الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ٠٤:٢١ مساءً

في مؤتمر الحوار .. حضر الماضي وغاب المستقبل

ياسر عبد المجيد المقطري
الجمعة ، ٢٢ مارس ٢٠١٣ الساعة ١٢:٥٠ صباحاً

مقال: غاب عبد ربه عن المنصة .. وحضرت الشنط على الكراسي في مقدمة الصفوف .. تخلى المؤتمر عن المسئولية .. واكتفى الاشتراكي باللوم .. وصفق الحراك للانفصال .. وحمل الحوثي السبب أمريكا .. ولعب الناصري دور الضحية ..وطالب الرشاد بالشريعة .. وتمزق قلب الإصلاح على الشباب ..
حضر الماضي بكل آلامه،وغاب المستقبل بكل طموحاته ،حضر الخلاف بكل اشكاله،حضر الأموات وغاب الأحياء،حضر الشيوخ وغاب الشباب حضرت الجماعة والحزب والتيار وغابت اليمن .. حضر القتلة وغابت اسلحتهم،حضرت الخيبة وغاب الأمل.حضر المتحاورون ليناقشوا ماضيهم البغيض ويبرروا جرائمهم اللعينة حضرت الفوضى وغاب النظام حضر التعصب وغاب التعايش حضرت المدينة وغابت المدنية ،حضرت السلطة والمعارضة وغاب الشعب باختصار حضر الماضي وغاب المستقبل.. هكذا يمكن أن الخص الجلسة الأولى لمؤتمر الحوار من خلال الكلمات التي القيت.
دخل أحد الوعاظ احدى مساجد المسلمين ليلقي موعظة في المصلين ووضع كتابه في أحد زوايا المسجد وبعد القائه الموعظة واستعداده للمغادرة في ظل تأثر الحاضرين بها وإجهاشهم بالبكاء من شدة التأثر أخذ يبحث عن كتابه فلم يجده فقال : كلكم يبكي فمن سرق الكتاب ... ؟؟ كل المتحاورون مظلومين فمن الظالم كلكم ضحايا فمن الجلاد كلكم ناضلتم لأجل الوطن لكن الوطن الوحيد الخسران.
إن من يلعبون دور الضحية – وفق علماء الإدارة - هم أكثر الناس تسلط وديكتاتورية وأكثر من امتلأ تاريخهم بالسواد واقرءوا إن شئتم تاريخ كل المتحاورين بمختلف فئاتهم لسبعين سنة مضت من الآن فستنصدمون من هول التسلط والقهر الذي مارسوه كل بحق الآخر وبحق الشعب بشكل عام،فكل الذين يدَعون تمثيل الشعب في هذا المؤتمر- الا ماندر- كلهم عاشوا الماضي السيء بكل تفاصيله ومازلوا يتذكروه شاخصاً بين أبصارهم فهم بالأحرى لم يأتوا ليناقشوا المستقبل بل جاءوا ليبرروا لأنفسهم الجرائم ويذكر بعضهم بعضاً والشعب جميعاً بتاريخهم اللعين فماذا تتوقعوا أن يصنع أعداء ثورة 26 سبتمبر وفرقاء 78م ومجرمي أحداث 13 يناير وأغبياء صيف 94م.
أكاد اجزم أن كل الحاضرين لايمثلون حتى خمس الشعب والخمس كثير بل وصلت إلى قناعة من خلال متابعتي لكل تفاصيل وأحداث الجلسة الأولى بعد الافتتاح أن الكثيرين لايمثلون حتى أنفسهم علاوة على أن يمثلوا الشعب اليمني العظيم بكل فئاته وجغرافيته المترامية الأطراف،فبعض الحاضرون فقط حاضرون كأسماء في الورق وغائبون كأرقام في الميدان غالبيتهم مكونات هلامية سواء كانوا احزاب أو جماعات أو فئات أو غيره فكلهم يبكون على ليلى وليلى منهم براء.
لقد تنازعت البشرية من حين خلق الله الأرض ومن عليها على الماء والكلا (الاقتصاد)،وظل هذا التنازع والخلاف قائم إلى يومنا هذا مع اختلاف مسمياته،والله جلا جلاله حين قال (فليعبدوا رب هذا البيت الذي اطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) كان يعلم أن الناس ستتقاتل وستتنافر اذا لم تجد الماء والكلا ولن يسود الأمن إلا اذا أمن الناس على أقواتهم.... وهذه الحقيقة للأسف التي غابت وتغيب عن أذهان المتحاورين.
ماسلوا صاحب هرم حاجيات الانسان وترتيبها اكد بأن الحاجة للطعام والغذاء هي الأولى بين حاجات الناس فتنبه الساسة أن الاقتصاد هو من يجمع الأضداد ويخلق الأمن للشعوب فلو تأملتم للشعوب المتناحرة اليوم في مختلف الكرة الأرضية لوجدتم أنها تعيش الفقر والظلم وانعدام التوزيع العادل للثروة فالإنسان أول ما يبدأ يفكر فيه هو الماء والكلا (الاقتصاد) وبعدها يفكر بالمكانة الاجتماعية والسياسية والإيديولوجية فهل يستوعب هذا المتحاورون ؟فقط إبليس - أو من يسلكون نهجه - الذي حاور من أجل (الأنا) فاستحق بذلك اللعن والطرد من رحمة الله. إن كل من يحاور للجنوب فهو مخطئ وكل من يحاور لصعدة فهو مخطئ وكل من يحاور لحزبه فهو مخطئ وكل من يحاور للوطن هو الوحيد على الصواب.
الحوار يجب أن يكون كل نقاطه المطروحة تخاطب المستقبل وأفعاله بالمضارع لا الماضي فالشعوب الناضجة تحاورت في الماضي ونجحت اليوم لأنها تحاورت على اليوم ولم تتحاور على الأمس فالمستقبل وشكله وتفاصيله هو الذي يجب ان يحضر.
فحتى لايصير الحوار حوار الطرشان وينزلق الجميع الى دوامة الماضي يجب ان يتدخل رئيس الجمهورية والمجتمع الدولي والعقلاء في هذا البلد لإعادة المتحاورين الى جادة الصواب والا ستحل بنا الكارثة جميعاً لا قدر الله .