الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٣٠ صباحاً

بين حميد والعميد ... من المستفيد .. ولماذا التصعيد !!!!

د. أحمد عبيد بن دغر
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
ما حدث بين العميد على حسن الشاطر .. والشيخ حميد الأحمر ..
يمكن أن يحدث بين أي شخصين آخرين .. في أي مكان من الكرة الأرضية ..

فمن الذي لا يصطدم يوميا بالمنغصات الحياتية ..
التي إن لم يكن سببا أو شريكا بإثارتها .. يستدرج أليها ..
شاء أم أبى ..

فسلوك الإنسان يحكمه الفعل ورد الفعل ..
وتتميز ردود الأفعال الإنسان بالتنوع لتعبر عن نفسها بـ ( التسامح .. التسامي .. ضبط الإنفعالات .. المصارحة والمكاشفة الهادئة ) ..
كما قد يصدر عنها فعلا يوازي الحيثيات التي أثارته ..
ليظل (هذا الفعل .. والفعل المضاد ) منسجما مع الطبيعة البشرية ( المقبولة ) .. والتي لا تخالف المعطيات العقلية والنقلية .. بضوابطها القيمية الذي قد يسيطر المرء فيها على تهوره ..
فيصدق عليه القول : ( والكاظمين الغيظ ،والعافين عن الناس ، والله يحب المقسطين )
أو يخرج عن نطاق هذا التحكم المثالي بإرادته ..ليتعامل بحدود ( وإذا عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم ) ...
وذالك طبعا شريطة الإحتكام إلى سلطة التقاضي ..لضبط وتنظيم الحقوق المدنية .. التي لا يجوز إخضاعها للعواطف الذاتية ..
ليصبح طلب الإنصاف حافزا للانتقام ..
والدخول في مباراة لإستعراض العضلات ..
لإثبات القدرة على الإنتصار للذات ..

أما حين يصبح منطق القوة هو الحكم .. يكون السلوك قد تجاوز الطبيعة الإنسانية واكتسب نزعات الكائنات الأدنى ..
والتي تفتقر إلى ( مرونة التنوع ) لتنحصر في :
التحفز للمقاتلة ...
تكشير الأنياب ..
التلويح بالمخالب ..
بالنسبة للكائنات المتوحشة ..
والإستسلام للأنواع الأليفة ..
أو الهروب خوفا من الإفتراس بالنسبة للحيوانات الضعيفة ..

والمعروف أن اللجوء إلى القوة لا يصدر عن شجاعة ولا ينم عن رجولة ..
وهي حقيقة يقرها الحديث الشريف :
(( ليس القوي بالصرعة وإنما القوي من يملك نفسه عند الغضب )) ..

وبتطبيق ما سبق على مكالمة الشيخ حميد الذائعة الصيت :
دعونا نستند إلى ( حسن النية ) .. فنلتمس للشيخ حميد سبعين عذرا ..
فنفترض أن جهله بطبيعة المهام الصحفية قد دفعه إلى الإعتقاد أن :
(( رئيس التحرير لأي صحيفة ليس أكثر من غربال لفلترة كل شاردة وواردة تنشر على صفحاتها )) ..
وهو في ذالك لا يدرك أن هذه المهام تتكامل فيها جهود فريق عمل .. ومع هذا تظل هوامش الخطأ والصواب واردة ..
فنحن بشر ..
وانه حتى التوقع المثالي بإخراج مطبوعة خالية كليا من الملاحظات الشائعة ..
لا يمكن أن يعفيها من التفسيرات الغير مقصودة ..
والتي يلتقطها القارئ فيحملها ما لا تحتمل ..
لذالك قيل :
وعين الرضا عن كل عيب كليلة
.....
لكنها في السخط تبدي المعايب

وفي أحسن الأحوال .. فأن علم الإتصال يشدد على تآزر الحواس المعرفية الخمس لتشكيل رؤية ذهنية مكتملة عن الرسائل التي نستقبلها من مصادر الإرسال المباشر ..
_ دون تحريف _ ...
وهو ما يستحيل تحقيقه في العمل الإعلامي عموما ... والصحفي خصوصا ...
(( وأظن أن زملائي الإعلاميين والصحفيين يتفقون معي هنا )) ....

لذالك يضل السلوك المتحضر ( والذي يتصف بالروية ) للوصول إلى إستنتاجات عقلانية .. أو التواصل المباشر لإستجلاء الحقائق .. كفيلاً بإزالة أي ملابسات خاطئة ..
لندرك أهمية القاعدة الإيمانية (( واجتنبوا كثيرا من الظن .. إن بعض الظن إثم )) ..
أو الإرتفاع إلى مستوى التفاهم الحضاري ..
(( بالمعاتبة وقبول الإعتذار )) ...

وذالك هو الإنطباع الذي ارتسم في مخيلتي .. كخلاصة لمتابعة الخلاف الطارئ بين ( العميد وحميد ) ..
والذي توقعت حسمه بإطلاع المعني بالأمر ـ أن وظيفة رئيس تحرير صحيفة وبحجم 26 سبتمبرـ مضاف إليها الأعباء الوطنية التي تضطلع بها ( إدارة التوجيه المعنوي ) والتي تعادل ( الإعلام .. الثقافة .. التربية والتعليم ) تحتم القبول بعدم تعمد الإساءة .. والإكتفاء بالإعتذار .. أو طلب رد الإعتبار ...
وكفى الله المؤمنين شر ( التهديد والوعيد ) ..

