الخميس ، ٢٨ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٠:٠٧ مساءً

في قيام 'دماج' بوظيفته، وفي عدم عدالة مُحاكمة 'عبد الهادي'

د. أحمد عبيد بن دغر
الخميس ، ٠١ يناير ١٩٧٠ الساعة ٠٣:٠٠ صباحاً

يحضر أداء نقابة الصحفيين في التلقي الغالب لأعضائها، أو المهتمين الآخرين، ضمن دائرة الامتعاض، والنقد بصيغ مختلفة، وخصوصاً فيما يتعلق بقيامها بوظائفها الأساسية، سواء تلك التي تخص مسالة حماية أعضائها من الانتهاكات، والتعسفات، التي قد يتعرضون لها بسبب الرأي. أو قيامها بدور ضاغط، وكافي، لضمان الحقوق المختلفة لأي عضو فيها، وبالتالي عدم وقوعه فريسة لأي تعسف يمكن أن يتعرض له، من أي جهة كانت ( سياسية، أمنية، وظيفية، نافذة... الخ )، بشكل يطال قدرته على استعمال حقوقه القانونية الأساسية، ويفرزه في موقع ضعيف أمامها!!. وهو امتعاض له علاقة أصيلة بفهم الجميع لدور النقابة، والقصور الذي ينتاب تنفيذها له. ضمن فهم يؤكد على أن جزء أساسي من وظيفتها، يجب أن يعمل على تحييد التقديرات الذاتية المتعسفة، من أي جهة كانت، لفعل الصحفي، وتوفير مناخ مُحايد، وغير مُتحيز، لا يُعطل مُسألته في حال كان مخطئاً، ولكنه يحميه من الاستقواء والتنكيل، ويحمي حقه في الدفاع عن نفسه.
إن تقدير صوابية أي فعل، يقوم به أي صحفي، من عدمها، سواء تعلقت برأي، أو خلاف وظيفي، أو غير ذلك، يجب أن لا تُعرضه لانتهاك يطال الحماية التي توفرها له حقوقه الأساسية كمواطن وكصحفي، وهي المنصوص عليها بالدستور، والقوانين المحلية، والشرعة الدولية لحقوق الإنسان المصادق عليها من قبل بلادنا. وهي حقوق تُمنح له بغض النظر عن جرمية فعله، إذا كانت قائمه أو لم تكن، فهي بالأساس تحمي حقه بالدفاع عن نفسه، والحصول على فرصه متكافئة مع من يُخاصمه، بشكل يجعل من تحمله لنتائج ما قام به "عادلاً"، وغير مطعون به. مما يُمكنه أيضاً، من تعطيل أي دور ضاغط، أو تعسفي، أو مهين، أو غير قانوني، قد يلعب ويساهم بشكل فعلي في أضعاف موقفه، في حال كان غير مُداناً بالحقيقة فيما هو مُخاصم به!!؟.
ويبدو لي أن ما قام به مروان دماج، رئيس لجنة الحقوق والحريات في نقابة الصحفيين، في ما يخص "المخاصمة" القائمة بين صحيفة الأيام، والزميل عبد الهادي ناجي مُراسلها السابق في تعز، لم يُغادر الموقف المُفترض منه، والمطلوب بشده، كمسؤول منتخب من زملائه لتمثيلهم والدفاع عن حقوقهم، فيما يخص تفعيل الحمايات المتوفرة لهم قانوناً في علاقتهم بأي جهة كانت، أو حتى فيما بينهم، في حال الخلافات في الرأي، أو لأي أسباب وظيفية ومالية. خصوصاً أنه في هذه "المُخاصمة"، توفرت مُعطيات متعددة وواضحة، تدل على وجود " تعسف " طال الحقوق الأساسية لـ عبد الهادي ناجي، وهي حقوق مُقره له، بغض النظر عن كونه "سرق" أم لا، وفق ما تدعي عليه صحيفة الأيام. ويؤدي انتهاك هذا الحقوق، واللبس والغموض الذي طال فرصة تحصله عليها، والقدرة على استخدامها لأسباب مجهولة، للشك العميق في عدالة المحاكمة التي نالها، مع التأكيد على احترامنا الكامل للقضاء، كمؤسسة يُفترض أن تحمي العدالة والقانون. وهو شك تعزز بمجموعة ملابسات، يدرك أي فرد في بلادنا، لما لها من علاقة بفطنة اليمني وإدراكه لما هو عليه وضع النظام والقوانين في البلد، وخصوصاً