الجمعة ، ٢٦ ابريل ٢٠٢٤ الساعة ٠١:٤٨ صباحاً

من ينصف القاضي من الطاغي ؟

د. أحمد عبيد بن دغر
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً
انه رجل .. وقلما يبكي الرجال ‏
انه قاض .. والقضاة لا يبكون ..‏
ولا تتأثر أحكامهم بدموع الآخرين ..‏
ولهذا قيل ( يخسر دموعه من يبكي أمام القاضي )‏
وليس ذلك فحسب .. ‏
انه عضو مجلس نواب أيضا ..‏
كفل له القانون تمتعه بالحصانة ..‏
ورغم كل هذه المؤهلات الحديدية ..‏
التي تنبئ عن شخصية قوية ، وعيون جافة ..‏
‏ فقد اغرورقت بالدموع عينا القاضي احمد سيف حاشد
لم تكن دموعه نتاج ضعف شخصية ‏
أو تأثرا بموقف عاطفي ‏
أو تقطيع حبة بصل ‏
أو تعرضه لغاز مسيل للدموع
لا شيء من ذلك كله أو ما شابه ..‏
فما هي الحكاية بالضبط ؟
الحكاية يا أبناء وبنات اليمن السعيد ( سابقا )..‏
أن ثلة من الحقوقيين والصحفيين والمثقفين .. ‏
اعتصموا أواخر رمضان أمام مقر المخابرات القمعية.. ‏
المسماة زورا وكذبا (الأمن السياسي) ..‏
وما هي في حقيقة الأمر إلا ( الخوف السياسي )..‏
اعتصمنا من اجل معرفة مصير الناشط (علي الديلمي )‏
الذي خطفته المخابرات من مطار صنعاء.. ‏
فتم اقتياد القاضي حاشد إلى داخل مقر السياسي
بحجة انه مندوب عن الحاضرين للتخاطب مع القادة ‏
وعلى مدى ساعة تقريبا ..‏
والمعتصمون ينتظرون خبرا سارا عن لقاء القاضي بالطغاة ..‏
فعاد إلينا القاضي خاليا حتى من ( خُفي حنيش ) ‏
و(راجح حنيش ) هو المسئول الثاني في الأمن السياسي ‏
والذي كنا نؤمل أن يقابله القاضي حاشد.. ‏
لكن القاضي عاد بعيون مملوءة بالدموع .. ‏
أتعلمون السبب ؟
يا عيييييباه ! وهل هناك من يجهل السبب ؟؟
لقد انتهك ضابط وجنود المخابرات كرامة القاضي..‏
ورغم معرفتهم بمكانته وحصانته ..‏
لكنهم أوسعوه سبا وهزورة وربما ضربا ..‏
لم تمنعهم حرمة أواخر الأواخر من انتهاك الحرمات..‏
لم يمنعهم وجود أهل الصحافة والرقابة الحقوقية ..‏
من ممارسة هوايتهم المفضلة في إيذاء خلق الله ..‏
كانوا يمتهنونه ونحن نظنهم يحاورونه..‏
كانوا يمسحون بحصانته ارض الزنزانة ..‏
ونحن ننتظر كالأطفال عودة الأب بالحلوى ..‏
لكنه عاد بالمرارة والقهر ..‏
فبكى وحق له البكاء ..‏
وما كان بكاء الضعف أو الخوف..‏
لقد بكى لأنه أدرك فاجعة الوطن ..‏
وأحس بسطوة شر الأجهزة البوليسية ..‏
بكى لأنه شعر بالهوان رغم كل حصانته ‏
فأيقن بأن المواطن اشد هوانا وذلا ..‏
بكى لأنه قال في نفسه :‏
إذا كنت أنا أجد كل هذه الإساءة ‏
فكيف بالمواطن المسكين ؟!‏
فأينا لا يبكي إن هو وقف في موقفه ؟!‏
لقد رأيت بأم عيني دموع عينيه ..‏
ولهذا أقول لوزير الداخلية ولرئيس جهاز المخابرات.. ‏
كما قال لهما حاشد في مجلس النواب : ‏
أنتما كاذبان !‏
لأنهما أنكرا حدوث أي إساءة للقاضي !!‏
ومن ينفي حدوث الإساءة هو كاذب بامتياز..‏
ولا يمكن لنا أن نصدقهما ونكذب أعيننا ..‏
فأعيننا رأت عيون القاضي حاشد رأي العين . ‏
بينما كانا يرفلان في حلل الراحة والاسترخاء في بيوتهما ..‏
فيما نحن والقاضي نشارع ونبرطع من مكان إلى آخر..‏
ختاما .. ‏
على مجلس النواب أن يواصل مساءلته للمسيئين
وأن يكون صارما في معاقبتهم حتى لا تبقى ( الحصانة )‏
في مفهوم هؤلاء الظلمة مجرد ( حصانة )‏
أي زوجة ( الحصان الحاكم ) ..
الذي لا يُسأل ولا يُساءل فيما ضرب زوجته !!‏

تنويه ‏
‏ ‏
دأبت صحيفة تافهة على نشر كتابات مسفة منسوبة إليّ..‏
وإذا قال ( العشملي ) فكذبوه ..‏
‏ فإن الكذب كان عشمليا !‏ .