فإذا بزوبعة التصعيد .. ودخول أكثر من طرف على الخط .. يذهب بنا إلى ابعد من ( ردود الفعل .. أو مجرد سوء الفهم ) ..
ليتجلى المشهد كاشفا المستور ...
وتتجمع خيوط الإستهداف المقصود ...
الذي لا يفرق بين التنازع القانوني والخلاف السياسي ..
فيوظف الأول في خدمة الثاني ..
ليؤكد حقيقة أن إستهداف العميد الشاطر لم يأت من فراغ ..
وان بداياته ليست طارئة ( كما كنت أتوقع ) ..
ولا حالة عرضية ـ بل متعمدة ـ .....
تداولها خطاب سياسي تصعيدي ..
وبلغة التهديد المعتادة ...
لإسكات كل صوت وطني لا يصب في رصيد القوى الشمولية .. للإستحواذ ( في المحصلة ) على الساحة السياسية / الإعلامية دون غيرها ..

فإرتباط الشاطر بصحيفة 26 سبتمبر (( كصرح وطني شامخ .. ومعلم ثقافي وإعلامي متميز )) .. تجعله هدفا .. توقع مفتعلوا التصعيد أنه سهل الترويض والتطويع ..
لعلمهم أنه شخص مسالم ..
وانه إضافة لذالك إنسان بسيط لم يولد وبفمه ملعقة من ذهب ( كما هو حال البعض ) ..
وإنما ناضل وكافح ليشق طريقه بجهوده الإستثنائية وإرادته الصلبة ..
ومن تابع مشواره لا يملك إلا أن يشهد له أنه نحت في الصخر .. ليحقق ذاته ويصنع نجاحاته ...
فهو شخص عملي ...
أثبت جدارة أهلته لثقة القيادة السياسية ...
وأكسبته إحترام كل من يتعامل معه ...
ولأنه كذالك فقد حرص على العمل بصمت .. والإبتعاد عن الإثارة .. أو الإصطدام مع الآخرين .. فإستطاع بشخصيته المتواضعة ـ الخدومة ـ أن يعزز مكانته .. بالتكيف مع الجميع ..

وصفات كهذه قد توحي للبعض بأن هذه المكانة هشة .. وليست أكثر من هالة مصطنعة .. غير قابلة لمواجهة التحديات ..
فإما أن تهادن وتستسلم للضغوط !!!
أو يفقد صاحبها خاصية التميز !!!
بالتعايش مع تقلبات الطقس السياسي .. لرفد النجاح الوظيفي ..
فإذا اضطربت هذه المعادلة أختل التوازن ..
فعليه الاختيار ..
وبيده وحده القرار ..

والقرار الحكيم الذي يستحيل على أي شخص آخر .. يستدرج إلى موقف صعب كهذا الذي استدرج إليه الشاطر ( عدم إتخاذه ) هو :
((( الانحناء للعاصفة )) ...
فالمعركة غير متكافئة في مواجهة قوى ظلامية .. وظفت ثقلها ضده .. فما لم يساوم فسيخسر الرهان ..

والحقيقة الجلية هنا أن الهدف الإستراتيجي من مهاجمة رئيس تحرير 26 سبتمبر يتعدى ( حرية النشر ) و( حق الرد ) ..
كما يروج بعض الممجوجين والمتربصين ...
ليتحول العتاب إلى تصفية حساب ..
وهو ما اعتدناه من مدمني الإرهـــاب !!!

والذين تضيق صدورهم لسماع صوت مضاد .. فيستنفرون قواهم لإلغاء حرية الرأي .. واستئصال مشروعية الاجتهاد ..

لنشهد حملة ممنهجة ضد العميد الشاطر .. وصحيفة 26 سبتمبر ..
والذي عليه أن يختار بين (حكمة الصمت فالسكوت من ذهب ) ..
أو القبول بالتحدي.. والإستعداد لان يدفع حياته ثمنا لهذا القرار ..
فالبارود والرصاص كفيل بالخلاص .. ممن خانته الحواس .. فصورت له ان القوانين يتساوى فيها كل الناس ..

فتبادل أدوار ( الحملات الدعائية المكثفة ) ..
وإستنهاض الأحقاد القديمة ..
وتحويلها إلى مادة للتشهير الإعلامي ..
والإتهامات القضائية ( الكيدية ) ...
واستدعاء طابور المدد الغوغائي .. والذي لن يكون ( المحامي علاو ) ومؤسسة ( هود ) آخرها ..
كل ذالك : تداعيات لحرب نفسية مكشوفة .. تجمعت خيوطها لإثبات الإستهداف المقصود .. لكل ما يمثله العميد الشاطر ..
لهذا لم تفرق بين الخاص والعام ..
ووظفت الأول في خدمة الثاني ...
وخيل لهاأنها ضربت بحجرة واحدة عصفورين ...
لكنها في الأخير _ وبلا شك _
((( ستعود بخفي حنين ))) .