فيما يتعلق بأداء مؤسساته، من جهة تنفيذها للقوانين، وحمايتها، دون أي تمييز، وبكفاءة وإنصاف كما يُفترض ان تفعل وفقاً لما هو مُناط بها. حيث لم يسبق أن كان القضاء باتاً، وسريعاً، كما هو متواتر في حكايات الناس وتجاربهم معه في كافة مناطق بلادنا جنوباً وشمالاً، في مُعالجة القضايا المطروحة أمامه، بسبب العديد من المشاكل التي يُعاني منها، أو يتعرض لها، لدرجة أن يُنجز إجراءات التقاضي كلها، مع الحكم الابتدائي، في أي قضية، خلال ثلاثة جلسات فقط، وفي فترة زمنية لم تستغرق حتى نصف شهر، إلا إذا كانت هناك قوة ما، سحرية وخفيه، تقف خلف هذا الفاعلية الخارقة. مع العلم أن هذه القضية ذات بعد مالي وتجاري، وتستدعي وقتاً أطول كما هو معلوم. وقت كافي يُفترض به توفر محاسبيين مُعتمدين من المحكمة، ومقبولين من أطراف القضية، يقومون بالتدقيق في الحسابات، ومُراجعتها بشكل جيد، وفي وقت كافي لأداء مهمتهم على الشكل الأمثل، لتقديم رأي واضح ودقيق للمحكمة بخصوصها. هذا طبعاً إذا تجاوزنا تعسفات أخرى طالت عبد الهادي، وحقوقه الأساسية، مثل عدم وجود مُحامي للدفاع عنه في المحكمة، وهو شأن غريب فعلاً لا ادري كيف تم القبول به، مما عرض حقه الكامل في الدفاع عن نفسه لانتهاك واضح، وعزز من التقدير القائل بعدم عدالة الظروف التي أجريت فيها مُحاكمته. ناهيك أيضاً عن تغييب مسألة الاختصاص المكاني في المحاكمة، والذي يُفترض أن يكون محله تعز، كونها موطن إقامة المُدعى عليه، لا عدن حيث جرت المحاكمة. وهو ما يثير شكوكاً إضافية، تتعلق بان هناك تقديراً أخر، هو الكامن وراء سبب نقل مكان المحاكمة، عبر عنه مروان دماج، بكونه يتعلق بخصوصية مدينة عدن بالنسبة لخصم عبد الهادي، حيث تعتبر مدينة عدن منطقة نفوذ واسعة لصحيفة الأيام، ولمالكيها. وهو شان يُمكن أن افهمه (أقصد النفوذ المتأتي للصحيفة في عدن) بسبب توزيع صحيفة الأيام الهائل الحجم في عدن، بالإضافة إلى مختلف المدن والمحافظات الأخرى، حيث يمكن أن تصنف بالأولى فيها، وما يستتبع هذا الانتشار الواسع من شبكة علاقات اجتماعية وسياسية واسعة ومتعددة وقوية، مع كافة الجهات والمراتب النافذة في ذات المدينة، وأيضاً في خارجها. وهي جهات قد تقوم بإيعاز، أو دون إيعاز، بالضغط والتأثير على ظروف إجراء المحاكمة، مما يُهدد من عدالة الفرصة التي ينالها خصم الصحيفة، ويؤدي إلى حرمان المُدعى عليه عبد الهادي ناجي من استخدام حقوقه، وذلك ضمن رغبه منها -ربما- بـ"المجاملة"، وتسجيل نقطة لصالحها مع صحيفة مثل الأيام، عبر هذا الضغط والإيعاز المُفترض، بغرض حماية ذاتها، من أي تعريض لاحق قد ينالها بسبب أي خلاف، أو موقف، من هذه الصحيفة ذات الدور المهم في صناعة الرأي العام وتأليبه في الاتجاه الذي قد تعمل عليه في أي وقت!!؟.
إن شكل الاختطاف المخيف الذي تعرض له عبد الهادي من مدينة تعز، بغرض اقتياده "مُهاناً" و "مسلوب الإرادة" إلى موقع خصومه في مدينة عدن، يُنبئ بسلوكية مخيفه تعتمدها الجهات التي عمدت للدفع بجلبه عبر هذه الطريقة إلى عدن. وهو سلوك يُفهم منه استعراض القوة، والتباهي بالنفوذ، وبالتالي استبطان الرغبة بسحق نفسية عبد الهادي، وشل رغبته على الدفاع عن نفسه، تقديراً منه لانعدام الأمل أمام هذا القدرات الغاشمة!!؟.
