الجمعة ، ٢٩ مارس ٢٠٢٤ الساعة ١٠:١٧ صباحاً

المليشيا تتسلم الراية في تصعيدية "الجرعة"!

ياسين التميمي
الخميس ، ٠٤ سبتمبر ٢٠١٤ الساعة ٠٩:١٥ صباحاً
أمس الأربعاء، يومٌ تصعيديٌ جديدٌ في العاصمة صنعاء، بنكهة المليشيات، فقد غابت المظاهر السلمية، وتصدر المشهد المظاهر الاستفزازية للناس العاديين قبل السلطات الرسمية، ومظاهر كهذه لا يقوم بها سوى أناس أتقنوا الفعل المليشاوي، واكتسبوا خبرة أمنية، مما يجعل من مظاهر التقطع للطرقات في العاصمة انعكاساً لخبرات أجهزة النظام القديم والدولة العميقة، ومحاولة يائسة لجر البلاد إلى مربع العنف والاحتراب.

لقد أحسنت السلطات صنعاً بعدم الالتفات إلى مثل هذه الأعمال الاستفزازية، والتي لو كانت حدثت في أي يوم من أيام ثورة الـ11 من فبراير 2011 لكان العشرات قد سقطوا بين قتيل وجريح.


في كل تقاطع أو شارع رئيسي، توزع العشرات من الأفراد غير المسلحين تساندهم سيارات، وقاموا بقطع الطرق ومنعوا الحركة في الشوارع، وأوجدوا حالة جديدة، سماها الحوثيون وزعيمهم" مزعجة". وهي في الواقع استنساخ لما شاهدناه في 24 أغسطس/آب 2011، وفي 11 يونيو/ حزيران 2014، أي أنها عمليات أمنية بالأساس، وتعتمد أسلوب إرباك الشارع وتقطيع أوصال المدينة..

نعم نحن أمام تصعيد تسلم فيه المليشيا الراية، وتنهي دور الشعب والإرادة الشعبية، التي دائماً تتجلى في شكل اعتصامات ومسيرات سلمية، وتحرص على عدم إلحاق الأذى بالآخرين، وما حدث اليوم كان يُراد له أن تشكل فخاً تُستدرج إليه قوات الأمن والجيش، بما يدفع بالقائمين على هذه الأعمال التصعيدية إلى الإيعاز للمسلحين المخيمين في محيط العاصمة بالتحرك إلى المدينة للدفاع عن (الثوار).


لقد مضى هذا اليوم التصعيدي بسلام، وعلى الذين نظموا هذا التصعيد، أن يعيدوا التفكير في المآلات السيئة لمخططاتهم، والتي لن تكون صنعاء في تقديري لقمة سائغة، كما لن تكون الدولة والجمهورية لقمة سائغة أيضاً..

إن الذين يعتقدون أنهم يقوضون ثورة 11 فبراير 2011، ويقومون بإحلال ثورة جديدة باستحقاقات جديدة، بديلة عن تلك الثورة واستحقاقاتها، ذهبوا بعيداً في طموحهم، فاتفاق التسوية السياسية الذي أنتجته ثورة فبراير 2011، أو على الأقل كان أحد ثمارها، بات جزءاً من اهتمام المجتمع الدولي، وتأسس على شرعية دولية يمثلها الاتفاق وآليته التنفيذية والقرارات الـ3 الصادرة عن مجلس الأمن، بما فيها القرار الأخير رقم 2140، بشأن معرقلي التسوية، والذي صدر تحت البند السابع.

لقد خرج اليمنيون بالملايين في مسيرات واحتشادات الاصطفاف الوطني، وقدموا رسالة قوية، ألا أحد بوسعه الادعاء بتمثيل الإرادة الشعبية، وتمرير مشاريعه الخاصة باسمها، وتقويض مكاسب الشعب، باسم الثورة الجديدة..وهذا يجعل الحوثيون ومن يدعمهم في مواجهة الشعب اليمني والعالم، وهي مواجهة مكلفة وليست نزهة.

لا أعتقد أن إسقاط جرعة تحتاج إلى ثورة، هذه مبالغة زائدة عن الحد وشطط لا يبرره إلا إصرار إيران، على اللعب بالورقة اليمنية في سياق الصراع الإقليمي الذي تتجلى مظاهره بشكل خاص في العراق وسورية.