية كما حدث في الفترة السابقة عندما تم استدعاء بن عمر من أجل المساعدة في تنفيذ قرار رئاسي!

المشهد الجديد القديم
للأسف لا يزال نفس المشهد يتكرر ولكن بسيناريوهات مختلفة، ففي الأمس القريب يتم إقالة محمد الأحمر فتستقيل قبله الألوية التي تدين له بالولاء العام، واليوم يتم تكرير نفس المشهد بشكل هزلي بمحاصرة وزارة الدفاع لتحصل اشتباكات ويتم تبادل إطلاق النار بشكل مستفز، وكأن بطل المشهد يريد خاتمة بطولية لشخصيته العظيمة!

يبدو أن اليمن الذي اعتاد طيلة حياته على لغة الثورة وانقلاباتها يشهد فصلاً جديداً من حقبه القديمة، غير أننا في العصر الحالي نراهن على العقل الواعي الذي يتمتع عدد لا بأس به من اليمنيين، ومثل هذا الوعي هو الذي يمكنه أن يوقف المشاهد الهزلية ليعيش واقعه بالتفاصيل التي يريدها الشعب لا بعض الأفراد.