وطبعاً لا يُمكن تجاوز "التعزير" الذي مارسته صحيفة الأيام، وبشكل يُعرضها لشبهه قانونية كما أظن (هذا إذا تجاوزنا عدم وجود أي قيمه من التنكيل بشخص بهكذا طريقة مُستفزه ومليئة بالإهانه، ان لم تكن له، فلـ أفراد أسرته، وأصدقائه)، حين عمدت لنشر صورة عبد الهادي ناجي في المحكمة، مع مانشيت عريض يوصفه فيه بعدم الأمانة، مع العلم بان هذا الحكم هو حكم ابتدائي، قابل للاستئناف، ولا يثبت تهمه نهائية عليه، ومازال يُمكن افتراض البراءة لـ عبد الهادي، مادام هناك فرصه للطعن بالحكم بغرض إثبات البراءة، أو تغيير وصف القضية ودرجتها. بينما كان ما قامت به صحيفة الأيام، يتعدى الإطار الخبري، ليقوم بالتشهير الواسع والمهين له ولأسرته، وتثبيت الحكم عليه بشكل نهائي واستباقي لقول القضاء النهائي لاحقاً، مما يُشكل برأيّ، ورأيّ الكثيرين من الزملاء، عقوبة إضافية تعرض لها، وبدون حكم قضائي يتيح لها ( أي الصحيفة ) مُعاقبته و " تعزيره " بهذا الشكل المُرعب والحاد فعلاً. وهو فعل يشبه تماماً أحكام " التعزير " التي تأخذ بها الشريعة الإسلامية في الفاحش من الجرائم، حين تُعلق المُدان - مثلاً - من قطاع الطرق في عمود بمكان عام للتشهير به، وجعله عبره للأخريين. ويبدو ان ما قامت به الأيام هو التعزير بـ عبد الهادي، عبر صلبه مُداناً - بتشهير أخلاقي فيه الكثير من التشفي المخجل والمُفرط - على صفحات صحيفة الأيام الأهلية ذات الرواج الشديد، والتي سيقرؤها بالطبع عشرات الآلاف من الناس. هذا بالطبع إلى جانب تلك العقوبات " الهائلة " التي تعرض لها، والتي منها تعويض وصل إلى رقم قدره ( مليون ) ريال. وأنا لا أتحدث هنا عن ما يُفترض أنها حقوق ماليه لمؤسسة الأيام على عبد الهادي، والتي تصل إلى أكثر من خمسة ملايين ريال، بل عن التعويض المالي التي تستحقه، إلى جانب حقوقها، وفق تقدير القاضي لطبيعة الضرر التي نالها بسببه!!.ناهيك عن مصاريف التقاضي التي يتحملها أيضاً، وتصل إلى مائة ألف ريال. وفوق ذلك كله، حكم بالحبس لعامين كاملين، وهو ما يُعد أقسى حكم يناله صحفي وفق أي تصنيف!!.
اخلص من هذا كله، ان هناك الكثير من الأسباب، التي تجعل من الموقف الاعتراضي الذي اتخذه مروان دماج، كرئيس للجنة الحقوق والحريات في نقابة الصحفيين، بخصوص ما يكاد يُجمع على انه انتهاك لحقوق عبد الهادي، وتعرضه لمحاكمة غير متوفرة بشكل كافي على شروط العدالة الملائمة بنظر العديد من الزملاء، والمنظمات الحقوقية، سليماً في العموم، مع إمكانية الجدل معه على تقييمه أيضاً. ولا يستحق الأمر، ان يتخصص الأعزاء، كتاب الصفحة الأخيرة من الأيام، بشكل يومي يُنبئك بان الأمر أشبه بوظيفة، للرد على " تخرصات " مروان، أو " مناطقيته "!!؟. ولا ادري بالفعل، ما " المناطقي "!! في اتخاذ موقف يرى ان هناك زميل تعرض لمحاكمة غير عادلة، وانتهكت حقوقه، وهو موقف لا يفترض أبداً ثبوت براءته من عدمها، تاركاً تقرير هذا الشأن لمحاكمة تجري وفق شروط عادلة. هذا بالطبع مع تأكيدنا بان هيئة تحرير الأيام، الصحيفة الليبرالية المحترمة، لم يكن يُفترض بها، أو يليق بها، قبول اللجوء إلى " الشتم " في حال الاختلاف مع احد، وهو الفعل الذي ورد في عمود ( أيام الأيام )، العدد ( 4973 )، يوم الخميس الموافق 21/ ديسمبر/ 2006م، من قبل " الدكتور "!! والكاتب هشام السقاف. و الذي وصف رأيّ - مجرد رأيّ، لا ادري ما المفزع فيه الذي قد يستدعي شتم الأخر - مروان دماج بـ ( الاستكلاب المقيت )، و وصفه بشكل مُهين وفج وغير مُبرر، بالقول بان له ( وجهاً مُخاتلاً وريحه نتنة تزكم الأنوف )!!!!. وأتمنى لا تستتبع هذا الآراء،والتحليلات السريعة، الواردة في هذا المقال، اتهاماً لي بالمناطقية، والقروية، سواء لكوني من " تعز "، مُحافظة المُدعى عليه عبد الهادي ناجي، أو لكوني فقط اختلف مع خصومه في مؤسسة الأيام للصحافة والنشر، في طريقة إدارتها للخصومة معه، وتشفيها الحاد فيه، وتشهيرها غير المقبول بسمعته قبل تثبيت الحكم عليه نهائياً. و أيضاً، في تقدير ما تعرضت له حقوقه من انتهاك، وحول عدم عدالة ظروف محاكمته، وليس في أصل براءته من عدمها، وهي المسألة المتروكة للقضاء ليقول كلمته الفصل فيها، بعد ان تتم تهيئة ظروف أكثر معقولية وعدالة مما تم سابقاً!!؟.